الجمعة، 17 شوال 1445هـ| 2024/04/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

(سلسلة أجوبة العالم عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك)

 

 

جواب سؤال: علاقة تأخير دفن الرسول صلى الله عليه وسلم بالبيعة

 

 

إلى Hafedh Amdouni

 

 

 

 

السؤال:

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وفقك الله وسائر حاملي هذه الكلمة الباقية بإذنه لما يحب ويرضى.

 


هناك من يقول بأن استدلال الحزب وبعض الفقهاء على أن تأخير دفن نبي الهدى عليه الصلاة والسلام هو الدليل على وجوب البيعة غير صحيح، وإنما كان لأسباب أخرى كإمهال المسلمين لحضور الجنازة و... بل إن الدليل هو أنه بمجرد موته صلى الله عليه وسلم قاموا لتنصيب إمام وهذا دليل على وجوب البيعة وليس التأخير في الدفن. فلا علاقة للتأخير بالبيعة!! فهلا أوضحت لنا ذلك بشكل تفصيلي؟؟

 

 

 

 

 

الجواب:

 


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 


يا أخي قبل جوابك عن تأخير الدفن... أذكر لك بعض الأمور الأصولية عن الأحكام الشرعية:

 


الأصل في الأمر الشرعي، سواء أكان قولاً أم فعلاً، أنه يفيد الطلب ويحتاج إلى قرينة تبين نوع الطلب، فإن كانت القرينة تفيد الجزم كان الطلب جازماً أي فرضاً، وإن كانت القرينة لا تفيد الجزم ولكن تفيد ترجيح الخير فيه فيكون الطلب غير جازم، أي ندباً، وإذا كانت القرينة تفيد التخيير فيكون الطلب على الإباحة.

 


وهذا ينطبق على كل نص شرعي سواء أكان نصاً "قولاً" في كتاب الله سبحانه أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أم كان فعلاً للرسول صلى الله عليه وسلم، أم كان فعلاً أجمع عليه الصحابة رضوان الله عليهم، أم كان إقراراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم...:

 


1- مثلاً: قول الله سبحانه ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، فهنا أمر ﴿فَانْتَشِرُوا﴾، أي طلب بالخروج من المسجد بعد صلاة الجمعة، ونبحث عن القرينة لنرى إن كان الانتشار أي الخروج من المسجد بعد انتهاء الصلاة فرضاً أم ندباً أم مباحاً... فنجد أن المسلمين كانوا بعد انتهاء صلاة الجمعة، منهم من يخرج فوراً ومنهم من يجلس قليلاً أو كثيرا... وكان ذلك بإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم... أي أن من يخرج أو يجلس سواء، وهذا يدل على أن ﴿فَانْتَشِرُوا﴾ أمر يفيد الطلب على الإباحة.

 

 

 

2- ومثلاً: الوقوف للجنازة:

 


أخرج النسائي في سننه قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَامَ» وَقَالَ عَمْرٌو: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ». فهنا قام الرسول صلى الله عليه وسلم لجنازة مرت عليه، وهذا الفعل يفيد الطلب بالقيام، ثم نبحث عن قرينة لمعرفة إن كان هذا الطلب للجزم فيكون فرضاً أو غير الجزم مع الترجيح فيكون ندباً، أو للتخيير فيكون للإباحة، فنجد في سنن النسائي عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، أَنَّ جَنَازَةً مَرَّتْ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَامَ الْحَسَنُ وَلَمْ يَقُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ الْحَسَنُ: «أَلَيْسَ قَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ؟» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «نَعَمْ، ثُمَّ جَلَسَ صلى الله عليه وسلم». وهذا يدل على أن القعود والجلوس على التخيير، أي على الإباحة.

 


وهكذا البيعة في السقيفة، فهي فعل أجمع الصحابة عليه، فيدل على الطلب ببيعة الخليفة إذا شغر مركز الخلافة، ولتقرير أن هذا الطلب فرض أو مندوب أو مباح، فإننا نبحث عن القرينة، فنجدها تفيد الجزم لأن الصحابة قدَّموا البيعة على دفن الميت وهو فرض، وهذا يعني أن البيعة هي فرض وأهم من فرض دفن الميت.

 


ولهذا فإن الدليل على أن بيعة الخليفة إذا شغر مركز الخلافة هو فرض، الدليل على ذلك هو تأخير دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تمت البيعة، ولأن دفن الميت فرض فإذن الذي جُعل أولى منه هو فرض
.

 


وهكذا فإن تأخير الدفن إلى أن تمت البيعة، هو الذي بيَّن أن بيعة الخليفة واجبة وفرض وأي فرض.

 

 


هذا من الناحية الفقهية.

 


أما القول إن تأخير الدفن لا علاقة له بالبيعة، بل إمهال المسلمين لحضور الجنازة، فهذا أمر بعيد عن الواقع الذي حدث، فخبر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كان حدثاً صارخاً سمع به المسلمون في المدينة وحولها، والمسلمون تقاطروا للمدينة وللمسجد ولكنهم انشغلوا بالبيعة لأبي بكر انعقاداً وطاعة... وإليك تسلسل الأحداث كما وردت في السير:

 


فقد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم ضحى الاثنين، وبقي دون دفن ليلة الثلاثاء ونهار الثلاثاء حيث بويع أبو بكر رضي الله عنه، ثم دفن الرسول صلى الله عليه وسلم وسط الليل، ليلة الأربعاء، وبويع أبو بكر قبل دفن الرسول صلى الله عليه وسلم. فكان ذلك إجماعاً على الاشتغال بنصب الخليفة عن دفن الميت، ولا يكون ذلك إلا إذا كان نصب الخليفة أوجب من دفن الميت.

 


ولذلك فتأخير الدفن لم يكن ليجتمع المسلمون للجنازة، بل هم كانوا مجتمعين وبخاصة الصحابة، ولكنهم انشغلوا بالبيعة، فلما فرغوا منها انعقاداً وطاعة اشتغلوا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتى؟ في وسط الليل بعد الفراغ من البيعة، ولو كان التأخير لأجل تجمع الناس للجنازة، لكان في نهار الاثنين أو ليلة الثلاثاء أو نهار الثلاثاء... ولكنهم انتظروا اكتمال البيعة لأبي بكر انعقاداً وطاعة، وبعد أن انتهت بادروا فوراً إلى الاشتغال بدفن الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الأربعاء.

 


ولذلك فإنه بالتفكر والتدبر لتأخير الدفن يتبين أنه لم يكن لأي سبب سوى سبب الفراغ من بيعة أبي بكر انعقاداً وطاعة، فهو إذن من صميم العلاقة بالبيعة.

 

 

 

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

 

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير على الفيسبوك

 

 

رابط الجواب من موقع الأمير

 


رابط الجواب من صفحة الأمير على الغوغل بلس

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع