الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أول مدرسة خاصة برسوم مخفضة في بريطانيا هل التعليم تجارة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أول مدرسة خاصة برسوم مخفضة في بريطانيا

 

هل التعليم تجارة؟

 

 

الخبر:

 

ذكرت الجريدة البريطانية المشهورة التلغراف، الثلاثاء 21 شباط/فبراير خبراً بعنوان: "أول مدرسة برسوم دراسية مخفضة في بريطانيا، ستكلف الأهالي فقط 52 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع". وجاء فيه: "أول مدرسة برسوم دراسية مخفضة ستفتح أبوابها في أيلول/سبتمبر القادم، وحسب مدير المشروع فلا ينبغي للأهالي توقع أي امتيازات".

 

التعليق:

 

حسب موقع التلغراف فإن متوسط الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة يصل إلى 13 ألف جنيه إسترليني سنوياً ويرتفع في المدارس الداخلية ليصل إلى 30 ألفاً. صاحب هذا المشروع يقول بالمناسبة: "المدرسة لن تكون للفقراء فقط بل لكل من يرى أن تكلفة التعليم الخاص مرتفعة". حيث تكلف المدرسةُ أولياءَ أمور الطلبة 27 ألف جنيه إسترليني سنوياً.

 

يُذكر أن مؤسس المشروع هو بروفيسور في مجال سياسات التعليم، وله عدة مؤسسات لتوفير "التعليم الخاص" للفقراء في الهند وإفريقيا والصين. وألَّف كتاباً انتقد فيه تدخل الدولة في قطاع التعليم حيث يقول: "الأمية الوظيفية وجنوح الأحداث وعدم الابتكار التقني كلها تشير إلى فشل التعليم الحكومي، فلماذا تشارك الحكومة في التعليم؟"

 

النظام الغربي القائم على فصل الدين عن الحياة، هو نظام مصلحةٍ بامتياز. فالنظرة الماديَّة تسيطر على كل النظام بدءاً بالحكومة التي تحوَّلت من مؤسسة رعوية للأمة الناخبة إلى مؤسسةِ رئاسة تسطر السياسات التي توافق مصالح النخبة الحاكمة؛ إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأفراد والعامة. وجميع المعالجات في هذا المبدأ منبثقة بطبيعة الحال عن النظرة النفعية. فالدولةُ لا تنظر لرعاياها إلا كمصدرِ دخلٍ، ومجموع أفراد يؤثر كلٌّ منهم في الناتج القوميِّ. وصارت قيمة الإنسان هي ما يُنتج فهو ثمنه. ومع إقصاء الدين عن الحياة وسيادة مفهوم "الغاية تبرر الوسيلة" مع عدم تحديد هذه الغاية أصلاً بمقياس وعدم تقييدها بأي ضابط صارت المجتمعات تنطق بأن البقاء للأقوى.

 

هذه النظرة التي شجَّعت الطامعين والرأسماليين على استغلال غيرهم، وانتهاك كل فضيلة وخلق لأجل تحقيق المصالح الذاتية وتحقيق أكبر قدرٍ من المتع الجسدية، زادت حدة الفقر وعدد الفقراء، وحرمت الكثيرين من حقوق الإنسان التي تتشدق بها المؤسسات الدولية التي أوجدها الأغنياء لإقناع الفقراء أن هناك من يعمل لأجلهم.

 

التعليم لم يكن بعيداً عن هذه النظرة. فالدولة لا تنظر لنفسها كمسؤول عن رعايا يجب عليها تقديم كل ما يلزمهم لحياةٍ كريمة ودون مقابل، بل هي ترى فيهم مستهلكين وسوقاً استثماريةً يجب استغلالها جيداً. القانون الذي يلزمها بتوفير التعليم والمسكن والمأكل لا يرى غضاضة في أن تأخذ ثمناً لهذه الخدمات الأساسية على شكل ضرائب أو رسوم تزيدهم فقراً على فقرهم. ولا أن تقدم لهم أقل من الحد الأدنى ليستطيعوا الحياةَ بشكل كريم. ففي كل أنحاء العالم يُعرف عن التعليم الحكومي أنه ذا مستوىً أدنى من التعليم الخاص، ويفتقر للمعايير الدولية التي مرةً أخرى تضعها المؤسسات الدولية التي أوجدتها النخب الرأسمالية الحاكمة!

 

صار التعليم سوقاً للاستثمار من قبل رجال الأعمال يزايدون فيه على حسب ثرواتهم ومقدار الربح الذي يكتفون به من العامة. بينما الدولة قد رفعت يدها عن التعليم بشكل غير مباشر لتريح نفسها من العبء الاقتصادي الثقيل الذي يتطلبه المستوى المطلوب من التعليم. فإهمال الدولة دفع الشعوب للمطالبة بتعليم أفضل لأبنائها، فكانت الفرصة السانحة لرجال الأعمال لتقديم النوعية المطلوبة من التعليم بالمعايير العالية التي تضمن جودة التعليم وتوفير كل المستلزمات من غرف صفية مكيَّفة ومختبرات وغيرها، وظروف دراسةٍ آمنة، لكن بأضعاف أضعاف الرسوم الدراسية في التعليم الحكومي، فالمهم في القطاع الخاص هو الربح. ووقع أولياء الأمور الساعون لتعليم أبنائهم لأجل مستقبل أفضل، وقعوا بين سندان الفقر ومطرقة جودة التعليم.

 

وجود مثل هذه المدرسة كأول مدرسة تخفض الرسوم، ليس امتيازاً حقاً، إلا في نظر شعبٍ اعتاد على دفع الكثير وخفف له مقدار الضريبة. فالأصل أن تقوم الدولة بتوفير التعليم بالمجان بمستوى يلائم تقديرها للعلم والعلماء. أما الدول الرأسمالية التي صدَّعت رؤوسنا بحقوق الإنسان ونشرت كل أذرعها الخبيثة في بلادنا لتدس سمومها بحجة تطوير التعليم، فلم تجد حرجاً في تقديم تعليم رديء لرعاياها، ثم تلاحق شركات القطاع الخاص التي قدَّمت نوعية تعليم أفضل لتأخذ منها الضرائب!

 

فهل هذا هو أفضل ما يمكن للرأسمالية أن تجود به على البشرية؟ هل حقاً صار التعليم مرتبطاً كغيره بالسعر الذي يحدده رجال الأعمال؟

قد تكون هذه المدرسة ملائمة للفقراء أو محدودي الدخل ضمن الواقع الموجود أكثر من غيرها، لكن الفكرة كلها قائمة على مبدأ عقيم لا ينتج حلولاً بل يقدم المشكلة تلو الأخرى.

 

مرةً أخرى تثبت الوقائع فشل التشريع البشري والحاجة الملحة لنظام ربّاني عادل يُعطى فيه الجميع نفس الامتيازات ونفس المستوى من الخدمات. وتنطق الرأسمالية بعجزها ووحشيَّتها. وتبقى البشرية تنادي بحاجتها لنظام الإسلام ودولة الخلافة التي تطبقُّه على الوجه الأفضل. حيث تقدِّم الخلافةُ التعليم كأحد واجباتها للرعية دون مِنَّة ولا مقابل، وعلى الطراز الرفيع حيث تنبثق رؤيتها من تقدير الإسلام العظيم للعلم والعلماء وحثِّه على طلب العلم وجعله فريضةً. حيث سيتم توفير التعليم في دولة الخلافة في المرحلتين الابتدائية والثانوية بالمجان لجميع الطلاب، من الذكور والإناث، ودولة الخلافة تسعى إلى توفير المستوى الجامعي بالمجان أو بتكلفة منخفضة بحسب قدرة الدولة. وسيتم توفير التمويل لزيادة المرافق التعليمية مثل المختبرات والمكتبات ومراكز البحوث. وللحصول على تمويل التعليم، فإنّ الخلافة ستعيد من هيكلة إيرادات الدولة وفقا للأحكام الشريعة لتسريع التقدم العلمي، وسوف تدر عوائد ضخمة من الممتلكات العامة مثل الطاقة والشركات الحكومية مثل البناء على نطاق واسع وتصنيع الآلات، حيث تجمع الزكاة من عروض التجارة ورأس المال والأراضي، وتنهي جميع أشكال الضرائب المهلكة مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات التي خنقت النشاط الاقتصادي.

 

فأيُّ المبدأين أحقُّ بقيادة العالم؟ وأيُّ الفريقين أصدق في رعاية البشرية وتحقيق تطلعاتها؟

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أختكم بيان جمال

 

 

وسائط

1 تعليق

  • omraya
    omraya الخميس، 23 شباط/فبراير 2017م 15:35 تعليق

    جزاكم الله خيرا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع