السبت، 11 شوال 1445هـ| 2024/04/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

في يوم المرأة؛ النظر لمشاكلها من زاوية المساواة الضيقة

 

هو استعباد لها ومصادرة لإنسانيتها

 

تحتفل وزارة الشؤون الاجتماعية بولاية شمال دارفور، باليوم العالمي للمرأة، ويجيء هذا الاحتفال، بمشاركة واجهات المرأة والمنظمات الوطنية والأجنبية تحت شعار: (المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في الريف).

 

وأكدت المدير العام للوزارة، أن الاحتفال باليوم العالمي يأتي اعترافا وتقديرا بالأدوار الطليعية والرائدة للمرأة في كافة أوجه الحياة، بجانب إعداد الأطر اللازمة لتمكين المرأة وتعزيز دورها (الاجتماعي) من خلال تنمية وتطوير قدراتها الذاتية. (سونا 9/3/2018م).

في يوم 8 آذار/مارس 1908، خرجت آلاف النساء في مظاهرات حاشدة بنيويورك مطالبات في هذه المسيرة، بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، وفي عام 1977م أصدرت منظمة الأمم المتحدة قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد يوم عالمي للمرأة وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة، تخرج فيه النساء في أنحاء العالم في مظاهرات للمطالبة بحقوقهن.

 

من الواضح جدا أن احتفال وزارة الشؤون الاجتماعية في الفاشر بمشاركة المنظمات الأجنبية ما هو إلا سير على خطا الغربيات، لنيل ما يسمى حقوقا، هذه الحقوق في جوهرها هي إشقاء للمرأة، وتحميلها فوق ما تطيق، ودراسات الغرب التي تتم بواسطة المراكز الرسمية تدل على عنف وتمييز للمرأة، أكثر مما كانت عليه في القرون الوسطى، لكن تم تغليف ذلك بشعارات ظاهرها الرحمة، وباطنها فيه العذاب.

 

إن مجرد الدعوة "للمساواة" في الحقوق للمرأة والرجل في الحياة والمجتمع، من خلال فكرة المساواة بين الجنسين، لا تنتج حياة أفضل لهن، ولا تحقق الاستقرار، بل على النقيض من ذلك، فقد شقيت النساء بترك أدوارهن الطبيعية الفطرية، والانشغال بتحقيق القيمة الذاتية ليتحررن اقتصاديا، فانهمكن في العمل، فيستفقن وهن قد وهن العظم منهن، واشتعل الرأس شيبا، فأي قيمة ذاتية للمرأة بدون أسرة تؤويها، وبدون رجل يقوم عليها، ويكفيها مؤونة الحياة، وهي ملكة في بيتها؛ ربة البيت، وسر نجاح أسرتها!!

 

إن الأوضاع البائسة التي تعانيها النساء اليوم، ليس بسبب عدم مساواة المرأة بالرجل، إنما هي بسبب النظام الرأسمالي العلماني الذي يهيمن على السياسة والاقتصاد في العالم. وهذه حقيقة لا يجحدها إلا جاهل، إنه النظام الذي سبب التفاوت الفادح في الثروات، وأصاب الاقتصاد العالمي بالشلل، بالمضاربات والربا، مما أفقر ملايين الأسر، وأدى إلى انهيار أنظمة التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الضرورية للحياة. والأخطر من ذلك أن الرأسمالية المادية لها قيم هدامة للمجتمع؛ قيم التحرر التي لا ترى خطراً، في استغلال أجساد النساء من أجل الكسب المادي، ما أدى إلى إيجاد بيئة مهيأة للفساد والإفساد، تكتوى بنارها المرأة أولاً، فتعيش معيلة للأطفال، بينما يفلت الرجل بجرمه فتكون الرأسمالية هي المميز الرئيس للمرأة عن الرجل، لا كما تدعي أنها ساوت بينهم. علاوة على ذلك فإن القيم الليبرالية العلمانية التي تقدس السعي لتحقيق الرغبات الفردية، وتدعو إلى النظرة الجنسية للمرأة، بتحريرها عن كل ما يصونها ويحميها، هي أس البلاء، وأصل الداء، فقد رفضوا بقيمهم القاصرة هذه، ولاية الرجل على المرأة، واعتبروها انتقاصا لها، وهم لا يدرون أنها ولاية رعاية، وتكريم، فتركوها في مجتمع الغاب وحيدة، مهضومة الحقوق، مظلومة، حرروها من الزي المحتشم، فأصبحت موضع الأنظار للذئاب البشرية، مما أدى إلى تدهور أوضاع النساء في مجتمعاتهم، وتسببت في وباء الجرائم الجنسية، وغيرها من الانتهاكات، التي تواجهها المرأة في كل العالم اليوم، وبالتالي فإن النظرة لمشاكل المرأة من زاوية المساواة الضيقة، هي استعباد للمرأة ومصادرة لإنسانيتها.

 

لهذا فإن إعلان بكين ومعاهدات المرأة الدولية، مثل سيداو، وما لا تحصى من لوائح المساواة المنصوص عليها في هذه المعاهدات، والتي فُرضت على الدول لتطبيقها، قد أثبتت فشلها الذريع جملة وتفصيلاً، في ضمان الاحترام، والحياة الكريمة لملايين النساء حول العالم. وهذا دليل واضح على أن المنظمات النسوية والحكومات والمؤسسات، الذين يروِّجون لأفكار المساواة بين الرجل والمرأة، لا يملكون رؤية حقيقية صادقة موثوقاً بها لحل مشاكل النساء، بل على النقيض من ذلك، فهم من أشقوها.

 

إنّ أي مبدأ بشري، مهما علا في الأرض، فهو قاصر، وغير قادر على فهم وحل القضايا الرئيسية المتعلقة بدور الرجل، ودور المرأة في المجتمع، والعلاقة بينهما، وحقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر، فكان نتيجة تطبيق فكرة المساواة، وتمكين المرأة، أنْ صعّب عليها الحصول على الزوج، وشجع الزنا، وحرَم المرأة من حقها في النفقة عليها وعلى أولادها، فأصبحت معيلة لا مفر لها من العمل للإنفاق على نفسها، وتربية أطفالها، وقد أدى ذلك إلى تفكك الأسر، وتدهور الأوضاع في المجتمعات الأوروبية بخاصة، وامتهان شرف المرأة، والسماح بتصويرها على أنها محل لإشباع رغبات الرجل على نطاق واسع، حيث أدى ذلك إلى التحرش بالنساء، وسوء المعاملة، والاغتصاب، وقد أثرت هذه المفاهيم الفاسدة على جميع قطاعات المجتمع، الأغنياء والفقراء.

 

وعلى الرغم من الفشل الذريع للفكر الغربي في إنصاف المرأة، فإنّ الحكومات الغربية تخصص مئات الملايين من الدولارات لتعزيز القيم الغربية في مجتمعات المسلمين، بإجبار الحكومات القائمة لتبني اتفاقية سيداو، التي تتبنى رأياً فاسداً مفاده (إنّ اضطهاد المرأة هو نتيجة للقوانين الدينية)، ويؤكدون هذا الرأي بالتجربة الغربية للكنيسة النصرانية، وهي قوانين محرفة لا صلة لها بالله تعالى، ولا صلة لها بما جاء به نبينا محمد e، الذي منح المرأة حقوقها منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، وهي الحقوق التي تحلم بها المرأة في العالم، ومع ذلك، فإنّ حكام المسلمين يعززون من نشر هذه القيم الغربية سيراً في ركاب الغرب الكافر، وتركا لشريعة الله سبحانه وتعالى، التي هي الدواء لكل داء.

 

إن الإسلام قد حدد الحقوق والواجبات، لكل من الرجل والمرأة. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [النساء: 32]. إنّ هذه الحقوق التي مُنحت للمرأة من لدن المولى سبحانه وتعالى، دون نضال، لا يمكن أن تمنحها إياها أي جهة في الأرض، بل هي الرفعة والعبودية لله وحده، والتخلص من التعبد لمن سواه تعالى.

 

إن الحقوق والواجبات التي فرضها الله تعالى، رب المرأة، لا تعتمد على قدرتها على الكسب، أو قيمتها الاقتصادية، بل هي النظرة الصحيحة للمرأة، من خالقها منة وتفضلاً، كما أن تحصيل هذه الحقوق هي عبادة لله بالتزام أمره لا يتحصل عليها من خلال القانون فقط، بل إنّ المجتمع المسلم الذي تنتشر فيه قيم الإسلام، هو الضامن الرئيس لمنع المضايقات، وسوء المعاملة، والعنف ضد المرأة بوازع تقوى الله، ومراقبته في السر والعلن. لقد حفظ الإسلام شرف المرأة وحرم الاعتداء عليها، كما حظر الإساءة إلى سمعتها واستغلال مفاتنها، أو استخدام جسدها كسلعة، فمنع التبرج والاختلاط والخلوة، وجعل المرأة ذات مكانة سامية عند الجميع، قال رسول الله e: «فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٌ لا يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنَّ شَيْئًا» ووصى الرسول e بالنساء فقال عليه الصلاة والسلام: «فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».

 

وقد أنتجت هذه المفاهيم الصادقة، العادلة، المنصفة، الاستقرارَ والطمأنينة في المجتمع المسلم، تحت ظل دولة الخلافة، لأكثر من ألف سنة، مما أنتج أجيالاً يسطر التاريخ أنهم أرقى، وأعدل، وأنفع الناس للناس، وإن عودة هذا الرقي يوشك أن يكون، فتسمو المرأة في ظله، وترتقي، وإن غداً لناظره قريب.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار – أم أواب

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع