الأحد، 11 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

سيادة الشعب فكرة كفر غربية، غريبة عن ثقافتنا الإسلامية وسيادة الشرع هي الفكرة الإسلامية التي يجب اعتناقها، والعمل على تطبيقها

 

إن وجود المجالس النيابية في دول العالم، ومن ضمنها لبنان، هو تجسيد في الواقع العملي، لفكرة سيادة الشعب، التي تطبق في جميع النظم السياسية القائمة اليوم. والسيادة هي تسيير الإرادة، فالشعب عندما تصبح السيادة له، فهذا يعني أنه بإمكان هذا الشعب أن يقرر بماذا يُحكم، أي تُعطى له صلاحية التشريع، وأن يعمل على تنفيذ ما قرر، من خلال ما ينتجه من سلطة، ولأن الشعوب لا تستطيع أن تجتمع لتقرر ما تريد، كانت هذه المجالس، بغض النظر عما تحمل من تسميات، من أجل تجسيد فكرة سيادة الشعب في الواقع السياسي العملي، والتي تنشأ من خلال اختيار الناس ممثلين لهم، يجسدون سيادتهم، والتي يتنازلون عنها (أو يفوضونهم) لمصلحة مجلسهم.

 

إن هذه الفكرة، هي فكرة كفر غربية، غريبة عن ثقافتنا الإسلامية.

 

أما أنها فكرة غربية، فهذه الفكرة نشأت كردة فعل على الظلم الذي كان يمارس على الناس من حكامهم في أوروبا، والذي كان يمارسه الحكام بالتحالف مع الكنيسة باسم الدين، وتحت شعار "الحق الإلهي"، وكان أبرز وجوه هذا الظلم، هو الناحية المالية، إذ كان تحصيل الضرائب وإنفاقها لا يراعى فيه إلا رأي الحاكم وأهواؤه، ولذلك كان من أهم أعمال البرلمانات، حتى في وقتنا الحاضر، هو إقرار الميزانية العامة، لأن من أهم مبررات هذه الفكرة، هو رفع الظلم الواقع على الناس، ولا سيما الظلم الاقتصادي، المتمثل بتحصيل الضرائب وكيفية إنفاقها.

 

أما أنها فكرة كفر، فلأنها تخالف العقيدة الإسلامية وأحكامها، إذ إن هذه الفكرة تقوم على أساس إعطاء حق التشريع للبشر، والذي يعني تحليلاً وتحريماً..، وهذا تعارض واضح، ونسف فاضح، لأهم أسس العقيدة الإسلامية، ولما ينبغي للمسلم أن يؤمن به، ويعمل على تطبيقه، ألا وهو أن المشَرِّع هو الله، وأنه لا يملك هذا الأمر أحد سواه، وأنه من مقتضيات شهادة التوحيد، {إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ}، وعدَّ القرآن الكريم التشريع من دون الله نوعاً من أنواع الشرك،


{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ}، الذي اتفق المسلمون جميعاً على حرمته، وعلى عظيم جرمه، وعلى كثير مفاسده، التي ينتجها في الأمم والمجتمعات، وما حدث ويحدث في العالم ليس منكم ببعيد، لذلك فالذي يملك صلاحية التحليل والتحريم هو الله وحده، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَٰذَا حَلَـٰلٌ وَ هَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ}.

 

وبما أنه لا يمكن أن نتحدث عن فكرة سيادة الشعب دون الحديث عن فكرة الحريات العامة، لأن هذه الفكرة تعتبر من مستلزمات فكرة السيادة لديهم، والتي لا يمكن العمل بها دونها، ففكرة الحريات العامة، والتي يعنون بها: حرية العقيدة، وحرية التعبير والرأي، وحرية التملك، والحرية الشخصية، هذه فكرة مخالفة لعقيدتنا ونصوصنا الشرعية، لأنه ليكون الإنسان حراً لا بد من توفر أمرين، الأول: أن يفعل هذ الانسان ما يريده هو، والثاني: أن لا يُحَاسَبَ على ما يفعل، وهذا ما لا يتوافق مع الإسلام، بل يناقض أساسه، ويعارض نصوصه، لأن جميع البشر، من وجهة نظر الإسلام، مطالبون بأن يلتزموا الإسلام عقيدة وأحكاماً، فإن لم يفعلوا، لا بد من محاسبتهم، في الدنيا أو الآخرة، فكان الذي يحدد خيارات الإنسان في حياته الدنيا هو الإسلام، وليس الإنسان. وبناء عليه فالمسلمون  ليس لهم حريات مطلقاً بهذا المعنى، بل هم يسِيرون وفق ما تريده الشريعة الإسلامية، حتى المباح إن فعل فذلك لأن الشريعة أباحته، وعليه فإن أعلى مرتبة قد يصلها الإنسان، ويجب أن يسعى إليها، هي أن يكون عبداً لله تعالى.

أما أنها غريبة عن ثقافتنا، فلأنها لم تظهر في مجتمعاتنا، إلا بعد أن انحطت الأمة الإسلامية، وابتعدت عن الفهم الصحيح لإسلامها، من أنه عقيدة تنبثق منها أحكام تعالج كافة نواحي الحياة، ثم ظهرت هذه الفكرة، نتيجة للغزو الفكري الذي تعرضت له الأمة في القرن التاسع عشر، والذي لا زال حتى اليوم، ولأن الأمة الإسلامية لم تعد تتخذ العقيدة الإسلامية مقياساً لأفكارها، فقد سهل على الكفار أن يحققوا نتائج باهرة بغزوهم الفكري هذا، وأن يجدوا في الأمة من يتجاوب معهم، ويقبل منهم، ويدعو لهم، ويسير في طريقهم المظلم، وساهم في ذلك آراء وفتاوى، ما أنزل الله بها من سلطان، فكانت هذه الفكرة غريبة عن ثقافتنا الإسلامية، ودخيلة عليها، ويجب علينا أن ننقي ثقافتنا منها، لتعود نقية صافية في أذهان أبنائها.

 

أيها المسلمون في لبنان:

 

إن الله قد حصر حق التشريع به فقط، أي أنه وحده له حق إعطاء الأحكام للأفعال والأشياء، وهذه الأحكام تستنبط من كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وما أرشدا إليه من أدلة شرعية، فكما هو واجب على المسلمين أن يفردوا الله بالخلق، عليهم أن يفردوه بالتشريع، إذ لا معنى لإفراد الله بالخلق دون إفراده بالتشريع، { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَْمْرُـ}، وفرض عليكم أن تسودكم أحكامه المنبثقة من عقيدتكم، لتحققوا سيادة الإسلام فيكم، ليس هذا وحسب، بل أوجب عليكم أن ترتاح نفوسكم، وأن تطمئن قلوبكم، فيوجد لديكم الرضا والتسليم لحكمه، {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِىۤ أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}، وقد حرم عليكم، أن تتحاكموا لأي شرع أو قانون، ما لم يكن منبثقاً عن العقيدة الإسلامية، وباجتهاد صحيح معتبر، وقد عدَّ القرآن إيمان هؤلاء المتحاكمين للطاغوت، عدَّ إيمانهم زعماً وكذباً،{أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُواْ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّـٰغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَـٰلاً بَعِيداً}.

 

إن الشريعة الإسلامية، وهي توجب عليكم أن تسودكم شريعة الإسلام، لم تبحْ أن يكون السلطان لكم وحسب، بل أوجبت ذلك، وفرضت عليكم بذل المهج والأرواح في سبيل استعادته إن سُلب منكم، فالسلطان هو ممارسة الإرادة فقط وليس تسييرها، فأنتم الذين تمارسون ما تريده الشريعة (سيادة الشرع)، فكل فرد منكم يملك حق ممارسة هذا السلطان، كلما اقتضت ممارسته، من خلال بيعتكم لمن يضع سيادة الشرع موضع التطبيق نيابة عنكم، وهذا السلطان لا يفتقده الفرد، ولا تتنازل عنه الأمة بالانتخاب، بل يبقى لها هذا السلطان ولو بايعت خليفتها، ويظهر سلطانها ساعتئذ من خلال محاسبة هذا الحاكم على مدى انضباطه بالأحكام الإسلامية، والنظر باستمرارية شروط الانعقاد متوفرة فيه.

 

أيها المسلمون في لبنان:

 

إن الله قد جعل السلطان لكم، وأنتم في هذا البلد تملكونه فعلاً، فأنتم من خلال ممارسته سوف تحددون وجه لبنان وخياراته، لذلك كانت كل الأطراف السياسية على مختلف ألوانها ومشاربها، تتسابق لنيل رضاكم، ولكسب أصواتكم، ولو كلفها ذلك المليارات من الدولارات، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أنكم أنتم أصحاب القرار، وأنتم من بيدكم الأمر، فعليكم أن تعلنوا بأصواتكم، أنكم تريدون لبنان، كما يجب أن يكون: بلداً إسلامياً، يعيش فيه المسلمون وغيرهم، تحت ظل أحكام الشريعة، التي تعالج مشكلات الإنسان بالوصف الإنساني، وليس بالوصف الطائفي أو المذهبي أو المناطقي، وثغراً من ثغور الإسلام، وأن المسلمين فيه، سواء أكانوا من أهل لبنان، أم من أهل فلسطين، هم جزء من الأمة الإسلامية الواحدة، وحماة لهذا الثغر من تدخل الكفار وعملائهم، فالواجب عليكم أن تكونوا سيوفاً تقطعوا أيديهم إن تجرأت عليه، لا أن تكونوا سيوفاً بأيديهم يقطِّعون أوصالكم وأوصال أمتكم.

 

أيها المسلمون في لبنان، سنة وشيعة

 

إن طرفي الصراع في لبنان، يقومون بالعمل السياسي على أساس واحد، هو العلمانية، أي فصل الدين عن الحياة وبالتالي الدولة، بكل ما تحمل هذه الكلمة من عداء للإسلام، فهم وإن تعددت ولاءاتهم السياسية، إلا أن عملهم السياسي يقوم على القاعدة الفكرية نفسها، فهم يشرعون من دون الله سوياً، ويحكمون بالكفر سوياً، ويعطون الثقة للحكومة التي تحكم بالكفر سوياً، ويتحالف كلاهما مع الكفار ويوالونهم، وينتخب كلاهما حاكماً غير مسلم ليحكم المسلمين،


{ يَـٰۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَآءَ+ـ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ×ـ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}، ويـقرون سوياً قانون الميزانية، بما فيه من فرض ضرائبَ غير شرعية، وإقرار للحكومة بالاستدانة بالربا...، فهم بنظر الإسلام طرف واحد، وخط واحد، سواءٌ أكانوا حليقي اللحى أم مطلقيها، يرتدون ربطات العنق أو يرفضونها، تعلو رؤوسهم العمائم أو القبعات الفرنسية، هم نهج واحد، وفكر واحد، وأدوات طيِّعة لأنظمة عميلة كافرة، فلا تغرنَّكم شعاراتهم، ولا تلهينَّكم عن عقيدتكم خطاباتهم، ولا تجعلوا لدغدغاتهم سبيلاً إلى نفوسكم، فالإنسان يحيا لتحقيق أهدافه وقيمه، وأنتم أيها المسلمون، أهدافكم وقيمكم التي يجب أن تسعوا لتحقيقها، قد حددتها لكم شريعتكم، وهذان الطرفان، لا يحملان أياً من قيم الإسلام وأهدافه الحقيقية، فانتصار هذا الطرف أو ذاك، هو خسارة حقيقية لكم ولدينكم وخذلاناً لنبيكم، الذي ما ارتضيتم أن تنال منه دول الكفر، فكيف تنالون أنتم منه بإقصاء شريعته عن الحياة بأيديكم.

 

إن انتصار هذا الطرف أو ذاك، خسارة لكم أيها المسلمون، لأن ما سيكون بعد الانتخابات، لن يختلف عما هو كائن فعلاً: نظام طائفي بغيض، يقوم على تقاسم الحصص والمناصب، التي لم تجرَّ عليكم سوى الدمار والخراب في حروب عبثية لا طائل من ورائها، إلا مصالح الذين يقفون وراء هذا الطرف أو ذاك، وآخر اقتصادي اسوأ من أخيه، وحياة ملؤها الخوف، وإن زينوها بثوب الحرية الفضفاض، الذي يحاولون أن يخفوا من خلاله جرائمهم المتكررة بحقكم، وأنتم لستم بحاجة لتذكيركم، فدماؤكم ما زالت تقطر من سيف هذا النظام الظالم، وسياطه لم تبرد بعد من حرارة أجساد أبنائكم، وصدى شتائمهم ما زال يتردد في آذانكم، وبعد كل هذا، يخرج المسلمون من سجونهم، بحكم محاكمهم، لا شيء عليهم، سوى آثار تعذيب وحشي، يوحي بأنهم لم يكونوا في عهدة بشر!.

 

أيها المسلمون في لبنان:

 

إعلموا أنكم عندما تنتخبون هذا الطرف أو ذاك، أو عندما تشاركون بهذه العملية الانتخابية على أساس ما وُضعت له، من أن الشعب له صلاحية التشريع، إعلموا أنكم تنتخبون من يريد أن يجعل نفسه نداً لله سبحانه، تعالى الله عن ذلك، تنتخبون من يريد أن يزاحم الله في أخص خصائص ألوهيته، وهو حق التشريع، فإن فعلتم، فأنتم مشاركون لهم في الإثم، واقعون معهم في الحرام، عصاة لله ولرسوله، تكادون أن تتخذوهم أرباباً من دون الله، ألم يقل عدي بن حاتم لنبيكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم  عندما سمع الآية الكريمة،{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ}، ألم يقل: "يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم"، فأجابه نبيكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: «بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم» (رواه الترمذي).

 

فلا تتخذوا دينكم أهواءكم، ولا يلفِتَنَّكم عن الحق، مبررات واهية، لا سند لها من الشرع، قد تطلق هنا وهناك،  تجيز أو حتى توجب، انتخاب الأصلح أو الأتقى، بحجة قاعدة أهون الشرين وأخف الضررين، التي لا مجال لإعمالها هنا، لأن فعل التشريع من دون الله هو فعل محرم بذاته، بغض النظر عن القانون الذي ينتجه هذا التشريع، فالبحث ليس في قانون العقوبات أو قانون أصول المحاكمات مثلاً، بل البحث هو في التشريع بحد ذاته، فإقرار مجلس نيابي معين حرمة الربا أو الزنى أو...،  بوصف هذا المجلس يمثل سيادة الشعب، هو حرام وإن وافق مضمون القانون أحكام الإسلام، وهو كإقرار أي قانون آخر يخالف الأحكام الإسلامية، لأنه تشريع من دون الله تعالى. فالتشريع فعل محرم، لا فرق أن يقوم به تقي أو فاسق، ما دام يقوم به على أساس سيادة الشعب، فلا شر أهون من شر، ولا ضرر أخف من ضرر في هذه المسألة، بل المسألة فعل واحد محرم، فلا يخفف من حرمته أن يقوم به تقي مثلاً، كما أن نقل الخمر فعل محرم، لا يخفف من حرمته أن ينقله شخصٌ ملتزمٌ بأحكام الإسلام، بل وإن أراد هذا المجلس أو ذاك، أن يشرع على أساس الإسلام، فليس ذلك له، لأن الخليفة وحده هو صاحب صلاحية إقرار الأحكام الشرعية قوانين ملزمة للأمة، وبذلك تسقط كل الحجج والشبهات، التي تجيز هذا الفعل. ففساد هذا النظام ليس آتياً من فساد الطبقة الحاكمة فيه وحسب، وإن كانوا هم فاسدين، بل من فساد فكرته، واعوجاج قواعده، وخضوعه لأهواء البشر ونزعاتهم في أساس نشأته واستمراره.

 

أيها المسلمون في لبنان:

 

إنكم اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تختاروا الإسلام، كما أراده الله لكم، عقيدة تنبثق منها جميع الأحكام التي تعالج كافة نواحي حياتكم، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإما أن تختاروا الكفر، كما أراده الكفار لكم، سيادة الشعب وما ينبثق منها من أحكام قاصرة، ومعالجات فاشلة، تزيد المشكلة بحجة علاجها. فهذه القضية المطروحة ليست قضية انتخاب، فالانتخاب أسلوب ولا شيء فيه بحد ذاته، والذي يحدد الموقف الشرعي منه هو موضوع هذا الانتخاب، فانتخاب من يمثلكم، ليعمل وفْق أحكام الشريعة، فلا يعترف بهذا النظام، ولا يشارك في التشريع، ولا يحاسب على أساس القانون الوضعي، بل على أساس الإسلام، ولا يعطي الثقة مطلقاً لأي حكومة تحكم بالكفر أو بغيره، لأنه لا يوجد قيادة جماعية في الإسلام، ولا ينتخب حاكماً مسلماً أو غير مسلم ليحكم المسلمين بغير الإسلام، فالانتخاب حينها لا شيء فيه، وهو جائز شرعاً، شرط أن يعلن المرشح ذلك على الملأ، لأن الانتخاب وكالة، فلا بد من أن يعرف الموكِّل من يوكِّل ولماذا.

 

أيها المسلمون في لبنان

 

آن لكم أن تقولوا لكل العالم، إن القاعدة الفكرية التي على أساسها نأخذ الأفكار أو نرفضها، هي عقيدتنا الإسلامية، لذلك فنحن نرفض فكرة سيادة الشعب، وإن مقياس الأعمال الذي نُقْدِمُ من خلاله على الفعل أو نحجم عنه، هو الحلال والحرام، لذلك فلن نقدم على انتخاب من يشرع من دون الله، ويوالي الكفار..، وإن أقصى ما نريده هو أن يرضى الله عنا، وهذا لا يتم أيها المسلمون، إلا بنبذكم لهذا النظام الكافر، وأولى الخطوات لذلك، هو رفضكم المشاركة في هذه الانتخابات الآثمة، ولكن ليس لتجلسوا بعيداً عن المجتمع وقضاياه، أو تصبحوا خارج الحياة السياسية، بل لتعملوا على إفهام المسلمين وإقناع غيرهم في هذا البلد، بأن المبدأ الوحيد القادر على حل مشكلاتهم حلاً صحيحاً هو الإسلام، ولأخذ زمام المبادرة من العلمانيين، الذين أفسدوا كل شيء بسياساتهم، وتسلم دفة السفينة، والتوجه بها شطر أمتكم، لتخوضوا معها بحر الحياة، بسارية العقيدة الحقَّة، وشراع الشريعة الغرَّاء، فتصلوا بر الأمان، وتوصلوا معكم العالم كله، المتخبط بأمواج سيادة البشر النتنة.

 

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ،ـ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِيناً}

 

 

التاريخ الهجري :6 من جمادى الأولى 1430هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 01 أيار/مايو 2009م

حزب التحرير
ولاية لبنان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع