- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
طالبان الأفغانية في زحمة الدهاليز السياسية
الخبر:
حمّل الاتحاد الأوروبي حركة طالبان المسؤولية عن العنف في أفغانستان، بينما أجرى وفد قيادي من الحركة مباحثات في طهران. ووسط تحول في الموقف الأمريكي، كشف مصدر مطلع أن حلف شمال الأطلسي يخطط لإبقاء قواته في البلاد. (الجزيرة نت، 31/1/2021)
التعليق:
هناك قول شائع وصحيح بأن الحركات الإسلامية الجهادية لا يمكن هزيمتها عسكرياً بسبب تأصل العقيدة الإسلامية في نفوس أعضائها، ولكن هناك سياسة متبعة في الغرب بأن هذه الحركات من السهل احتواؤها أولاً ثم دحرها عن الساحة ثانياً، أي هزيمتها، عن طريق السياسة.
وهذا الأمر ينطبق على حركة طالبان الأفغانية، إلا أن يقوم قادتها بإخراجها من المسار السياسي وإعادتها إلى الجهاد. فأمريكا تئن في أفغانستان وتريد الخروج ولم تعد تطيق المزيد من الحرب، هذا من ناحية عسكرية. أما من الناحية السياسية فقد تسلطت دولة قطر على حركة طالبان عبر الدعم المالي حتى أصبحت حركة طالبان تسمع لقطر وتأخذ بنصائحها، بل تصعب مخالفة رغباتها من أجل استمرار الدعم المالي. وهنا كانت المصيدة، فحين أصبحت مصلحة قطر بعد حصار السعودية لها إرضاء أمريكا في محاولة منها لفك الحصار عن نفسها قامت بتقديم حركة طالبان قرباناً لأمريكا المنهزمة في أفغانستان، وفعلاً رعت قطر مفاوضات السلام بين طالبان وأمريكا في الدوحة حتى تم التوصل لاتفاق تنسحب بموجبه أمريكا كلياً من أفغانستان بنهاية نيسان 2021، ثم دفعت أمريكا بحركة طالبان للتنازل ومفاوضة الحكومة العميلة في كابل، وبعد تمنّع أقنعت طالبان نفسها بذلك لأنها صدقت بأن القوات الأمريكية ستغادر أفغاستان في الموعد.
تبدلت الإدارة الأمريكية، ثم أخذت إدارة بايدن الجديدة بالإعلان عن مراجعة الاتفاق مع حركة طالبان الذي أبرمته إدارة ترامب، بمعنى أنها بدأت تتنصل منه، ثم اتهام طالبان بعدم الإيفاء بالتزاماتها، وهنا رحبت الحكومة العميلة في كابل بذلك ورحب الاتحاد الأوروبي، وأعلن حلف الناتو بقيادة أمريكا بأنه لن ينسحب من أفغانستان، بمعنى أن أمريكا لو سحبت قواتها بموجب الاتفاق مع طالبان فإنها باقية في أفغانستان من خلال قوات حلف الناتو. فماذا فعلت حركة طالبان؟
وأمام هذا المأزق سافرت وفود رفيعة من حركة طالبان إلى موسكو وطهران وكأنها تطلب النجدة، ففي طهران تفاوض طالبان رجال أمريكا أمثال محمد جواد ظريف الذي يرشدها وبخبث إلى شِراك أمريكا ويطلب منها المزيد من المرونة، وفي موسكو يريدون لطالبان أن تأخذ بنصائحهم لجعل ذلك ورقة تفاوض مع أمريكا، كما كانت بين أمريكا وقطر.
وأمام هذه الدهاليز السياسية التي تنتقل من خدعة إلى خدعة، ومن فخ إلى فخ أحكم منه، يجب على حركة طالبان ترك المفاوضات وترك العواصم كلها من موسكو وطهران والدوحة، والاستمرار بالجهاد والإخلاص لله وحده عسى الله أن يحقق على أيديها نصراً في أفغانستان.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال التميمي