Logo
طباعة
نفائس الثمرات - إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَرْضَاهُ بِمَا قَسَمَ لَهُ

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نفائس الثمرات

إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَرْضَاهُ بِمَا قَسَمَ لَهُ

 

 

عَنْ أَبِي الْعَلاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَرْضَاهُ بِمَا قَسَمَ لَهُ، وَبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا، لَمْ يُرْضِهِ بِمَا قَسَمَ لَهُ، وَلَمْ يُبَارِكْ لَهُ فِيهِ».

 

لَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْبَصْرَةِ كَتَبَ إِلَى أَخٍ لَهُ كَانَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ مَعَهُ، وَكَانَ بِبَعْضِ الثُّغُورِ: أَمَّا بَعْدُ , فَإِنِّي لَمْ أَدْخُلْ فِي الْقَضَاءِ حِينَ دَخَلْتُ فِيهِ إِلا مَخَافَةَ أَنْ يَحْمِلَنِي الْفَقْرُ عَلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْقَضَاءِ، وَذَكَرَ كَثْرَةَ الْعِيَالِ، وَقِلَّةَ الشَّيْءِ، وَقِلَّةَ مُوَاسَاةِ الإِخْوَانِ، وَوَسْوَسَةَ الشَّيْطَانِ، وَضَعْفَ الإِنْسَانِ، وَأَشْيَاءَ رَقَّقَ بِهَا فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ يَا سَوَّارُ الَّذِي جَعَلَ التَّقْوَى عِوَضًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَجْعَلْ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا يَكُونُ عِوَضًا عَنِ التَّقْوَى، فَإِنَّ التَّقْوَى عِدَّةُ كُلِّ عَاقِلٍ إِلَيْهَا يَسْتَرْوِحُ وَبِهَا يَسْتَرْشِدُ، وَلَمْ يَظْفَرْ أَحَدٌ فِي عَاجِلِ هَذِهِ الدُّنْيَا وَآجِلِ الآخِرَةِ بِمِثْلِ مَا ظَفَرَ بِهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ شَرِبُوا بِكَأْسِ حُبِّهِ، وَكَانَتْ قُرَّةُ أَعْيُنِهِمْ فِيهِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَعْمَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي حَسْمِ الأَدَبِ، وَرَاضُو فِيهَا رِيَاضَةَ الأَصِحَّاءِ الصَّادِقِينَ، فَطَلَّقُوهَا عَنْ فُضُولِ الشَّهَوَاتِ، وَأَلْزَمُوهَا الْقُوتَ الْمُعَلَّقَ، وَجَعَلُوا الْجُوعَ وَالْعَطَشَ شِعَارًا لَهَا بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ، حَتَّى انْقَادَتْ وَأَذْعَنَتْ، وَعَزَفَتْ لَهُمْ عَنْ فُضُولِ الْخِطَامِ، فَلَمَّا ظَعَنَ حُبُّ فُضُولِ الدُّنْيَا عَنْ قُلُوبِهِمْ، وَزَائِلها أَهْوَاءَهُمْ، وَانْقَطَعَتْ أَمَانِيهِمْ، وَصَارَتِ الآخِرَةُ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَمُنْتَهَى أَمَلِهِمْ، وَوَرَّثَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ نُورَ الْحِكْمَةِ، وَقَلَّدَهُمْ قَلائِدَ الْعِصْمَةِ، وَجَعَلَهُمْ دُعَاةً لِمَعَالِمِ الدِّينِ يَلُمُّونَ مِنْهُ الشَّعَثَ، وَيُشْحِبُونَ الصَّدْعَ، لَمْ يَلْبَثُوا إِلا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَوْعُودٌ صَادِقٌ اخْتَصَّ بِهِ الْعَالِمِينَ لَهُ، وَالْعَامِلِينَ بِهِ، دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، فَإِذَا سَرَّكَ أَنْ تَسْمَعَ صِفَةَ الأَبْرَارِ الأَتْقِيَاءِ فَصِفَةُ هَؤُلاءِ فَاسْتَمِعْ، وَإِيَّاكَ يَا سَوَّارُ وَنِسْيَانَ الطَّرِيقِ، وَالسَّلامُ.

 

 

القناعة والتعفف

لابن أبي الدنيا

 

 

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آخر تعديل علىالسبت, 13 تشرين الأول/أكتوبر 2018

وسائط

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.