السبت، 10 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

2018-05-30

 

جريدة الراية: لماذا تتلاعب أمريكا بكوريا الشمالية؟ وهل ستعقد قمتهما أم تبدأ حربهما؟

 

 

 

أعلن الرئيس الأمريكي ترامب يوم 2018/5/24 إلغاء القمة مع نظيره الكوري الشمالي كيم والتي حدد موعدها يوم 2018/6/12 في سنغافورة. وبرر ذلك مخاطبا نظيره: "إنك تتحدث عن قدراتكم النووية، لكن قدراتنا أضخم وأقوى.. إن العالم خسر فرصة للسلام الدائم"، جاء ذلك بعد يوم من تأكيد وزير خارجيته عقدها في موعدها. فهل يعقل أن يتم الإلغاء في يوم وليلة؟! وهل هناك ما يدعو حقا لإلغائها أم هو تلاعب أمريكي معهود لتحقيق أغراض معينة؟!

 

يذكر أن ترامب أعلن إلغاءه للقمة بعدما وجهت نائبة وزير الخارجية الكورية الشمالية شو سون هوي انتقادات إلى بنس نائب الرئيس الأمريكي واصفة تصريحاته "بالجاهلة والغبية" مهددة "باستعراض للقوة النووية" وذلك ردا على تحذيره لكوريا الشمالية من "مواجهة مصير ليبيا" وقالت: "إن بلادها لن تتوسل من أجل الحوار إذا فشلت الدبلوماسية". وكان بنس قد صرح يوم 2018/5/21 قائلا "كما أوضح الرئيس فإن هذا سينتهي فقط كما انتهى النموذج الليبي إذا لم يبرم كيم جونغ أون صفقة". فالتلاعب الأمريكي ظاهر ومكشوف واستغلالي إلى أبعد الحدود!

 

ومن ثم عاد ترامب ليعلن مساء يوم 2018/5/25: "هناك أنباء جيدة جدا تتمثل بورود بيان ودود وبناء من كوريا الشمالية...". ومن ثم أعلن قائلا: "نجري محادثات بناءة للغاية مع كوريا الشمالية بشأن عقد اجتماع القمة من جديد، والذي إذا حدث من المرجح أن يبقى في سنغافورة في الموعد نفسه وهو 12 حزيران. وإذا كان ضروريا سيتم تمديده إلى ما بعد هذا الموعد". وذلك بعدما أعلن النائب الأول لوزير خارجية كوريا الشمالية كيم كيه غوان يوم 2018/5/25 بقوله: "استعدادنا للجلوس وجها لوجه في أي وقت وبأي شكل لحل المشكلة". وأكد "التزام بلاده ببذل كل جهد ممكن لتحقيق السلام والاستقرار في كافة أنحاء العالم وفي شبه الجزيرة الكورية لم يتغير، ونحن مستعدون لمنح الوقت والفرصة للولايات المتحدة". وأوضح أن إعلان ترامب "كان غير متوقع بالنسبة لنا، ولا يسعنا إلا أن نأسف للغاية.. زعيمنا كان متطلعا للقاء الرئيس ترامب الذي من شأنه أن يشكل بداية جيدة، وكان يبذل جهودا من أجل التحضير للاجتماع". فهنا يظهر أن الكوريين الشماليين قد تفاجأوا بقرار ترامب وهم يبدون رغبتهم الشديدة في عقد اتفاق مع أمريكا، مما يدل على شدة حاجتهم إليه، فيرون أن التهديد بالحرب لن يفيدهم، وهم دولة أصبحت شبه محاصرة ومهددة بالقضاء عليها، ويشعرون أنهم لن يقووا على الثبات أمام ذلك، وقد تفرغت لهم أمريكا بعدما أمنت على نفوذها حاليا في سوريا محافظة على النظام السوري التابع لها بواسطة إيران وحزبها اللبناني وروسيا وتركيا والسعودية وغيرهم... فتريد أن تلعب بالكوريين الشماليين كلعبة الفأر المحصور في قفص والقط المتوحش يلعب به وفي أية لحظة سينقض عليه ويفترسه.

 

فأمريكا تستفز الكوريين الشماليين وهي تعلم أنهم سيظهرون ردة فعل لتستغلها في تحقيق هدفها، ومن ثم تبرر إلغاء القمة باتهامهم أنهم السبب! وهذا الأسلوب تتبعه منذ القدم في المناورات التي تجريها سنويا قرب حدودها. ومع ذلك يؤكد الكوريون الشماليون استعدادهم لعقد القمة وحل المشاكل! مما يدل على مدى رغبتهم في عقدها، إذ إن أوضاعهم الاقتصادية بعد العقوبات عليهم وتطبيق حليفتهم الصين لها وضغطها عليهم زاد من حدة المعاناة. والصين غير المبدئية لا يهمها إلا مصالحها التجارية مع أمريكا وعدم توتير العلاقات معها خوفا من ضرر اقتصادي وسياسي قد يصيبها، وهي لا تريد مجابهة أمريكا أو منافستها على كل الجبهات وفي كل مكان. وقد رأينا مثل ذلك في الاتفاق النووي الإيراني عندما نقضته أمريكا فلم تقف الصين الموقف القوي والحازم تجاههم، بل سوتهم مع المعارضين لنقض الاتفاق، فأصبح موقف كوريا الشمالية في حالة حرجة ووضعها الداخلي والاقتصادي أصبح سيئا، وأصبحت شبه معزولة خارجيا.

 

يفهم من ذلك أن أمريكا تريد عقد القمة وتحقيق الاتفاق مع كوريا الشمالية، ولكن تريد أن تفرض شروطها عليها وأن تحقق النتائج بسرعة، فتكون القمة فقط لتوقيع الشروط والإملاءات على صورة اتفاق!

 

خاصة وأنها طلبت من كوريا الشمالية مطالب لإبداء حسن النية للاتفاق فلبتها؛ فأطلقت سراح المحتجزين الأمريكيين لديها ودمرت مركزا للتجارب النووية. ومثل هذه الأمور يجب ألا تحدث قبل الاتفاق حتى تستعملها كوريا الشمالية كورقة رابحة. وتصريحات بنس تدل على ذلك، والتي تؤكد تصريحات رئيسه بأنهم يريدون تطبيق السيناريو الليبي. والتي كشف عنها من قبل مستشار ترامب للأمن القومي بولتون يوم 2018/3/24: "إن المناقشات في القمة المقترحة بين الرئيس ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم يجب أن تكون على غرار تلك المناقشات التي أدت إلى نقل مكونات البرنامج النووي الليبي إلى أمريكا عام 2004... إذا لم يكونوا على استعداد لإجراء هذا النوع من النقاش الجاد فسيكون بالفعل اجتماعا قصيرا للغاية". فمعنى ذلك أن أمريكا من قبل أعدت خطتها التي ستطبقها تجاه كوريا الشمالية؛ وهي تطبيق السيناريو الليبي. ولذلك تقوم بتغيير المواقف والتصريحات وتستعمل التهديدات في حرب نفسية، فتتلاعب بأعصاب الكوريين الشماليين حتى تربكهم وتخضعهم لشروطها قبل انعقاد القمة. وهي تعلنها بأنها إنهاء البرنامج النووي كليا وتسليمه لأمريكا في عملية إذلال ما بعدها إذلال! كما حصل مع القذافي الذي ارتعدت فرائصه عندما رأى أمريكا قد احتلت العراق وأسقطت قرينه ونظيره صدام فاستسلم على الفور مظهرا جبنه أمامها وكانت تهدده وتتوعده، وكان يعمل ضدها في أفريقيا لحساب أوروبا وخاصة بريطانيا، بينما كان منتفخا كالأسد ضد شعبه يسحقه ويذله ويهينه!!

 

كل ذلك يرينا مدى تلاعب الساسة الأمريكيين بالعهود، فلا عهد لهم ولا ذمة، وقد ينقضوا أي اتفاق في أية لحظة، فسقطت ثقة العالم بهم، وهذا يمهد لسقوطهم في الساحة الدولية. وقد فعلوا مثل ذلك مع الاتفاق النووي الإيراني عندما نقضوه مؤخرا. وهم يستعملون التهديدات بشن الحروب العدوانية مظهرين عنجهيتهم وغطرستهم لفرض إرادتهم وشروطهم على من لا ينصاع لهم أو يخالفهم أو يقف في وجههم ويستغلون ضعف إرادة الدول الأخرى في مواجهتهم. علما أن الدول الأخرى وخاصة الكبرى لو كانت لها إرادة قوية ووحدت قواها لكانت قادرة على إسقاط أمريكا. وما لها إلا دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة بإذن الله قريبا والتي ستقف في وجه أمريكا وتؤلب العالم عليها وترص صفوفه ضدها حتى تسقطها من الساحة الدولية فتريح العالم من شرورها.

 

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

 

المصدر: جريدة الراية

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع