الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
رسائل رمضانية - من هدي القرآن والسنة - محمد النادي - 14

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الرسالة الرابعة عشرة

ذكرى فتح عمورية على يد المعتصم (4)

 

 

 

الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.

 

مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الرابعة عشرة من "الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية"، نتابع معكم فيها الحديث عن (القسم الأخير) من: "ذكرى فتح عمورية على يد المعتصم".

 

إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:

 

وبينما الناس في الجسر المردوم إذ هدم المنجنيق ذلك الموضع المعيب، فلما سقط ما بين البرجين سمع الناس هدةً عظيمةً فظنها من لم يرها أن الروم قد خرجوا على المسلمين بغتة، فبعث المعتصم من نادى في الناس: إنما ذلك سقوط السور، ففرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً، لكنْ لم يكُنْ ما هُدِمَ ليسع الخيل والرجال إذا دخلوا وقوى الحصار، وقد وكَّلت الرُّوم بكل برجٍ من أبراج السور أميراً يحفظه! فضعف ذلك الأمير الذي هدمت ناحيته من السور عن مقاومة ما يلقاه من الحصار فذهب أحد الأمراء يطلب نجدته، فامتنع أحد من الروم أن ينجده وقالوا: لا نترك ما نحن موكَّلون في حفظه!

 

فلما يئس ذلك الأمير منهم خرج إلى المعتصم ليجتمع به، فلما وصل إليه أمر المعتصم المسلمين أن يدخلوا البلد من تلك الثغرة التي قد خلت من المقاتلة، فركب المسلمون نحوها فجعلت الروم يشيرون إليهم، ولا يقدرون على دفاعهم، فلم يلتفت إليهم المسلمون، ثم تكاثروا عليهم ودخلوا البلد قهراً وتتابع المسلمون إليها يكبرون، وتفرقت الروم عن أماكنها، فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان حيث وجدوهم، وقد حشروهم في كنيسة لهم هائلة ففتحوها قسراً وقتلوا من فيها، وأحرقوا عليهم باب الكنيسة فاحترقت، فأحرقوا عن آخرهم!

 

ولم يبق فيها موضع محصن سوى المكان الذي فيه نائب عمُّورية، وهو حصن منيع، فركب المعتصم فرسه وجاء حتى وقف بحذاء الحصن الذي فيه النائب فناداه المنادي: ويحك أيها النائب هذا أمير المؤمنين واقف تجاهك فقالوا: ليس النائب ههنا مرتين، فغضب الخليفة المعتصم من ذلك، فرجع ونصب السلالم على الحصن، وطلعت الرسل إليه فقالوا له: ويحك انزل على حكم أمير المؤمنين، فتمنع ثم نزل متقلداً سيفاً، فوُضِعَ السيفُ في عنقه، ثم جيءَ به حتى أوقف بين يدي المعتصم، فضربه بالسوط على رأسه، ثم أُمر به أَن يمشي إلى مضرب الخليفة مهاناً فأوثق هناك!

 

وأخذ المسلمون من عمُّورية أموالا لا تعد ولا توصف، فحملوا منها ما أمكن حمله، وأمر المعتصم بإحراق ما بقي من ذلك وبإحراق ما هنالك من المجانيق والدبابات وآلات الحرب، لئلا يتقوى بها الروم على شيء من حرب المسلمين، ثم انصرف المعتصم راجعاً إلى ناحية طرسوس في آخر شوال من هذه السنة، وكانت إقامته على عمُّوريةً خمسة وعشرين يومًا.

 

وكان هذا النصر العظيم للدولة العباسية على الروم في الأناضول، بعد نصرها العظيم على المجوسية في فتنة بابك التي دامت عشرين سنة أصدق برهان على أن الله يصدق وعده بنصر المسلمين كلما أخلصوا دينهم لله، واشتروا الحياة الأبدية بثمن رخيص، وهو هذه الحياة القصيرة، ومتعتها الحقيرة، فرحم الله أياماً كان فيها المسلمون مسلمين حقًا، وعجَّل الله أيامًا يُعز فيها الإسلام وأهله، ويذل فيها الكفر وأهله.

 

اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.

 

وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ  وَبَرَكاتهُ.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع