الأحد، 11 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
جريدة الراية: نظرة في الحوار السوداني والاستفتاء في دارفور

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

Raya sahafa

 

 

 

2015-11-10

 

 

جريدة الراية: نظرة في الحوار السوداني والاستفتاء في دارفور

 

 

 

 

 

 

انطلقت في الثلث الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2015م الماضي جلسات ما يسمى بالحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السوداني عمر البشير في كانون الثاني/يناير 2014م، بمشاركة عشرات من الأحزاب ذات الوزن الخفيف، وقاطعها العديد من الأحزاب والحركات المسلحة الرئيسية.


ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على انطلاقة الحوار، إلا أنه لا يتوقع أن يصدر منه شيء، حتى تدخل القوى المؤثرة، وبخاصة الحركات المسلحة ذات الوزن، وهي المعنية أساساً بهذا الحوار، لأن ما يسمى بالمعارضة السلمية لا تشكل هاجساً للنظام ومن قبلها أمريكا، وإنما الذي يشكل هاجساً لأمريكا وللنظام الحاكم في الخرطوم هي الحركات المسلحة، فدخول الحركات في الحوار يسهل على أمريكا تمرير مخططاتها في السودان، فما هو واقع هذا الحوار، وما هي نتائجه المتوقعة؟ كما سنعرض ضمن هذه المقالة لاستفتاء دارفور، لأنه ذو صلة وثيقة بالحوار ومخرجاته.


وقبل أن نخوض في واقع الحوار ونتائجه المتوقعة لا بد أن نحدد من هو صاحب فكرة الحوار حتى تتضح الرؤية، إن صاحب فكرة الحوار في السودان هو أمريكا، فقد أصدر معهد السلام الأمريكي بالرقم (موجز سلام رقم 155) ورقة كتبها المبعوث الرئاسي الأمريكي السابق للسودان (برنستون ليمان)، ومدير برنامج القرن الأفريقي التابع لمعهد السلام الأمريكي (جون تيمن)، وقد جاء في الورقة: (لقد حان الوقت لأن يشرع السودان في حوار داخلي حقيقي، وعملية إصلاحية تؤدي إلى حكومة ممثلة لقاعدة واسعة، وديمقراطية، وقادرة على السعي نحو عملية مصالحة مجدية بين السودانيين). وقبل إعلان البشير لخطاب الوثبة بأسبوع كان قد التقى الرئيس الأمريكي الأسبق (جيمي كارتر)، الذي صرح عقب اللقاء قائلاً: (ناقشنا آفاق حوار وطني شامل وديمقراطي وانتخابات 2015 وصياغة دستور جديد). كل هذا يؤكد أن هذا الحوار الموصوف بالوطني، والذي يدعى أنه سوداني ما هو إلا مطلوبات أمريكا تجاه السودان، فما الذي تريده أمريكا من هذا الحوار؟ من خلال القضايا التي تناقش الآن في لجان الحوار، مثل الحكم والهوية والحريات والاقتصاد وغيرها، قد رشح من لجنة الهوية أن المجتمعين اتفقوا على أن تكون هوية السودان (القطرية الوطنية)، وهذا يعني إبعاد الإسلام، والتأسيس لنظام علماني يحارب حتى مظاهر الإسلام، فمجرد التشكيك في هوية السودان الإسلامية، واستبدال الهوية القطرية الوطنية بها، والتي ليس فيها فكرة لتنظيم شؤون الحياة، مما يعني الأخذ من أنظمة الغرب الكافر كما هو الحاصل الآن، ولكنه على استحياء، يراد أن يكون ذلك علانية حتى ينخرط النظام ويتناغم مع أمريكا في حربها على الإسلام وحملة دعوته.


أما المسألة الثانية التي تريدها أمريكا من هذا الحوار فهي أن يتوافق أهل السودان على تمزيق ما تبقى من السودان، فأمريكا التي فصلت جنوب السودان عبر هذا النظام بمباركة أغلب القوى السياسية أغراها ما حدث، فتريد المضي قدماً في مخططها الرامي لتمزيق السودان، وقد قطعت شوطاً بعيداً في مسألة دارفور، فأوصلتها عبر اتفاقية الدوحة إلى الحكم الذاتي الموسع للإقليم، وهي الحلقة قبل الأخيرة في مسلسل الانفصال، فقد أعطي جنوب السودان من قبل حكماً ذاتياً ثم تطور من بعد إلى حق تقرير مصير، فانفصال وحق تقرير مصير لدارفور ينادي به بعض المتمردين، وإن كان يعتبر الآن صوتاً نشازاً فمع الأيام سيصبح مألوفاً بل مطلوباً، فقد كان الحديث عن حق تقرير المصير لجنوب السودان خيانة وجريمة، فصارت باتفاقية نيفاشا "حقاً مشروعاً"، ومرحباً به من الحكومة وبعض القوى السياسية، فقبول دخول الحركات المسلحة براياتها وشعاراتها، تحت مظلة الحوار الوطني، والبحث في وضع دستور توافقي، والاعتراف بهذه الكيانات، وهي تمهد لذلك بالوضع الخاص لدارفور، يعني السير بلا وعي من الجميع في تنفيذ المخطط الأمريكي الرامي لتمزيق السودان، ورئيس الدولة يؤكد المضي في مشروع التفتيت الأمريكي، ويعلن عزمه إجراء استفتاء في دارفور في نيسان/أبريل القادم باعتباره استحقاقاً دستورياً نص عليه في اتفاقية الدوحة، التي أدخلت ضمن الدستور القائم حالياً في البلاد، وهو أيضاً - أي الاستفتاء - جزء من سيناريو تهيئة دارفور للانسلاخ من حضن السودان، وإن قيل زوراً وبهتاناً إنها مجرد استفتاء إداري لتحديد ما إذا رضي الناس في دارفور بواقع الولايات الخمس الحالي، أو جعله إقليماً واحداً بولايات كما كان الحال في جنوب السودان قبل الاستفتاء، ومع هذا الاستفتاء تحد حدود دارفور مع الشمال والدول المجاورة للإقليم.


إنهم ينفذون ذات سيناريو الجنوب بحذافيره، بل إن من البلادة السياسية أن تكون الخطوات التي فصل بها الجنوب هي ذات الخطوات والتبريرات والتضليل والأكاذيب هي هي.


إن غياب التصور المبدئي للحكم والسياسة عند الأوساط السياسية المتسلطة على الأمة، مدعية تمثيلها، هو الذي يفتح البلاد للكافر المستعمر الأمريكي ليعبث بها، ويفعل ما يفعل، بل ويستخدم في كل ذلك أبناء البلد، ولن يوقف كل هذا العبث إلا علاج الأزمة، علاجاً جذرياً بمبدأ الإسلام العظيم، الذي نظم حياة البشرية ثلاثة عشر قرناً من الزمان، وهو قادر اليوم إذا جعل موضع التطبيق والتنفيذ في ظل دولته دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة قادر على تخليص - ليس السودان أو المسلمين فحسب - بل البشرية كلها من ضيق الرأسمالية وظلمها إلى عدل أحكام رب العالمين اللطيف الخبير.

 

 

بقلم: إبراهيم عثمان - أبو خليل

 

الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع