Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ماذا أصاب الأمة الإسلامية بعد سقوط التاج عن رأسها؟

 

ما إن يهلّ شهر رجب الخير حتى يتبادر إلى الأذهان تاريخ مؤلم وعصيب، عصف بالأمة الإسلامية وفاجعة غير طبيعية ألمت بها، هذا التاريخ هو الثامن والعشرون من رجب لعام 1342 للهجرة.

 

ففي مثل هذا التاريخ هُدم صرح الأمة الإسلامية وسقط التاج عن رأسها المتمثل "بالخلافة" على يد الطاغية المجرم مصطفى كمال بمساندة عدوة الإسلام والمسلمين بريطانيا حينذاك، وبهدم الخلافة فقدت الأمة مَن يطبق عليها شرع ربها وهو خليفة المسلمين، وبالتالي فقدت سلطانها وتلاشت قوتها، ونصب على رقابها رويبضات أنذال وأرذال خدم للغرب الكافر، ومن جراء ذلك استبيحت بيضتها، واحتلت بلادها، واغتصب يهود الأرض المباركة فلسطين وفي مقدمتها المسجد الأقصى مسرى الحبيب محمد e ودنست المقدسات وانتهكت الأعراض ونهبت الثروات والمقدرات، بالرغم من ثروات المسلمين الطائلة حتى غدا سواد المسلمين يعيش حياة الفاقة والفقر والجوع والحرمان، كل هذا وغيره بسبب غياب الحكم بما أنزل الله، وسقوط التاج عن رأس الأمة.

 

وبغياب الخلافة انتكست الأمة وأصابها ما أصابها ورجعت القهقرى حيث انتقلت من حالة العزة إلى الذّل والهوان، ومن حالة النصر والتمكين إلى الهزيمة والخذلان والانكسار، كما توالت عليها الفواجع والنكبات وغدت الأمة تعيش من هزيمة إلى هزيمة ومن نكبة إلى نكبة ومن نكسة إلى نكسة، ومن حالة الوحدة إلى الفرقة والتجزئة، وتفرقت الأمة شذر مذر، ومزقت الخلافة إلى كنتونات ودويلات هزيلة، وخيم على الأمة الظلم والظلام والعدوان، بمعنى ذلت الأمة وانتكست حتى غدت في ذيل الأمم والشعوب بعدما كانت في مقدمة الركب، وحينما ابتعدت عن منهج الله ذاقت لباس الخوف والجوع، وغدت تعيش حياة الضنك والشقاء، قال الله سبحانه: ﴿وَمن أعرَضَ عَن ذِكرِي فَإنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكاً وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أعمَى﴾ [سورة طه: 124]، ورسول الله e يقول: «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَداً، كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي».

 

هذا غيض من فيض مما أصاب الأمة اليوم بعد هدم صرحها وسقوط التاج عن رأسها المتمثل "بالخلافة"، لذلك كان لزاماً على كل مسلم غيور على دينه ونهضة أمته وعزتها ورفعتها وعلى استعادة سلطان الإسلام، أن يدرك عِظم هذه الفاجعة وضرورة إعادة الحكم بما أنزل الله، حتى يمحى هذا التاريخ المؤلم، وهذه الفاجعة العظيمة التي ألمت بالأمة، وتعود سيرتها الأُولى.

 

كيف لا والخلافة رمز العزة والكرامة والنصر والتمكين والوحدة، وهي التي تحفظ الدين والعِرض والمقدسات، وهي التي تعمل على صيانة المُثل والقيم في المجتمع، وصدق سيد الخلق محمد e حيث قال: «إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ».

 

وأخيراً وليس آخراً: على أهل القوة والمنعة المتمثلة بجيوش المسلمين، الذين هم أحفاد الفاتحين، أمثال: أبي عبيدة، والقعقاع، وخالد، وصلاح الدين، أن يعملوا جادين بإعطاء النصرة والمنعة للعاملين المخلصين؛ لحزب التحرير الذي يصل ليله بنهاره لقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فإن هم فعلوا ذلك يرضى عنهم ساكن السماء وساكن الأرض، وحينئذٍ تنعم البشرية جمعاء بعدل ونور الإسلام. قال الله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾. [سورة غافر: 15]

 

وعن تميم الداري قال: سمعت رسول الله e يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزّاً يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلَامَ، وذُلّاً يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ» رواه أحمد.

 

لذا فلتطمئن أمة الإسلام ولتقرّ عينها، فإن النصر والتمكين موعدها، والخلافة الراشدة مستقبلها، وهي آتية لا محالة بإذن الله تعالى، وحينها ستدك عروش الطواغيت وأعوانهم وستزول كيانات الكفر المتربصة بالأمة، وسيزول الظلم وسينتشر العدل وستنتصر الأمة وتسود بإذن الله سبحانه، ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا﴾.

 

اللهم عجّل بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، التي تعيد للأمة الإسلامية عزتها وللمقدسات مكانتها، إنّك وليّ ذلك والقادر عليه.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ خالد عبد الكريم حسن – الأرض المباركة (فلسطين)

 

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.