الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك)

 

جواب سؤال:

هل الإيمان يزيد وينقص؟

 

إلى الواثق بنصر الله 

 

 

 

السؤال:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أرجو منك الإجابة عن سؤالي وهو "هل الإيمان يزيد وينقص؟"
وأريد أن أضيف إليه سؤالاً آخر تابعاً له وهو: "هل الإيمان يتفاوت من مؤمن إلى آخر"؟)

 

 

الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


1- الإيمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل، والتصديق الجازم يعني القناعة القاطعة التي لا تحتمل ريباً ولا يتطرق إليها شكّ، وهذا هو المعنى اللغوي نفسه للإيمان أي التصديق الجازم. والمطابق للواقع يعني أن الوقائع المحسوسة تصدقه ولا تناقضه، وحتى يكون تصديقا جازما ومطابقا للواقع لا بدّ أن يكون عن دليل مقطوع بصحته سواء أكان هذا الدليل: عقلياً أي نتيجة البحث العقلي في الوقائع المحسوسة كالبحث في المخلوقات المحسوسة للاستـدلال بها على الله سبـحـانـه خـالقـها، أو بالبـحث في كلام الله المنزل - القرآن الكريم - للاستدلال على أنه كلام الله سبحانه وليس كلام بشر، ومن ثمّ الاستدلال على أن (محمدًا) الذي جاء بكلام الله هو رسول من عند الله. أم نقلياً أي عن طريق النقل المقطوع به عن الله سبحانه في كتابه الكريم أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم في حديثه المتواتر عنه صلى الله عليه وسلم وذلك كالإيمان بالمغيبات والملائكة والكتب المنزلة سابقا والأنبياء السابقين واليوم الآخر والقدر خيره وشره، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) ويقول صلوات الله وسلامه عليه في حديث مسلم عن عبد الله بن عمر قال حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ... وقَالَ: يَا مُحَمَّدُ... فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»... ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ».


2- هذا هو الإيمان وهو بهذا المعنى مقابل للكفر، فغير المؤمن كافر قطعا وليس هناك نصف مؤمن ونصف كافر.


يقول سبحانه في مقابلة الإيمان بالكفر: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا)، ويقول سبحانه ( إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، ويقول جل وعلا: (وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ)، وآيات أخرى كثيرة في مقابلة الإيمان والكفر.


3- والإيمان بهذا المعنى الذي ذكرناه (التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل) لا يزيد ولا ينقص لأنه تصديق جازم، والجزم لا يكون إلا كاملا فلا إيمان بنسبة 90% ثم يزيد إلى 95% أو 100%، ولا يكون هناك إيمان 100% ثم ينقص إلى 95% أو 90% لأن هذا النقصان يعني عدم جزم أي شكّ وريب وعندها لا يكون إيمانا بل كفرا.


4- وحتى تكون الصورة واضحة نقول:


إن الزيادة والنقصان من الألفاظ المشتركة في اللغة تأتي بمعنى الزيادة الحدية والنقص الحدي أي في الاتساع والحجم، وتأتي بمعنى القوة والضعف، والقرينة هي التي تحدد أي معانيها هو المقصود، فإذا اقترنت الزيادة والنقص بالإيمان فإن الدلالة تكون من حيث القوة والضعف لأن التصديق الجازم لا يصحّ معه الزيادة الحدية أو النقص الحدي، وعلى هذا الوجه تفهم الآيات:


(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)


أي أن المؤمنين قد قَوِيَ إيمانهم واشتدّ بسبب هذه الأمور التي بيّنها الله سبحانه في الآيات السابقة. أي أن الإيمان يزيد وينقص بالطاعات والانضباط بالأحكام الشرعية وخشية الله، والجهاد في سبيله... كلّ ذلك لأن الإيمان بالمعنى الذي بيناه (التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل) لا تصح معه زيادة أو نقصان بالمعنى الحدي، وإلا كان غير جازم وانقلب إلى شكّ وريب وأصبح كفرا.


ومن الجدير ذكره أن (الإيمان) حيث ورد عَرِيّا عن القرائن كان مدلوله هو المذكور آنفا، وإن ورد بغير هذا المعنى فالقرينة توضحه، مثلا:
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) يعني صلاتكم لأن المسلمين بعد أن حولت القبلة نزلت الآية: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)، تطمينا للمسلمين أن صلاتهم السابقة جهة القبلة الأولى مقبولة ولهم أجرها. ومثلا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَفْضَلُهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَوْضَعُهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ»


ومعلوم أن عدم إماطة الأذى لا يجعل الإنسان كافرا ولذلك فالإيمان هنا يعني الطاعات لله بشكل عام.


نسأله سبحانه أن تكون قلوبنا مطمئنة بالإيمان، وأن نكون في أقوالنا وأفعالنا ملتزمين بأحكام الإسلام، وأن يحشرنا الله سبحانه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

 

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 

رابط الجواب من موقع الأمير


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع