الخميس، 16 شوال 1445هـ| 2024/04/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لا يجوز تعذيب المتهم في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يجوز تعذيب المتهم في الإسلام

 

 

 

الخبر:

 

أظهر مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، بوسائل التواصل، قوات نظامية سودانية، أغلبها من قوات الدعم السريع، أثناء ضربها وتنكيلها بعشرات الرجال، في إحدى قرى دارفور أرتالاً من قبيلة الفور، وعمدت إلى تعذيبهم، وإهانتهم بشكل فظيع، على مرأى من النساء والأطفال، لحملهم على الاعتراف بمخابئ الأسلحة. (سودان تربيون 2018/3/10).

 

التعليق:

 

منذ بداية العام الجاري شرعت الحكومة في جمع السلاح، من أيدي الناس بولايات دارفور الخمس، إلا أن تعذيب الناس وإهانتهم، بتهمة حيازة السلاح، هو أمر قد يؤجج صراعات من نوع آخر، بين الحكومة والناس، ولا يصب في إنجاح هذه الحملة، وأن تعذيب المتهم يعتبر جريمة كبرى في الإسلام، ليس هذا فحسب بل حتى لو ثبتت التهمة على المتهم بالمحاكمة القضائية، فلا يجوز أن يقرر القاضي عقوبة على المتهم فيها تعذيب وتنكيل وإهدار لكرامته أمام الناس، بل فقط العقوبات التي نص عليها الشرع، باعتبارها العلاج الرباني للمجرم على إجرامه. والأصل براءة الذمة، ولا يعاقب أحد إلا بحكم محكمة، ولا يجوز تعذيب أحد مطلقاً، وكل من يفعل ذلك يعد آثما عند الله، وإن مجرد الشك في وجود السلاح عند أحد لا يجيز تعذيبه أبداً، فقد أخرج مسلم عن وائل بن حجر قال: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ r، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لأَبِي، فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r لِلْحَضْرَمِيِّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَلَكَ يَمِينُهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلاَّ ذَلِكَ» لهذا لا يجوز تعذيب هؤلاء الأهالي بمجرد تهمة حيازتهم للسلاح، دون أن تملك الحكومة بينة على أنهم يحوزون أسلحة، وبعد البينة لا يجوز التعذيب والضرب بهذه الطريقة الوحشية، بل يحاكمون بمحاكمة عادلة يكون التعامل معهم خلال ذلك بما يتوافق مع إنسانيتهم وكرامتهم، فإن تضرَّر المتهم أو ماتَ بسبب التعذيب، وَجَب على المتَسبب ضمان الضَّرر، وبهذا فالأهالي الذين تم تعذيبهم بريئون حتى تثبت إدانتهم، ومَن عذبهم فقد ارتكب جرماً يستحق عليه العقوبة.

 

والأدلة الشرعية متواترة من الكتاب والسنة على حرمة تعذيب الناس بغير وجه حق، فقد حرم الله تعالى الاعتداء على المسلم في كتابه الكريم، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾، وتؤكد السنة المطهرة ذلك صراحة، أخرج مسلم في صحيحه عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ r، يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا» أيضا أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ»، وروى البخارى عن رسول الله r قال: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، وَأَبْشَارَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ» رواه البخاري. وعصمة المسلم من الإيذاء بالضرب والسب والشتم والإهانة إلا بحق يوجب حدًا أو تعزيرًا، فلا يجوز هدر هذه العصمة لمجرد التهمة، فإذا كان مجرد خدش البشرة محرماً، فكيف بغيره من أنواع الضرب والتعذيب بالعصي وأعقاب البنادق والسياط، كما فعلت هذه القوات بالأهالي أفراداً وجماعات، بمجرد تهمة قد يكونون منها برآء.

 

ثم إن حيازة السلاح وحمله، لا يعتبر جريمة في نظر الإسلام، فالسلاح زينة الرجال، أما هذه الحالة الفوضوية، التي يعاني منها أهل دارفور، فإن مردها لضعف سلطان الدولة، وليس حيازة السلاح.

 

إن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هي من تراعي أحكام الإسلام وتجعلها نصب عينيها، لأنها دولة تقوم على العقيدة الإسلامية، وما انبثق عنها من معالجات لمشاكل البشر، فتسمو بأفعالها إلى دولة رعاية وكفاية، لا تذل ولا تهين أحداً من رعاياها، لأن الإسلام لم يأمر الدولة أن تذل الناس.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار – أم أواب

آخر تعديل علىالسبت, 17 آذار/مارس 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع