الأربعاء، 22 شوال 1445هـ| 2024/05/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة مفتوحة من حزب التحرير تونس إلى: علماء الزيتونة الأفاضل الأئمّة الخطباء القائمين على الجمعيّات الإسلاميّة

يقول الله سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.


ويقول صلى الله عليه وسلم «العلماء ورثة الأنبياء» أخرجه أبو داود والترمذي من طريق أبي الدرداء رضي الله عنه..


أيها العلماء الأفاضل:.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.


لقد أحببنا أن نبدأ بتلك الآية الكريمة وبذلك الحديث الشريف لبيان منزلة العالم، النافع بعلمه، المخلص لربه، ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾..


لقد ذُهل الناس في تونس وخارجها بما وجدوه من تطابق بين مشروع مسوّدة الدستور التي أصدرها المجلس التأسيسي في ديسمبر 2012 وبين دستور عام 1959.


وأخطر ما في هذه المسوّدة أنّها تُقصي الإسلام عن الدّولة وعن تنظيم حياة النّاس، حيث تبنّت نظام كفر هو النّظام الجمهوري، فجعلت السّيادة للشّعب لا للشّرع. فالمسألة ليست في مادّة أو مادّتين منه، في تفاصيلها أو في صياغتها، بل في الأساس الذي بُني عليه الدستور، والمصدر الذي انبثق عنه. فأساسه الذي بني عليه هو فكرة فصل الدين عن الحياة، وأما مصدره فالعقل وهَوَى المشرعين.


ولقد أمِل المسلمون في تونس (بلد الزّيتونة) أن يُفلتوا من رهق الكفر واستبداد الرّأسماليّة الاستعمارية، وطغيان شرذمة قليلة من علمانيّين خدموا الاستعمار ورعوا مصالحه.


كما أمِلوا، خاصّة بعد أن أطاحوا بالطّاغية وزلزلوا أركان حكمه، وظنّوا أنّهم بانتخاب اسلاميّين قد ملكوا زمام أمرهم، أملوا أن يعود لهم عزّهم وكرامتهم بأحكام ربّهم، لتنظّم حياتهم من جديد.


لكن الواضح أنّ المجلس التّأسيسيّ (ذا الأغلبيّة الإسلاميّة) والحكومة المنبثقة عنه، لا يسعون إلا للتقرب زلفى إلى الغرب الكافر أوروبا وأمريكا، فتبنّوا العلمانية خيارا والجمهوريّة نظاما، فلم يهتمّوا لأمر الإسلام، ولم يبالوا بالمسلمين الذين خرجوا حشودا للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية.


أيّها الأفاضل:


إنّ هؤلاء (أعضاء التأسيسيّ) بصحيفتهم السوداء هذه (مسوّدة الدّستور) يضعوننا في ذيل الأمم لا سيادة ولا قيادة، يناقشون قضايانا مع أعدائنا، يبتغون رضاهم، وقد وصل بهم الذّلّ والهوان أن يُدخلوا في كتابة الدّستور كلّ الهيئات الاستعماريّة وعلى رأسها هيئة الأمم المتّحدة، فجعلوا للكافرين على المسلمين سبيلا وأي سبيل!، والله تعالى يقول: ﴿.. وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾. وهم بجعل العقل مصدر التشريع يبارزون الله في سلطانه وحقه.


أيّها الأفاضل الكرام:


وأنتم ترون تهافت العلمانيين والشيوعيين لاختطاف ثورة الشعب المسلم. وتكالب أوروبا وأمريكا لسرقة جهوده.


نتوجه إليكم، نناديكم ونستصرخ إيمانكم أن تقفوا لله وقفة حق، وأن تعلنوها واضحة لا لبس فيها:


* إنّ فصل الدين عن الدولة حرام وإنّ جعل هذه القاعدة أساسا للدستور جريمة، وإنّه لا معنى لدولة "دينها الإسلام" والسّيادة فيها للشّعب! إذ إنّ الدولة الإسلامية السيادة فيها لله وحده لا شريك له. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وقال: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَن وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾


* إنّ تبني مشروع الدولة المدنية العلمانية، حرام لأن الدولة المدنية وجهة نظر غربية يحرم أخذها أو تطبيقها أو الدعوة إليها، فهي تخالف الإسلام جملة وتفصيلا. قال تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، وقال: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.


* إنّ السماح بتدخل الكفار في وضع دستور للمسلمين حرام سواء كانوا دولا كأمريكا وبريطانيا وفرنسا أم أفرادا تحت مسمّى خبراء أو جمعيات وهيئات أجنبية كـ" فريدم هاوس" أو " الأمم المتّحدة".


* إنّ المساجد للّه، منها تنطلق الدعوة إلى نبذ أيّ دستور علماني ومن مآذنها تعلو أصوات الحقّ بأن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ومن فوق منابرها تكون المطالبة بتطبيق شرع الله في دولة إسلامية. قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾


* إنّ المسلمين أمّة من دون النّاس حكمهم واحد وهو الحكم بما أنزل الله ودولتهم واحدة وهي دولة الخلافة ودستورهم واحد وهو ما يستنبط باجتهاد صحيح من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس. وأنّ الحدود المصطنعة التي وضعها الاستعمار للتفريق بين المسلمين وإضعافهم يجب إزالتها. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾

أيها الأفاضل الكرام:


هذا أوان الجدّ، هذا أوان الصّدع بالحقّ. فكيف بكم وقد وثق بكم عموم المسلمين، وانقادوا لكم نصرة لدين الله ونصرة لرسوله الكريم صلّى الله عليه وسلّم، كيف بكم أن تبرروا لهم خذلان الشريعة الإسلامية، والسكوت عن الحكم بغير ما أنزل الله. ماذا أنتم قائلون لربّكم يوم القيامة، وقد أوجب عليكم لتبيننه للناس ولا تكتمونه. ألستم الأولى بمصارعة الكفر وأعوانه؟


إننا في حزب التحرير نربأ بكم أن تستخف بكم هذه الحكومة العلمانية وتستعملكم في تبرير جعلها كتاب الله وراءها ظهريّا، فتوجدوا لها الأعذار في تعطيل الحكم بما أنزل الله، وتفتوا للناس بقبول دستور يحارب الله ورسوله كما حارب بورقيبة بدستور 59 الزّيتونة فقضى عليه وشرّد علماءه.

أيها العلماء الأفاضل..


إنّ موقعكم في الصفوف الأولى، فلا نقول لكم آزرونا في إبطال هذه المسودّة السّوداء فحسب، بل إننا نقول لكم اعملوا معنا وشاركونا في العمل لإقامة الإسلام بدولة تطبّقه، فإننا مطمئنون بنصر الله وعونه، وبزوغ فجر الخلافة من جديد، وإنّ عز الإسلام والمسلمين بإذن الله، ليس عنا ببعيد، وإنّ هذا لكائن بإذن الله مصداقاً لوعده سبحانه لعباده الصالحين، ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون﴾، وتحقيقاً لبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة بعد الملك الجبري الذي نحن فيه، أخرج أحمد من طريق حذيفة بن اليمان قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَا يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ." فكونوا من بُناتها والعاملين لها بدل أن تكونوا من شهودها والمتحسرين على ما فاتكم من أجر عميم.


قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التاريخ الهجري :20 من صـفر الخير 1434هـ
التاريخ الميلادي : الخميس, 03 كانون الثاني/يناير 2013م

حزب التحرير
ولاية تونس

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع