مع الحديث الشريف

العقوبة كبيرة والجائزة عظيمة

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: ابْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ». (صحيح مسلم 5077).

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:

يخبرنا هذا الحديث الشريف كيف أن ربنا شديد العقاب وأنه في الوقت نفسه واسع الرحمة، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن لو يعلم ما عند الله من عقوبة لمن يعصيه ويخالف أمره وشدتها مع معرفته بأن الله صادق في قوله منفذ لوعده، لو علم ما طمع بدخول جنته لشدة خوفه من عقاب الله وهو يرى كم عمله وعبادته قليل، هذا الكلام يرشد الإنسان إلى الخوف من الله خوفًا يدفعه إلى عبادته واجتناب معاصيه، ومراقبة أعماله صغُرت أم كبرت في نظره، فالله سيحصي كل شيء عمله.

كذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الكافر لو علم ما عند الله من رحمة لظنّ أنه عز وجل لن يعذّب أحد، ولن يحرم أحدًا جنته، فلم يقنط من رحمته واستحقاقه الجنة، لشدة رحمة الله سبحانه وتعالى وعفوه.

بعد أن تيقنا بأن الله الخالق الباري شديد العقاب لمن يعصيه من خلقه وفي أرضه التي استخلفها لهم ويخون الأمانة التي حمّلها إياه، كيف لأحد أن يبقى على معصيته ويصّر عليها؟! إن العاقل هو من اختار الدائم على الفاني، واليقين على الشك، والموعود على أحلام اليقظة والأماني.

الله نسأل أن يتغمدنا برحمته ويبعد عنا عذابه، وأن يهدينا إلى ما يحب ويرضا، اللهم آمين.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح