السبت، 26 صَفر 1446هـ| 2024/08/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات
أمة تستعيد حيويتها رغم كبر حجم التآمر عليها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أمة تستعيد حيويتها رغم كبر حجم التآمر عليها

 

برغم الضعف الشديد الذي طرأ على الأمة الإسلامية ردحا من الزمن، وبرغم سقوط دولتها منذ خمسة وتسعين عاما، وبرغم ما عملته الأيادي الآثمة من حكام خونة وعملاء فكريين لأعداء الأمة في جسد الأمة بأن مزقته إلى مزق وكيانات هزيلة تسمى زورا وبهتانا دولا، وبرغم تلك الأسلاك الشائكة والأسوار العالية التي وضعوها بين شعوب الأمة، التي ربما تكون قد نجحت لوقت ما في إضعاف الأمة وإفقادها لقدرتها وطاقتها الحيوية وغياب شعورها القوي بأنها أمة واحدة من دون الناس، إلا أن الأمة الإسلامية ما لبثت أن استفاقت من تلك الغفوة وعادت لها الحيوية التي بدأت تدب في أوصالها من جديد والتي تدفعها دفعا لتقديم التضحيات في سبيل رفعتها وعودتها كما كانت من قبل خير أمة أخرجت للناس. ذلك أن الأمة الإسلامية تمتلك عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام، تمتلك مبدأ لا مثيل له في الدنيا فهو وحي الله إلى نبيه ﷺ وهو يدفعها دفعا لتكون في مقدمة الشعوب والأمم، كما قد يسر الله لها من أسباب القوة والمنعة ما يدفعها دفعا لاسترداد مكانتها إن هي تزحزحت أو أزيحت عنها في يوم من الأيام، كما يسر الله لثلة واعية فيها وهداها إلى تلمس طريق النهضة الصحيحة، مما دفع تلك الثلة إلى تحمل كل العقبات والمصاعب التي تقف في طريق إعادة الأمة إلى سابق عزها ومجدها، ولقد بذل الرعيل الأول لتلك الثلة المؤمنة بربها الواثقة بوعده عز وجل لهذه الأمة بالاستخلاف والتمكين والأمن، بذلوا الغالي والنفيس وعملوا لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

 

وفي هذه العجالة، تعالوا بنا نبين ذلك بشيء من التفصيل لأن هناك الكثير من المرجفين بين أبناء الأمة الذين يريدون أن يوهموا الأمة أنها أمة ميتة لا حول لها ولا قوة وأنه لا قِبَل لنا بأمريكا والغرب، بل منهم من قال لا يوجد شيء اسمه أمة إسلامية وأن هذه الأمة قد تُودِّع منها، بل رأينا حركات إسلامية تجري ما تسميه مراجعات فكرية وما هي إلا تراجعات وتنازلات فكرية تقربهم من العلمانية وإرضاء الغرب وتبعدهم عن الإسلام وتغضب عليهم الرب سبحانه وتعالى. وهؤلاء جميعا قد أصابهم اليأس من القدرة على التغيير وظنوا في أمتهم ظن السوء، بل منهم من نظر للأمة نظرة استعلاء واستكبار فقال إن هذه الأمة تستحق ما يجري لها على يد أعدائها لأنها رفضته وانساقت وراء غيره رغم أنه لم يقدم لها شيئا ولم يطبق عليها إسلاما ولم يرد عنها كيدا ولم يقطع تدخلات أعدائها في شؤونها. إن هذه الأمة أمة عظيمة قوية بعقيدتها، يجمعها شعور عظيم بالوحدة وأنها أمة واحدة من دون الناس برغم تشرذمها وفقدانها للراعي الذي تقاتل من ورائه وتتقي به، والدليل على ذلك:

 

أولا: لو أن أمة من الأمم غير أمة الإسلام تعرضت لما تعرضت له الأمة لما بقي لها في الواقع ذكر ولا في التاريخ حكاية، فقد تكالبت عليها الأمم من كل حدب وصوب كما تتكالب الأكلة إلى قصعتها، فقطعوا أوصالها وجعلوها أشلاء متناثرة ونهبوا خيراتها وثرواتها واحتلوا أرضها ونكلوا بأبنائها؛ فعلوا ذلك بأنفسهم تارة وبيد أناس من أبناء الأمة تارة أخرى، وقد رأينا كيف تكالب الروس على أبناء الأمة هناك حتى كادوا أن يقضوا عليهم، وكيف تكالب الهندوس على المسلمين في الهند وكشمير، والصرب على أبناء الأمة في ألبانيا والبوسنة والهرسك، ويهود في فلسطين، وأمريكا في أفغانستان والعراق، واليوم نرى كلاب الأرض كلها تتكالب على الأمة في الشام، ورغم ذلك ظلت الأمة صامدة متماسكة تبذل الغالي والنفيس وتجاهد بالمال والنفس والولد باستثناء حفنة قليلة من أبناء الأمة باعت نفسها للشيطان، ولن يمضي وقت طويل حتى تدوسها الأمة بالأقدام وتنتصر لنفسها ودينها وعرضها.

 

ثانيا: لقد ظلت الأمة عصية على الكسر برغم الخطط التي وضعها الكافر المستعمر ليلفتها عن دينها وعقيدتها، ورغم أن حجم المؤامرة كان كبيرا وكبيرا جدا، ورغم أن التضليل كان متقنا لدرجة كبيرة، خدع الأمة ردحا من الزمن انساقت فيه الأمة وراء زعامات زائفة وقيادات خائنة وعلماء ضالين مضلين، إلا أن الأمة ما لبثت أن أدركت ذلك وانفضت من حول هؤلاء وكشفتهم وعرتهم أمام أنفسهم وأمام الناس ليسقطوا في مكان سحيق غير مأسوف عليهم. لقد أدركت الأمة بما تملكه من إيمان ووعي من هم قادتها الحقيقيون من أبنائها المخلصين الذين يصلون ليلهم بنهارهم ليستأنفوا حياتهم الإسلامية التي انقطعت بهدم دولتهم وغياب شريعتهم من الحكم والسلطان، وما هي إلا مسألة وقت حتى يمكن للأمة من جديد في دولة مهيبة عظيمة تعيد سيرة الأولين من الصحب الكرام والمجاهدين العظام.

 

ثالثا: برغم غياب الدولة الجامعة التي تجمع الأمة في بوتقة واحدة، لا يزال أبناء الأمة من أقصاها إلى أقصاها تتحرك مشاعرهم تجاه ما يصيب إخوانهم في أي بقعة من العالم، فما يحدث في بورما مثلا ينتقل صداه إلى مصر والعراق والشام والمغرب، وما يحدث في الشام تتحرك له قلوب ومشاعر أبناء الأمة في إندونيسيا وماليزيا وإن اكتفت الأمة بالمسيرات والاحتجاجات ورفع الصوت عاليا فلأنها مغلوبة على أمرها مقهورة من قبل حكام نواطير لا يتحركون لما تتحرك له مشاعر الأمة، حكام رويبضات ماتت أحاسيسهم وتبلدت مشاعرهم وصاروا كأموات الأحياء، ولو رُدّ الأمر للأمة لرأينا منها الأعاجيب.

 

رابعا: رغم القهر والذل وتكميم الأفواه وقطع الأعناق والأرزاق ثارت الأمة على حكامها، وما إن بدأت الشرارة من تونس حتى انتقلت إلى مصر فليبيا فسوريا فاليمن، وما زالت الشرارة موقدة ولن تخبو إلا بعد أن تزلزل عروش الطغاة وتقتلعهم واحدا تلو الآخر، ذلك أن الأمة كالجسد الواحد إذا دبت الحيوية في جزء منه انتعش الجسد كله، ولقد كانت انتفاضة تونس بادرة خير ما لبثت أن تلقفها الناس في مصر ومن ثم انتقلت شرارة الثورة في باقي بلاد الثورات، ورغم أن الثمن كان أرواح بعض أبناء الأمة الذين وقفوا بصدور عارية أمام آلة القتل التي استعملتها تلك الأنظمة المهترئة ضد شعوبها وجنبتها صدور أعدائها، ورغم اختطاف أغلب تلك الثورات من يد الثوار وإجهاضها في أغلب البلدان التي انطلقت فيها، ما زالت الثورة السورية عصية على الكسر، وما زالت الأمة مستمرة في حراكها في مصر وليبيا واليمن لإعادة الثورة إلى طريقها الصحيح. نعم إن هذه الأمة أمة الخير وهي دائما على استعداد للتضحية والبذل والعطاء من أجل قضاياها المصيرية، وإن الأمل معقود على شبابها الذي بدأ الثورة والذي لن يهدأ له بال حتى يصل إلى مبتغاة؛ خلافة راشدة على منهاج النبوة، ولقد هز هذا الحراك في الأمة أنظمة ظنت لوهلة أنها في مأمن من ثورة أبنائها عليها كالنظام السعودي، الذي اضطر لتقديم الرشاوى لشعبه بأن قدم له بعضا من المنح والهبات من أموال الأمة المكدسة في خزائنه، ظنا منه أن هذا يمكن أن يسكت نقمة الناس عليه، خاصة بعد أن انكشفت كذبة أن النظام السعودي يطبق الشريعة وأنه يحكم بما أنزل الله.

 

خامسا: رغم أن المستعمر الكافر كان مدركا لأهمية التعليم في تكريس استعماره وتدجين شعوب الأمة وسهره على وضع المناهج التعليمية وفق سياسته ووجهة نظرة في الحياة لإخراج جيل من أبناء الأمة منقطع الصلة بعقيدته وحضارته وقيمه الإسلامية، وحرصه الشديد ألا تخرج جزئية من تلك المناهج عن تصوراته وجعل شخصياته ومفكريه هم المثال والقدوة، ورغم علمنة التعليم والثقافة في بلادنا، إلا أن الأمة أجبرتهم على الاعتراف بضعفهم وفشلهم في إبعادها عن عقيدتها وحضارتها، وكأن لسان حالهم يقول ماذا نفعل إذا كان الإسلام أقوى منا جميعا. صحيح أن تلك المناهج قد تربى عليها حفنة من أبناء الأمة ورضعوا مع حليب أمهاتهم فكرة فصل الدين عن الدولة، بل منهم من يهاجم الإسلام وأحكامه جهارا نهارا ويكيل الشتائم لعلماء الأمة الأفذاذ كالبخاري ومسلم، ولكن هؤلاء رغم شهرتهم منبوذون في الأمة، لا يلتفت إليهم أحد، فهم أدوات ومعاول هدم في يد أعداء الأمة، ولقد أدارت الأمة لهم ظهرها لتلتفت لأبنائها المخلصين الذين يبصرونها بطريق نهضتها الصحيح.

 

إن عوامل وحدة هذه الأمة كثيرة ولن يمضي وقت طويل حتى تستعيد الأمة زمام المبادرة لتفاجئ الغرب من جديد بحراكها الذي سيزلزل عروش الطغاة ويقضي على أنظمتهم التي ما رأت الأمة منها خيرا في يوم من الأيام لتقيم دولتها دولة العزة والكرامة، وعد الله وبشرى رسوله؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وما ذلك على الله بعزيز، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الله الشريفبلاد الحرمين الشريفين

 

 

2 تعليقات

  • Khadija
    Khadija الثلاثاء، 02 آب/أغسطس 2016م 14:51 تعليق

    أدامكم الله سندا لخدمة هذا الدين .. وسدد رميكم وثبت خطاكم .. ومكنكم من إعلاء راية الحق راية العقاب خفاقة عالية .. شامخة تبدد كل المكائد والخيانات والمؤامرات.. اللهمّ آمين، إنه نعم المولى ونعم النصير..

  • إبتهال
    إبتهال الثلاثاء، 02 آب/أغسطس 2016م 08:14 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع