الخميس، 23 شوال 1445هـ| 2024/05/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

عدم إغلاق حزب العدالة والتنمية؛ هو صفقة مؤقتة بين السياسة الإنجليزية و الأمريكية في تركيا (مترجم)

يوم الأربعاء 30 تموز/يوليو 2008 صدر القرار المتعلق بالدعوى التي رفعها مدعي عام الجمهورية في المحكمة الدستورية يوم الجمعة الموافق 14 آذار/مارس 2008 ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم مطالباً بإغلاقه وحظر العمل السياسي لواحد وسبعين عضواً فيه منهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان السابق، حيث نص على عدم إغلاق حزب العدالة والتنمية وحرمانه من نصف دعم خزينة الدولة المالي له وإنذاره "إنذاراً شديداً" كما جاء على لسان رئيس المحكمة الدستورية، حيث صوت ستة من أعضاء المحكمة بالقبول وخمسة بالرفض أربعة منهم طالبوا بحرمانه من الدعم المالي.

 

وكما ذكرنا قبل نحو أربعة أشهر عندما افتتحت الدعوى أنه من غير المنتظر أن تنتهي بإغلاق حزب العدالة والتنمية بل هي بمثابة إنذار شديد اللهجة من العلمانيين الموالين لإنجلترا للعلمانيين الموالين لأميركا، في حين أن الرأي الذي كان سائداً آنذاك أن حزب العدالة والتنمية سيغلق. واستمر هذا الرأي على ذلك إلى أن ابتدأت الأحداث الأخيرة بالظهور خصوصاً تحقيقات (الأرجنكون) حيث بات ظاهراً للعيان أنه لن يصدر قرار بالإغلاق، حيث تبيَّن من خلال سير تحقيقات (الأرجنكون) وجود توافق بين الجيش والحكومة، مما سينعكس على قرار المحكمة، فلا يغلق حزب العدالة والتنمية، وقد تم تداول ذلك من قبل متنفذين في وسائل الإعلام وبات هو الرأي العام السائد.

 

إلا أن أحداً لم يتوقف كثيراً عند السؤال القائل: مِن قبل مَن ولماذا رفعت دعوى إغلاق حزب العدالة والتنمية؟ ومِن قبل مَن ولماذا حصل التوافق بين الجيش والحكومة؟

 

إن من يتمعن في هذه الأسئلة يتبين له واقع الأزمة السياسية في تركيا بصور ناصعة، وتفصيل ذلك:

 

1. الأزمة السياسية في تركيا؛ ناجمة عن صراع نفوذ بين السلطة العسكرية الرأسمالية الديمقراطية العلمانية الموالية لإنجلترا، وبين السلطة السياسية الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية الموالية لأميركا، ولكون أسباب النزاع الرئيسية لم ترفع فإن عدم إغلاق حزب العدالة والتنمية لن ينهي تلك الأزمة.

 

2. فقدان الجيش المقدرة -بدرجة عالية- للقيام بانقلاب عسكري مباشر؛ وقد نجم ذلك عن مساندة ودعم أميركا المتواصل لحكومة حزب العدالة والتنمية، وحشوها البلد بأفكار الديمقراطية ومعارضة الانقلاب والاتحاد الأوروبي، وصيرورتها جارة ملاصقة لتركيا باحتلالها العراق، ودوام اختلاف الأجواء المتزامنة. واستمر الجيش بالتصعيد وفقاً للسياسة الإنجليزية الكلاسيكية إلى أن ابتدأت العام المنصرم أزمة انتخاب رئيس الجمهورية، ولما لاحظ عدم جدوى ذلك استخدم سياسة التوافق (المرونة) وفقاً للسياسة الإنجليزية الجديدة والتي كانت أُولى خطواتها الموافقة التي حصلت العام المنصرم في قصر الدولمابهشه في لقاء أردوغان-بيوك آنيت.

 

3. العصابات المتشكلة من عناصر سابقة في الجيش وإرهابيين مرتزقة، ومركز القوى التي تقف وراءهم، أظهروا استياءهم من السياسة الإنجليزية الجديدة (المرنة)، مما دفع الحكومة إلى تنفيذ عمليات اعتقال وتصفية -جزئية- تجاههم أطلق عليها اسم (تحقيقات الأرجنكون) مستظلة في ذلك بالموافقة التي حصلت. ومجدداً ووفقاً لهذه الموافقة بين الجيش والحكومة أو بالأدق بين أميركا وإنجلترا تقرر عدم إغلاق حزب العدالة والتنمية. ولا بد من ملاحظة أن هذه الدعوى رفعت بعد أن أثارت حادثتان حنق وغضب العلمانيين، أولاهما: إجراء تغيير دستوري يرفع الحظر عن ارتداء الخمار داخل الجامعات فقط، وكانت المحكمة الدستورية قد أبطلت ذلك القانون دون أن تبدي أسبابها حتى الآن، ثانيهما: إرسال الجيش للقيام بالعملية العسكرية خلف الحدود العراقية في برد الشتاء القارص، وإرجاعه بأوامر أمريكية بعد فترة قصيرة.

 

4. مما لا شك فيه أن أهم ما نتج عن قرار المحكمة المتمثل في عدم إغلاق حزب العدالة والتنمية والاكتفاء بإنذاره بشدة وحرمانه من الدعم المالي جزئياً؛ هو عدم المساس بنظام الدولة العلمانية (اللادينية) ومؤسساتها -بما فيها المحكمة الدستورية- والمحافظة على هذه الأمور وحمايتها. وقد حاولت المحكمة -التي تحملت وطأة الانتقادات المتعلقة بقرارها (367) المشوب الذي اتخذته العام الماضي فيما يتعلق بأزمة انتخابات رئيس الجمهورية، والمتعلقة بقرارها هذا العام بخصوص الخمار في الجامعات- بقرارها هذا الظهور بمظهر العدالة والحيادية والإنصاف والنقاء، وهذا ما كان قد ركز عليه رئيس المحكمة قبل إعلانه قرار المحكمة، وكان قد ركز أيضاً على عدم حمل القضايا التي تتسبب بمشادات سياسية إلى المحكمة، وعليه فعلى حزب العدالة والتنمية أن يعيد تنظيم نفسه ويبتعد عن الإصلاحات والتعديلات التي من شأنها إثارة غضب العلمانيين! وأما قطع الدعم المالي الذي تقدمه خزينة الدولة جزئياً عن الحزب فليس ذا شأن, ذلك أن لدى أميركا المصادر الكفيلة بتمويل حزب العدالة والتنمية.

 

5. ولهذا، فلا ينتظر أن ينتهي الصراع وتترك العداوة مكانها للصداقة وتعود المياه لمجاريها، بل إن الصراع سيتواصل بسقف محدد، وسيزداد شدة وليناً وفقاً لخطوات وتصرفات الأطراف، والعملية الوحشية التي وقعت قبل� أيام عدة في اسطنبول بحي (غونغوران) وسط الأبرياء تشير إلى ذلك.

 

6. وعليه فبالرغم من أن لعبة الظل التي نشهدها على المسرح تبدو وكأنها بين "كراغوز" و"حجي واط" إلا أن الذين يمسكون بزمام اللعبة ويوجهون خيوطها هم بلا أدنى شك أميركا وإنجلترا.

 

 

أيها المسلمون؛

 

إنكم تعلمون جيداً مَن الذي سيتداعى على مَن! وتعلمون مَن الذي يتضرر بتداعيهم على بعضهم البعض! فإلى متى ستبقون راضين مكتفين بدور المشاهدة؟ إلى متى ستبقون تشاهدون هذه اللعبة المقززة؟ التي لا لاعبوها ولا منسقوها ولا حكامها منكم؟ إلى متى ستبقون تساندون أحد الفريقين اللذين ليسا منكم ولستم منهم, ترفعون راياتهم وتفرحون لفرحهم وتغضبون لغضبهم؟

إن مما لا شك فيه أن هذه اللعبة ليست لعبتكم، بل هم يتصارعون على أرضكم وميدانكم مستغلين ثرواتكم مستمدين القوة منكم، تاركين لكم دور المشاهدة والتعليق! يوجهونكم من خلال رؤساء التشجيع الموالين لهم في الأوساط الإعلامية، وعندما تَمَلُون الفريق الذي تشجعون يقومون بإجراء تغييرات شكلية في الوجوه مستخدمين مصادركم ومقدراتكم، إن هذه اللعبة هي لعبة الكافر المستعمر! ولا يمكن إنهاؤها إلا بنفيركم أنتم أيها المسلمون، وستبقون الأداة المسيرة لكل حركة وكل سكنة في لعبتهم ما لم تتحركوا وتنـزلوا إلى الميدان وتعلنوا انتهاء لعبتهم بنفير مدوٍ تهتز له المعمورة. وما لم تفعلوا ذلك فسيستبدلكم الله بقوم خير منكم يحبهم ويحبونه!

 

إن القوم الذين يحبهم الله ويحبونه لا يتحملون متابعة مثل هذه اللعبة التي تقشعر منها الأبدان، بل -بإذن الله- سَيُحَوِلُون اللعبة نحو اتجاهها الصحيح لتكون بين الخلافة الراشدة والكفار المستعمرين، وعندها ستكون الغلبة -بإذن الله- للمؤمنين المخلصين.

 

أيها المسلمون؛

 

كونوا على يقين بأن اللاعبين الرئيسيين (السلطة العسكرية والسلطة السياسية) المتسببين بالأزمة السياسة في تركيا يتحركون بتوجيه من الكفار المستعمرين، يقفون ويستمدون قوتهم منهم، ويوجهون الحملات ضد بعضهم البعض بتوجيه منهم، وفوق ذلك أعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين جهاراً نهاراً، فمن هذا الذي يستطيع الادعاء بأن الإسلام حاكم في هذا البلد؟! فهذه الدولة بكافة مؤسساتها وأجهزتها ونظمها بعيدة عن الإسلام بل ومعادية للإسلام، ولا يخدعنكم كون أسماء وأشكال حكامها إسلامية، فهم بأعينهم أعوان للكفار المستعمرين!

 

ولهذا فإن حزب التحرير يناديكم، أن يا أيها المسلمون! لا تكونوا شركاء في هذا الصراع القذر بين الكفار المستعمرين وأعوانهم العملاء، ولا تناصروا أياً منهم، واعلموا أن أي تأييد ودعم واحترام تبدونه لهم يصب في مصلحة الكفار المستعمرين أعداء الإسلام وقتلة المسلمين. إن خلاصكم وتحرركم لن يكون إلا بالإسلام وحده، بنظام الحكم الإسلامي، بدولة الخلافة الراشدة، ومما لا شك فيه أن ذلك وعد من الله سبحانه، وبشرى رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكابوس الكفار المستعمرين.

 

((وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ))

 

التاريخ الهجري :3 من رجب 1429هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 13 آب/أغسطس 2008م

حزب التحرير
ولاية تركيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع