Logo
طباعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ولاية لبنان: خطبة الجمعة "كن كأبي ذر ولا تكن كعفيف الكندي!"

 

خطبة الجمعة للشيخ أحمد الصوفي (أبو نزار الشامي).

 

عفيف بن قيس، رجل رأى النبي صلى الله عليه وسلم وما معه من أحد إلا اثنان (خديجة وعلي) رضي الله عنهما، علم بأنه يدعو للحق لكن فاتورة اتباعه غالية، فدعوته ضد القانون وستجلب المتاعب وتخسرك الأمن والدنيا، فكر عفيف وقام بعملية الحسبة، وضع الحق في كفة والمصالح في كفة، لكنه حسبها بطريقة خطأ (صعبة-سهلة) فاتخذ أسوأ قرار في حياته إذ قال لجليسه " دعنا في تجارتنا"؛ أسلم عفيف بعد 15 سنة وكان يبكي ويقول (لقد كدت أكون ربع الإسلام)، أما أبو ذر الغفاري، رضي الله عنه فتعرض لموقف أشق من موقف عفيف، سمع عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم (سمع ولم يشاهد كما شاهد عفيف)، وسمع عن خطورة الالتحاق بركبها فانطلق يبحث هو عن طريق الوصول إلى الحق، تعرض للجوع (30 يوما لا طعام له إلا ماء زمزم) وتعرض للخوف، حتى رأى النبي صلى الله عليه وسلم فسمع منه ثم أقام الحسبة الصحيحة المنجية عند الله (ترضي الله - لا ترضي الله) وبنتيجة هذه الحسبة التحق بركب الدعوة وكان خامس الإسلام بعد أبي بكر، بعد دقيقة من إسلامه سأل هو عن التكليف فقال لقائده (بم تأمرني؟) لم يأمره بإصلاح نفسه وأولاده وتعلم كل أحكام الدين ما عدا الدعوة إلى الله بل قال له المعلم (ارْجِعْ إِلَى قَوْمك فَأَخْبِرْهُمْ, فَإِذَا بَلَغَك ظُهُورنَا فَأَقْبِلْ) ثم أوصاه بكتم الأمر عن قريش خوفا عليه، هذا هو التكليف الأول (عليك بالعمل الدعوي التغييري لضم الدولة التي أنت فيها إلى دولة الإسلام التي أعمل لإقامتها) لكن أبا ذر ما إن عرف عظمة دعوة الإسلام حتى رفض كتمانها مهما كانت النتائج فقال (والله لأصرخن بها بين ظهرانيهم) أي بين جموع حكام الكفر في مكة، عرف أبو ذر من أبجديات الإسلام بأنه دعوة مكانها سدة الحكم لا زوايا البيت، تعرض للضرب حتى شفير الموت فأعاد الكرة غير مبال، عاد إلى قومه يدعوهم فأسلمت غفار، لم يكتف بذلك حتى أضاف إليها قبيلة أسلم وأتى بهما لينضما إلى دولة الإسلام. عفيف بن قيس كسب الأمن والسلامة من الملاحقة والضرب، ولكن ماذا فاته؟؟!! أبو ذر فاتته الدنيا بأمنها ورخائها ولكن ماذا ناله؟؟!! كن كأبي ذر ولا تكن كعفيف بن قيس فإن واقع هذين الرجلين يتكرر في كل يوم، والقضية هي كيف تحسبها فمنا من تأتي نتيجة حسبته بأن يقول "دعنا في تجارتنا"، ومنا من يقول "لأصرخن بها بين ظهرانيهم".


طرابلس الشام، 27 ذو الحجة 1439هـ الموافق 07 أيلول/سبتمبر 2018م

 

 

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.