الإثنين، 27 شوال 1445هـ| 2024/05/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

ما الذي قدمته الجمهورية التي يُحتفل بها منذ 90 سنة حتى يُعلن عن أنها عيدٌ سوى عدم استقرار المسلمين وزيادة معدلات الجريمة وحياة مذلة! "مترجم"

لقد نظرت الجمهورية التركية على مدى الـ90 سنةً الماضية إلى شعبها على أنه عدو لها منذ أن تأسست في 29 تشرين الأول 1923 على أساس فكرة الديمقراطية والعلمانية، وعلى أنقاض دولة الخلافة العثمانية التي هُدمت من قبل العملاء المحليين محبِّي الإنجليز والغرب الخبيثَين، والتي كانت ينظر إليها حتى من قبل القوى المعتبرة آنذاك على أنها "الرجل المريض". فبسبب النظرة العدائية من قبل هذا النظام الفاسد للإسلام والمسلمين استُبدلت القوانين الغربية في الحكم بأحكام الإسلام، وتم التدخل في نمط العيش الإسلامي من خلال رفض أوامر الله ونواهيه، وأقفلت المساجد وحُولت إلى إسطبلات، وجرى تحويل الأذان إلى اللغة التركية بعيدا عن أصله، واكتَسبت الكبائر كالزنا والربا والخمور شرعيةً بتشريعات من قبل الدولة، وقُتل آلاف المسلمين واعتُدي عليهم بسبب عدم سكوتهم عن هذا الطغيان.


إن نظام الجمهورية المخالف للإسلام يرتكز على أساس العلمانية التي لا تعترف بحق الله في التصرف والتدخل في الأرض والتي تعتبر الأحكام التي أنزلها وبينها للناس أحكاما لا تتوافق مع العصر، كما أنها بفكرة الديمقراطية تجعل الربوبية للإنسان دون الله. في الوقت الذي كان يعمل الوسط القومي على إجبار المسلمين على تبني الجمهورية بقوة الجندي وصرامة القانون بدأ الديمقراطيون المحافظون يعملون على خداع المسلمين باعتبار أن كلمة "الجمهور" هي كلمة عربية تعني الأغلبية، وحاولوا حمل المسلمين على تبنيها من خلال تأويل النصوص الشرعية. ولهذا السبب فإنهم مستمرون في الاحتفال باليوم المشؤم لتأسيس الجمهورية على أنه "عيد" مع علمهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الواضح حيث يقول: «أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما، يوم الفطر والأضحى». رواه أبو داود

فبعد أن هدمت دولة الخلافة العثمانية عن طريق ألاعيب الإنكليز الخبيثة وبواسطة المتعاونين المحليين معهم، قامت الجمهورية التركية التي أعلنت في 29 تشرين الأول/أكتوبر عام 1923، قامت وتبنت العلمانية والديمقراطية. وهكذا أقيم نظام فاسد نقل المسلمين من نظام كان يعبد الله إلى نظام جعل العبودية للعباد وأبعد الحاكمية عن الله وخلعها على البشر. ومن ثم علق الآلاف من المسلمين على المشانق التي أقيمت في الميادين لإعدامهم بسبب أنهم عملوا على تطبيق الحكم الشرعي وخالفوا قوانين الجمهورية والانقلاب الذي استندت إليه بجانب اعتقال الكثير منهم. ومن ثم قاموا بتسميم العقول التي لم تنضج بعد لإبعاد أبناء المسلمين عن الإسلام وللحفاظ على النظام ولإطالة عمره.


إن هذه الجمهورية التركية العلمانية الديمقراطية اعتبرت الإسلام الذي أنزله الله عز وجل هداية لجميع البشر وليكون نظاما للحياة، اعتبرته رجعيا واعتبرت أحكام الله غير عصرية. ولهذا فإن هذه الجمهورية منذ اليوم الأول الذي أقيمت فيه حتى هذا اليوم وهي تطبق القوانين الغربية المستوردة من دون توقف بدلا عن أحكام الله. وبسبب إبعاد هذه الأحكام وتطبيق قوانين تخالف الإسلام فُقد الأمن والأمان على الأرواح والأموال وانعدم الاستقرار في المجتمع ولم يتأسس العدل ولم تتحقق الطمأنينة ولا الرفاهية.


ولقد حل حاليا محل الكماليين القوميين الموالين للإنكليز الذين عملوا لسنوات طوال على تطبيق السياسات العلمانية الشديدة القاسية على المسلمين لجعلهم يقبلون بالجمهورية، حل محلهم حاليا الديمقراطيون المحافظون الموالون لأمريكا ليتبعوا سياسات أكثر اعتدالا من تلك السياسات من أجل تحقيق الهدف نفسه. فبدأوا يعملون على خداع المسلمين بقولهم إن الجمهورية آتية من كلمة جمهور في العربية، وبدأوا بتحريف النصوص الشرعية بشكل صريح، وكل ذلك يقومون به من أجل جعل المسلمين يقبلون بالجمهورية. وحتى يظهروا مصداقية وصدق في كلامهم بدأوا بترك رموز النظام التي استخدمها الكماليون الوطنيون. مع أن الذي يجب أن يترك ليست هذه الرموز فحسب، وليس تغيير موقع قصر رئيس الجمهورية في منطقة تشانكايا، وليس تخفيف ضغط الجمهورية المطبق في المدارس فقط، بل الشيء الذي يجب أن يترك هو هذا النظام الفاسد وإزالته من الجذور وإقامة نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة مكانه. وهذا هو الموقف الوحيد الذي يجب أن يتخذ تجاه الجمهورية ولا غير.


أيها الحكام!


إن النظام الجمهوري الذي تعملون على إبقائه على قيد الحياة هو نظام قد أصابه العفن وهو نظام عقيم. وإن أعمالكم التي تقومون بها لإطالة عمره مثل إقامة النظام الرئاسي أو الإصلاحات الدستورية أو قولكم بتركيا الجديدة وكلامكم عن هدف عام 2023، كل ذلك لن يوقف الاهتراء الذي دب في هذا النظام. وكل ما تعملونه هو عبارة عن وضع الملح على جلد متعفن، وعملكم كله خاسر. فلن يرضى الله عن عملكم ولا المسلمون. إذن فاتقوا الله واعملوا على إقامة حكم الإسلام في واقع الحياة الذي ستنزل به عليكم وعلى الإنسانية البركات والرحمة ولا تعملوا على إطالة عمر نظام الجمهورية الفاسد. وبذلك تكونوا وسيلة لتحرير وتخليص المسلمين جميعا بل البشرية جمعاء وليس مسلمي تركيا فحسب.


أيها المسلمون!


إن الجمهورية جعلت أبناءكم آلات ترتكب الآثام. إنها نظام جعلت الأهل الذين عاشوا على هذه الأرض ألف سنة أخوة متحابين جعلتهم أعداء متقاتلين بسبب السياسات القومية التي طبقها عليهم. إنه نظام سبّب انتشار الجريمة وتعاطي المخدرات وأشاع الفحشاء وأباح الخمر وشرع الربا وكان مصدرا للظلم ومنع توزيع الثروات فأفقر كثيرا من الناس. فوجب عليكم أن لا تقدموا الدعم لهذا النظام العفن ولا للذين يعملون على ترقيعه وتسويقه بوجه جديد. واعملوا على إقامة دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام الذي ستجدون في ظله الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان وقدموا الدعم للعاملين على إقامتها وبذلك تنالوا رضوان الله.


أعرضوا عن النظام المستورد من الغرب وأقبلوا على النظام الإسلامي الذي بين أيديكم واصغوا إلى قول ربكم: ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون﴾. [المائدة: 50]


أما من حيث الواقع فلم يسجل هذا النظام أي نجاح وهو يحتفل بهذا العيد لا على المستوى السياسي أو الاقتصادي ولا الأمني أو التعليم ولا على مستوى المجتمع أو الاخلاق. إن الجمهورية التركية عجزت في كل مراحلها في تأمين الاستقرار السياسي بما فيها حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم. فمن الناحية السياسية أصبح البلد بأكمله مرتبطا بالخارج وبالسياسة الخارجية للدول الكبرى، ومن الناحية الاقتصادية فإن الديون الخارجية للبلاد لم تنخفض عن المستوى المعروف لها بمليارات الدولارات، وأُدخل الناس في مستنقع القروض الربوية وعجزت حالة الرفاهية التي يدعونها عن أن تصل إلى الطبقات الفقيرة للمجتمع، أما معدل الجرائم فقد ازداد مع مرور الأيام وبدون توقف، حتى إن الأرقام التي أعلنت عنها مديرية الأمن والهيئة الإحصائية بينت وصول معدل الجرائم إلى حد مروع، أما نظام التعليم فقد بقي متعثرا وأصبح مجرد لعب وعبث وأدى إلى انحلال الشباب، فقد أصبح الشباب الذين يعيشون في كنف نظام التعليم هذا جيلاً يتعاطى المخدرات والخمور والفجور وسيطرت عليهم العقلية الرأسمالية، وأصبحت العائلة التي تعتبر النواة الأساسية للمجتمع في حالة يرثى لها، وتقطعت أواصر القرابة التي أمر الله بصلتها كما هو معروف لدى الجميع. فحسب المعلومات التي قدمتها وزارة الأسرة فإن 150 ألف حالة طلاق تحصل كل سنة.


إن هذه الأرقام ليست شاذة، ذلك أن الله سبحانه وتعالى وهو الخالق المدبر أعلم بالكون والإنسان والحياة وهو الذي يضع النظام البديع لتنظيمها، كما أنه مما لا شك فيه أن الإسلام هو نظام كامل وشامل للحياة يدير شؤونها ويقدم كافة الحلول لكل مشاكلها، فهو ليس بناقص. فهل يا ترى يظن حكام اليوم وأتباعهم أن الإسلام ناقص - معاذ الله - بحيث تجدهم يستوردون أنظمة الكفار ليطبقوها على الناس متسلطين على رقاب المسلمين؟ فبحسب أي عقيدة يا ترى يستطيعون أن يُثبتوا أن ما عندهم هو "أفضل شيء"؟ والله تعالى يقول: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)) [المائدة: 3].


لقد أثبتت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل واضح لا يقبل الشك أن نظام الخلافة هو النظام الوحيد الذي يطبق أنظمة الإسلام التي هي حياةٌ للناس فيطبقها بشكل كامل وشامل. والتاريخ الإسلامي على مدى أربعة عشر قرناً خير شاهد على ذلك. ترى ما الذي جرى لنا بحيث إننا نسينا الخلافة بهذه السرعة ولم يمض على سقوطها قرن من الزمن؟ أرأيتم كيف يتم الاستخفاف بعقولنا؟ لقد وصل الحال بنا إلى أن أصبحنا نجهل مبدأنا وأنظمتنا الرائعة إلى درجة أننا أصبحنا مرتهنين بأنظمة الكفر وأفكاره ونمط عيشه. ومع هذا فكيف نظهر الرضى عن كل ذلك؟ والله تعالى يقول: ((وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ)) [التوبة: 62].

التاريخ الهجري :22 من ذي الحجة 1434هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 27 تشرين الأول/أكتوبر 2013م

حزب التحرير
ولاية تركيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع