الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح192)صلاحيات مجلس الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح192) صلاحيات مجلس الأمة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالتِّسْعِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"صَلَاحِيَّاتُ مَجلِسِ الأُمَّةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 111:لِـمَجْلِسِ الأُمَّةِ صَلَاحِيًّاتٌ خَمْسٌ هِيَ:

 

1- ( أ ) : استِشَارَةُ الخَلِيفَةِ لَهُ, وَإِشَارَتُهُ عَلَى الخَلِيفَةِ فِي الأَعْمَالِ وَالأُمُورِ العَمَلِيَّةِ الـمُتَعَلِّقَةِ بِرِعَايَةِ الشُّؤُونِ فِي السِّيَاسَةِ الدَّاخِلِيَّةِ مِمَّا لَا تَحْتَاجُ إِلَى بَحْثٍ فِكْرِيٍّ عَمِيقٍ, وَإِنْعَامِ نَظَرٍ مِثْلُ شُؤُونِ الحُكْمِ، وَالتَّعلِيمِ، وَالصِّحَّةِ، وَالاقتِصَادِ، وَالتِّجَارَةِ، وَالصِّنَاعَةِ، وَالزِّرَاعَةِ، وَأَمْثَالِهَا، وَيَكُونُ رَأْيُهُ فِيهَا مُلْزِمًا.

 

 ( ب ) : أَمَّا الأُمُورُ الفِكْرِيَّةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى بَحْثٍ عَمِيقٍ وَإِنْعَامِ نَظَرٍ، وَالأُمُورُ الَّتِي تَحْتَاجُ خِبْرَةً وَدِرَايَةٍ، وَالأُمُورُ الفَنِّيَّةُ وَالعِلْمِيَّةُ، وَكَذَلِكَ الـمَالِيَّةُ وَالجَيشُ وَالسِيَاسَةُ الخَارِجِيَّةُ، فَإِنَّ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمَجْلِسِ لِاستِشَارَتِهِ فِيهَا, وَالوُقُوفِ عَلَى رَأْيِهِ، وَرَأْيُ الـمَجْلِسِ فِيهَا غَيرُ مُلْزِمٍ.

 

2-لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُحِيلَ لِلْمَجْلِسِ الأَحْكَامَ وَالقَوَانِينَ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَتَبَنَّاهَا، وَلِلْمُسلِمِينَ مِنْ أَعْضَائِهِ حَقُّ مُنَاقَشَتِهَا, وَبَيَانِ وَجْهِ الصَّوَابِ وَالخَطَأِ فِيهَا, فَإِنِ اخْتَلَفُوا مَعَ الخَلِيفَةِ فِي طَرِيقِةِ التَّبَنِّي مِنَ الأُصُولِ الشَّرعِيَّةِ الـمُتَبَنَّاةِ فِي الدَّولَةِ، فَإِنَّ الفَصْلَ يَرجِعُ إِلَى مَحْكَمَةِ الـمَظَالِـمِ، وَرَأْيُ الـمَحْكَمَةِ فِي ذَلِكَ مُلْزِمٌ.

 

3-لِلْمَجْلِسِ الحَقُّ فِي مُحَاسَبَةِ الخَلِيفَةِ عَلَى جَمِيعِ الأَعْمَالِ الَّتِي تَحْصُلُ بِالفِعْلِ فِي الدَّولَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنَ الأُمُورِ الدَّاخِلِيَّةِ أَمِ الخَارِجِيَّةِ أَمِ الـمَالِيَّةِ أَمِ الجَيشِ أَمْ غَيرِهَا، وَرَأْيُ الـمَجْلِسِ مُلْزِمٌ فِيمَا كَانَ رَأْيُ الأَكْثَرِيَّةِ فِيهِ مُلْزِمًا، وَغَيرُ مُلْزِمٍ فِيمَا كَانَ رَأْيُ الأَكْثَرِيَّةِ فِيهِ غَيرَ مُلْزِمٍ.وَإِنِ اخْتَلَفَ الـمَجْلِسُ مَعَ الخَلِيفَةِ عَلَى عَمَلٍ قَدْ تَمَّ بِالفِعْلِ مِنَ النَّاحِيَةِ الشَّرعِيَّةِ, فَـيُـرْجَعُ فِيهِ إِلَى مَحْكَمَةِ الـمَظَالِـمِ لِلبَتِّ فِيهِ مِنْ حَيثُ الشَّرْعِيَّةُ وَعَدَمُهَا، وَرَأْيُ الـمَحْكَمَةِ فِيهِ مُلْزِمٌ.

 

4-لَلْمَجْلِسِ الحَقُّ فِي إِظْهَارِ عَدَمِ الرِّضَا مِنَ الـمُعَاوِنِينَ وَالوُلَاةِ وَالعُمَّالِ, وَيَكُونُ رَأْيُهُ فِي ذَلِكَ مُلْزِمًا، وَعَلَى الخَلِيفَةِ عَزْلُـهُمْ فِي الحَالِ. وَإِذَا تَعَارضَ رَأْيُ مَجْلِسِ الأُمَّةِ مَعَ رَأْيِ مَجْلِسِ الوِلَايَةِ الـمَعْنِيَّةِ فِي الرِّضَا أَوِ الشَّكْوَى مِنَ الوُلَاةِ وَالعُمَّالِ فَإِنَّ لِرَأْيِ مَجْلِسِ الوِلَايَةِ الأَوْلَوِيَّةَ فِي ذَلِكَ.

 

5-لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْضَائِهِ حَقُّ حَصْرِ الـمُرَشَّحِينَ لِلخِلَافَةِ مِنَ الَّذِينَ قَرَّرَتْ مَحْكَمَةُ الـمَظَالِـمِ تَوَفُّرَ شُرُوطِ الانعِقَادِ فِيهِمْ, وَرَأْيُ أَكْثَرِيَّتِهِمْ فِي ذَلِكَ مُلْزِمٌ، فَلَا يَصِحُّ الانتِخَابُ إِلَّا مِنَ الَّذِينَ حَصَرَهُمُ الـمَجْلِسُ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

هَذِهِ الـمَادَّةُ تُبَيِّنُ صَلَاحِيَّـاتِ مَجْلِسِ الأُمَّةِ. وَأَدِلَّةُ هَذِهِ الصَّلَاحِيَّاتُ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:

 

البَنْدُ الأَوَّلُ: أ -  أَمَّا دَلِيلُ كَونِ رَأْيِ مَجْلِسِ الأُمَّةِ فِي الأَعْمَالِ وَالأُمُورِ العَمَلِيَّةِ، مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إِلَى بَحْثٍ وَإِنْعَامِ نَظَرٍ مُلْزِمًا، فَذَلِكَ: أَخْذًا مِنْ نُزُولِ رَسُولِ اللهِr  عَلَى رَأْيِ الأَكْثَرِيَّةِ فِي الخُرُوجِ مِنَ الـمَدِينَةِ لِـمُلَاقَاةِ جَيشِ الـمُشْرِكِينَ فِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ، مَعَ أَنَّ رَأْيَهُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ, وَرَأْيَ كِبَارِ الصَّحَابَةِ، كَانَ البَقَاءَ فِي الـمَدِينَةِ، وَعَدَمَ الخُرُوجِ مِنهَا، وَأَخْذًا مِنْ قَولِهِ r لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنه: «لَوِ اجْـتَمَعْـتُمَا فِي مَشُورَةٍ مَا خَالَفْـتُكُمَا». ( رواه أحمد ) ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الأُمُورَ العَمَلِيَّةَ الـمُتَعَلِّقَةَ بِالرَّأْيِ الـمُؤَدِّي إِلَى عَمَلٍ، مِنْ حَيثُ تَوفِيرُ الخِدْمَاتِ لِلرَّعِيَّةِ لاطْمِئْنَانِهِمْ فِي عَيشِهِمْ، وَمِنْ حَيثُ حِفْظُ أَمْنِهِمْ, وَتَحصِينُ مُدُنِهِمْ, وَدَفْعُ الخَطَرِ عَنْهُمْ، كُلُّ هَذِهِ يَكُونُ رَأْيُ الأَكْثَرِيَّةِ فِي الـمَجْلِسِ مُلْزِمًا لِلْخَلِيفَةِ حَتَّى وَإِنْ خَالَفَ رَغْبَتَهُ، كَمَا حَدَثَ مَعَ الرَّسُولِ r فِي الخُرُوجِ إِلَى أُحُدٍ نُزُولاً عِندَ رَأْيِ الأَكْثَرِيَّةِ.

 

bologh21 5 2019

 

البند الأول: ب -  إِنَّ الأَصْلَ فِيهِ أَنْ يَأْخُذَ الخَلِيفَةُ رَأْيَ العُلَمَاءِ، وَأَرْبَابَ الخِبْرَةِ، وَأَهْلَ الاختِصَاصِ، فِيمَا اشْتَمَلَ عَلَيهِ هَذَا القِسْمُ مِنْ أُمُورٍ، كَمَا حَصَلَ حِينَ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ r بِرَأْيِ الحُبَابِ بْنِ الـمُنْذِرِ فِي اخْتِيَارِ مَوقِعِ مَعْرَكَةِ بَدْرٍ، جَاءَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ: «إِنَّهُ r ، حِينَ نَزَلَ عِنْدَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ بَدْرٍ، لَمْ يَرْضَ الْحُـبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ بِهَذَا الْمَنْزِلِ، وَقَالَ لِلرَّسُولِ r : يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلاً أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ وَلاَ نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنَ القَوْمِ فَنَـنْزِلَهُ، ثُمَّ نُغَوِّرُ مَا وَرَاءَهُ مِنَ القُلُبِ، ثُمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضاً فَنَمْلَؤُهُ مَاءً، ثُمَّ نُقَاتِلُ القَوْمَ فَنَشْرَبُ وَلاَ يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r : لَقَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ، فَنَهَضَ رَسُولُ اللهِ r وَمَنْ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ، فَسَارَ حَـتَّى إِذَا أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنَ القَوْمِ نَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْقُلُبِ فَغُوِّرَتْ، وَبَنَى حَوْضًا عَلَى القَلِيبِ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ، فَمُلِئَ مَاءً، ثُمَّ قَذَفُوا فِيهِ الآنِيَةَ»، فَالرَّسُولُ r استَمَعَ إِلَى قَولِ الحُبَابِ وَتَبِعَ رَأْيَهُ.فَفِي هَذِهِ الحَادِثَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الرَّأْيِ وَالحَرْبِ وَالـمَكِيدَةِ، لَـمْ تَكُنْ لِآرَاءِ النَّاسِ أَيَّةُ قِيمَةٍ فِي تَقْرِيرِهَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ لِرَأْيِ الخَبِيرِ، وَمِثْلُهَا الأُمُورُ الفَنِّيَّةُ وَالفِكْرُ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى بَحْثٍ وَإِنْعَامِ نَظَرٍ. وَكَذَلِكَ التَّعْرِيفُ، فَإِنَّهُ يُرجَعُ فِيهَا لِأَرْبَابِ الخِبْرَةِ وَأَصْحَابِ الاختِصَاصِ، وَلَيسَ لِآرَاءِ النَّاسِ، إِذْ لَا قِيمَةَ فِيهَا لِلكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا القِيمَةُ لِلْعِلْمِ وَالخِبْرَةِ وَالاختِصَاصِ.

 

وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا الأُمُورُ الـمَالِيَّةُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَيَّنَ أَنْوَاعَ الأَمْوَالِ الَّتِي تُجْبَى، وَعَيَّنَ وُجُوهَ إِنْفَاقِهَا، كَمَا عَيَّنَ مَتَّى تُفْرَضَ الضَّرَائِبُ، وَعَلَى هَذَا لَا عِبْرَةَ بِرَأْيِ النَّاسِ فِي جِبَايَةِ الأَمْوَالِ وَلَا فِي صَرْفِهَا. وَكَذَلِكَ الجَيشُ، فَإِنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ تَدْبِيرَ أُمُورِهِ لِلخَلِيفَةِ، وَعَـيَّنَ أَحْكَامَ الجِهَادِ، فَلَا عِبْرَةَ لِرَأْيِ النَّاسِ فِيمَا قَرَّرَهُ الشَّرْعُ. وَكَذَلِكَ الأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِعَلَاقَةِ الدَّولَةِ بِغَيرِهَا مِنَ الدُّوَلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الفِكْرِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى بَحْثٍ وَإِنْعَامِ نَظَرٍ، وَلَهُ عَلَاقَةٌ بِالجِهَادِ، ثُمَّ هُوَ مِنْ نَوعِ الرَّأْيِ وَالحَرْبِ وَالـمَكِيدَةِ؛ وَلِذَلِكَ لَا عِبْرَةَ لِرَأْيِ النَّاسِ فِيهِ كَثْرَةً وَقِلَّةً، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلخَلِيفَةِ أَن يَعْرِضَ هَذِهِ الأُمُورَ عَلَى مَجْلِسِ الأُمَّةِ لِاستِشَارَتِهِ فِيهَا، وَأَخْذِ رَأْيِهِ؛ لِأَنَّ العَرْضَ ذَاتَهُ مِنَ الـمُبَاحَاتِ، وَرَأْيُ الـمَجْلِسِ فِي هَذِهِ الأُمُورِ لَيسَ مُلْزِمًا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَادِثَةِ بَدْرٍ، وَإِنَّمَا القَرَارُ لِصَاحِبِ الصَّلَاحِيَّةِ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالثلاثاء, 21 أيار/مايو 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع