هل الاتفاق السياسي بين صالح والحوثي في خدمة الإنجليز أم الأمريكان؟؟

لقد تفردت بريطانيا بحكم اليمن خلال30 عاماً عن طريق عملائها صالح وعلي محسن وآل الأحمر، ولما أظهر صالح نيته في ترشيح نجله أحمد للرئاسة دبت الخلافات بين صالح من جهة وعلي محسن وآل الأحمر من جهة ثانية. ثم اندلعت ثورة 2011م ضد صالح فسارعت بريطانيا إلى إخراج مبادرة للتسوية بين عملائها أسمتها زوراً وبهتاناً بالمبادرة الخليجية فتعكر مزاج أمريكا فأمدت الحوثي عن طريق إيران بأحدث الأسلحة الفتاكة فأسقط صعدة في يده ثم تقدم خارج أسوارها يأخذ القرى واحدةً تلو الأخرى، فأوعزت بريطانيا لعميلها صالح بالتحالف مع الحوثي بعد أن أدركت أن القوة التي في يد الحوثي كفيلة بإسقاط صنعاء في يده، وبالفعل فقد فعل صالح ذاك وأسقط صنعاء في يد الحوثي في 2014/9/21م ثم تلتها التفجيرات التي أودت بحياة أكثر من 50 حوثياً في مسيرة في ميدان التحرير وسط العاصمة فأجبرت الحوثي على شن حرب في مدن كثيرة منها إب والحديدة والبيضاء ولحج وشبوة وعدن وغيرها تحت حجة ملاحقة القاعدة التي قامت بذلك التفجير حسب تصريحات قيادات الحوثيين، وكان الحرس الجمهوري التابع لصالح يتابعهم في كل تحركاتهم لمقاسمتهم الغنيمة في حالة فوزهم والتخلي عنهم في حال فشلهم، ولما سيطروا على عدن بعد عدة أشهر من انطلاق عاصفة الحزم المشئومة وكادوا أن يسلموها للحراك الموالي لأمريكا بعد أن اجتمعوا في مسقط مع علي ناصر محمد واتفقوا على ذلك بإيعاز من أمريكا فسارعت بريطانيا إلى التنسيق بين عملائها الإمارات وصالح لسحب الحرس الجمهوري فأصبح الحوثي وحده في المواجهة، فقلبت الإمارات المعادلة في الجنوب، ثم كانت المفاوضات التي كانت بريطانيا وراء إفشالها عن طريق هادي وإذا أجبرته أمريكا على قبولها أوعزت بريطانيا لصالح أن يطلق صواريخ عبثية نحو العمق السعودي فتفشل المفاوضات لأن في نجاحها إضفاء الشرعية للحوثيين، وهذا ما لا تريده بريطانيا ولما أصبحت قوات المقاومة على مشارف العاصمة صنعاء وهي قادرة على اقتحامها، وقد أكد ذلك اللواء محسن خصروف وهو من قيادات المقاومة أنها، أي المقاومة، جاهزة لدخول صنعاء وهي منتظرة القرار السياسي، وهو يشير إلى الضغوطات الكبيرة عليها من أمريكا حتى لا تستعيد السلطة من عملائها الحوثيين فهي تعتبر دخولها خطاً أحمر، ولما فشلت مفاوضات الكويت ولم يحظ الحوثي على الشرعية والاعتراف به من قبل هادي والمقاومة وصل ولد الشيخ أحمد إلى صنعاء والتقى بصالح مباشرة في 2016/07/13م

وبعد عدة أيام من الزيارة كان الاتفاق السياسي بين صالح والحوثيين، فقد فشل الحوثيون في إدارة شؤون البلاد؛ فصالح ما زال هو وحزبه هم الدولة العميقة وإن كانت السلطة بيد الحوثي، ومعلوم أنه كلما طال بقاؤهم في السلطة وهم في نظر الناس انقلابيين، فإن نقمة الناس ستزداد عليهم والمقاومة في نهم على مشارف صنعاء تحاصرهم ولا يأمنون أن ينفك حلف صالح عنهم، فسعى ولد الشيخ لإيجاد اتفاق سياسي مع صالح لضمان مشاركتهم في الحكم فقبل صالح بإيعاز من الإنجليز ذلك بشرط إلغاء الحوثيين للجنتهم الثورية العليا ولإعلانهم الدستوري الذي عطل مجلس النواب والحكومة فوافق الحوثيون على ذلك بحجة الوطنية ومقاومة العدوان، والناظر في هذا الاتفاق السياسي، وإن كان قد أنقذ الحوثيين من الفشل في إدارة حكم اليمن وجعل المؤتمر يعترف بهم بشكل علني وقد كان قبل ذلك يعرقل المفاوضات وخاصة بين الحوثيين والسعودية التي كانت تجري بينهما من وراء الكواليس، وكان يسعى إلى حرقهم شعبيا ليثور الناس عليهم إلا أنه وافق على طلبهم؛ فهم قد أسقطوا إعلانهم الدستوري ولجنتهم الثورية العليا بأيديهم وتم تشكيل المجلس السياسي الأعلى من عشرة أعضاء؛ خمسة من المؤتمر وخمسة من الحوثيين على أن تكون رئاسة المجلس دورية بين الفريقين، ومن هنا يتبين أن الاتفاق السياسي يخدم أعداء الإسلام الإنجليز والأمريكان، وإن كان المستفيد الأكبر هم الإنجليز وذلك للأسباب الآتية:

1- لقد أصبح صالح وحزبه المؤتمر يشارك في السلطة بشكل علني بعد أن كان يمثل الدولة العميقة فقط.

2- لقد ألغى الحوثيون لجنتهم الثورية وإعلانهم الدستوري وعاد مجلس النواب للانعقاد حيث تم افتتاحه أمس السبت الموافق 2016/8/12م، وقد حضر 154 عضواً من إجمالي 301 عضواً حسب تصريح لأحمد الحبيشي من قيادة المؤتمر في اتصال هاتفي لقناة روسيا اليوم، والذي أكد أن العدد سيزداد في الأيام القادمة، ومعلوم أن الحضور أغلبهم من حزب المؤتمر وهذا يجعل القرارات الصادرة في صالحهم إذا بلغت النصاب القانوني 201 عضواً على الأقل.

3- الاتفاق السياسي يشير بشكل واضح إلى إمكانية تقسيم اليمن إذا لم تنجح المفاوضات القادمة إلى أقاليم حسب خطة الإنجليز وليس حسب خطة الأمريكان، وإن كان في كلٍّ شر مستطير. فالإنجليز لهم اليد الطولى في جميع الأقاليم بإستثناء صعدة وعدن.

4- لم تنجح أمريكا حتى الآن رغم الجهود الجبارة التي بذلها ولد الشيخ في إضفاء الشرعية على الحوثيين ولا في إفراغ القرار الأممي 2216 من محتواه، وهو ينص على أن تنسحب المليشيات من جميع المدن التي سيطرت عليها وتسليم الأسلحة للدولة، فالمفاوضات حتى الآن فاشلة ولم تحقق أي تقدم؛ فلم توافق المقاومة التي تقترب من صنعاء وتلوح بدخولها رغم ضغوطات أمريكا عليها على مشاركة الحوثي في السلطة بفاعلية قبل تسليم الأسلحة كما هو هدف أمريكا الذي تعمل لتحقيقه من ثمانية عشر شهراً.

وفي الأخير سواء أكان هذا الاتفاق في خدمة الإنجليز أم الأمريكان أم كليهما معاً فهو يخدم الكفار الصليبيين ومشاريعهم الاستعمارية التي تسعى إلى تأبيد السيطرة على اليمن وسائر بلاد المسلمين عبر عملائهم المجرمين الذين جعلوا ثروات الأمة نهباً لكل طامع وبلادهم ميداناً لكل متصارع؛ فالمسلمون هم الضحية، فدماؤهم تسفك وبلادهم تدمر وثرواتهم تنهب وأنظمة الكفر تطبق عليهم. والاتفاق السياسي الصحيح هو أن يتفق المسلمون على إقامة الفرض العظيم في حياتهم والمرتبطة به أغلب الفروض، ألا وهو مشروع إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لتطبق الإسلام عليهم فتحل جميع مشاكلهم وتقتلع من بلادهم نفوذ الكفار المستعمرين وتعيد في الأمة سيرة الأبطال الفاتحين وتحمل الإسلام رسالة نور وهدى ورحمةً للعالمين. فحري بأهل اليمن، وهم أحفاد الأنصار، أن يعملوا مع إخوانهم شباب حزب التحرير في الليل والنهار لاقتلاع نفوذ العملاء وأسيادهم الكفار ليعودوا كما كانوا من قبل خير أمة أخرجت للناس.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

شايف الشرادي – اليمن