الأحد، 26 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
نفائس الثمرات - آفَاتِ الْعُجْبِ كَثِيرَةٌ

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نفائس الثمرات

آفَاتِ الْعُجْبِ كَثِيرَةٌ

 

 

اعْلَمْ أَنَّ آفَاتِ الْعُجْبِ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّ الْعُجْبَ يَدْعُو إِلَى الْكِبْرِ; لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِهِ، فَيَتَوَلَّدُ مِنَ الْعُجْبِ الْكِبْرُ، وَمِنَ الْكِبْرِ الْآفَاتُ الْكَثِيرَةُ الَّتِي لَا تَخْفَى، هَذَا مَعَ الْعِبَادِ، وَأَمَّا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فَالْعُجْبُ يَدْعُو إِلَى نِسْيَانِ الذُّنُوبِ وَإِهْمَالِهَا، فَبَعْضُ ذُنُوبِهِ لَا يَذْكُرُهَا لِظَنِّهِ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ تَفَقُّدِهَا، وَمَا يَتَذَكَّرُهُ مِنْهَا فَيَسْتَصْغِرُهُ فَلَا يَجْتَهِدُ فِي إِزَالَتِهِ، بَلْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ. وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ وَالْأَعْمَالُ فَإِنَّهُ يَسْتَعْظِمُهَا وَيَمُنُّ عَلَى اللَّهِ بِفِعْلِهَا وَيَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّمْكِينِ مِنْهَا، ثُمَّ إِذَا أُعْجِبَ بِهَا عَمِيَ عَنْ آفَاتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْجَبَ يَغْتَرُّ بِنَفْسِهِ وَبِرَأْيِهِ وَيَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ بِمَكَانٍ، وَأَنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنَّةً وَحَقًّا بِأَعْمَالِهِ الَّتِي هِيَ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِهِ، وَيُخْرِجُهُ الْعُجْبُ إِلَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَحْمَدَهَا وَيُزَكِّيَهَا، وَإِنْ أُعْجِبَ بِرَأْيِهِ وَعَمَلِهِ وَعَقْلِهِ مَنَعَ ذَلِكَ مِنَ الِاسْتِفَادَةِ وَمِنَ الِاسْتِشَارَةِ وَالسُّؤَالِ فَيَسْتَبِدُّ بِنَفْسِهِ وَرَأْيِهِ، وَيَسْتَنْكِفُ مِنْ سُؤَالِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَرُبَّمَا يُعْجَبُ بِالرَّأْيِ الْخَطَأِ الَّذِي خَطَرَ لَهُ فَيَفْرَحُ بِكَوْنِهِ مِنْ خَوَاطِرِهِ، وَلَا يَفْرَحُ بِخَوَاطِرِ غَيْرِهِ فَيُصِرُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْمَعُ نُصْحَ نَاصِحٍ، وَلَا وَعْظَ وَاعِظٍ، بَلْ يَنْظُرُ إِلَى غَيْرِهِ بِعَيْنِ الِاسْتِجْهَالِ وَيُصِرُّ عَلَى خَطَايَاهُ.

 

 

فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ آفَاتِ الْعُجْبِ، فَلِذَلِكَ كَانَ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ، وَمِنْ أَعْظَمِ آفَاتِهِ أَنْ يَغْتَرَّ فِي السَّعْيِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْ فَازَ وَأَنَّهُ قَدِ اسْتَغْنَى، وَهُوَ الْهَلَاكُ الصَّرِيحُ: نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ حُسْنَ التَّوْفِيقِ لِطَاعَتِهِ.

 

 

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين

الشيخ محمد جمال الدين القاسمي

 

 

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

آخر تعديل علىالثلاثاء, 11 أيلول/سبتمبر 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع