الحديث الشريف

الاستطاعة والقدرة مناط للتكليف

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا» (سنن ابن ماجه).

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:

إن هذا الحديث الشريف يخبرنا كيف أن الصحابة رضوان الله عليهم يسألون رسول الله عن الحكم الشرعي ويستفسرون عنه، يبحثون عن الأفعال التي تقربهم من الله ليقوموا بها، وعما يبغضه سبحانه وتعالى ليبتعدوا عنه ولا يقتربوا منه، وما هذا إلا لشدة حرصهم على نوال رضاه واتقاء غضبه وسخطه عز وجل. أما الناس هذه الأيام فقد أصبحوا يتهاونون بالأحكام الشرعية الواضحة، ويتغاضون عن البحث عن الحكم الشرعي، بل ومنهم من يستخدم النصوص الشرعية ويأولها لتتفق مع أهوائه وتخدم مصالحه وتبرر معصيته افتراء على الله سبحانه وتعالى ورسوله r ومنهم من يتحايل على الحكم الشرعي ويفرغه من مضمونه، حتى يتماشى مع غاياتهم الرخيصة وأهدافهم الدنيئة، ومنهم من يلتزم الأحكام الشرعية حتى إذا أصبحت لا تخدم مصالحه أو يحسبها تضر به خلع عنه لباس التقوى!

الأمر الآخر الذي يخبرنا به الحديث هو أن علينا القيام بقدر استطاعتنا بما أمرنا بفعله -والله يعلم بكل نفس- والانتهاء عما نُهينا عنه.

اللهَ نسأل أن يعيذنا من الشيطان ووسوسته وأعوانه وأتباعه، ومن الضلال وتضييع الأمانة، اللهم آمين.

أحبتَنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح