الثلاثاء، 13 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 107) شركة الوجوه

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي

(ح 107)

شركة الوجوه

 

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.

 

أيها المؤمنون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة السابعة بعد المائة، وعنوانها: "شركة الوجوه". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السادسة والخمسين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

 

يقول رحمه الله: "شركة الوجوه، وهي أن يشترك بدنان بمال غيرهما. أي أن يدفع واحد ماله إلى اثنين فأكثر مضاربة، فيكون المضاربان شريكين في الربح بمال غيرهما. فقد يتفقان على قسمة الربح أثلاثا، لكل واحد منهما الثلث، وللمال الثلث، وقد يتفقان على قسمته أرباعا للمال الربع، ولأحدهما الربع وللآخر النصف، وقد يتفقان على غير ذلك من الشروط. وبهذه الشروط الممكنة الحصول يمكن أن يحصل تفاضل بين العاملين في الربح، فصار اشتراكهما مع تفاضل حصصهما مبنيا على وجاهة أحدهما، أو وجاهتهما، إما من ناحية المهارة في العمل، وإما من ناحية حسن التصرف في الإدارة، مع أن التصرف الشرعي الذي يملكانه في المال واحد. ومن أجل ذلك صارت هذه الشركة قسما من نوع آخر غير شركة المضاربة، مع أنها في حقيقتها ترجع إلى المضاربة. ومن شركة الوجوه أن يشترك اثنان فأكثر فيما يشتريانه بثقة التجار بهما، وجاههما المبني على هذه الثقة، من غير أن يكون لهما رأس مال. ويشترطان على أن يكون ملكهما فيما يشتريانه نصفين، أو أثلاثا أو أرباعا، أو نحو ذلك، ويبيعان ذلك، فما يكسبانه من ربح فهو بينهما مناصفة، أو أثلاثا أو أرباعا أو نحو ذلك، حسب ما يتفقان عليه، لا حسب ما يملكان في البضاعة. أما الخسارة فتكون على قدر ملكهما في المشتريات؛ لأنه بمقام مالهما، لا على حسب ما يشترطان من خسارة، ولا على حسب الربح، سواء أكان الربح بينهما بقدر مشترياتهما أم مختلفا عنها.

 

وشركة الوجوه بقسميها جائزة؛ لأنهما إذا اشتركا بمال غيرهما كانت من قبيل شركة المضاربة الثابتة بالسنة والإجماع. وإن اشتركا فيما يأخذانه من مال غيرهما، أي فيما يشتريانه بجاههما، وثقة التجار بهما، فهي من قبيل شركة الأبدان الثابتة بالسنة، فتكون شركة الوجوه ثابتة بالسنة والإجماع. إلا أنه ينبغي أن يعلم أن المراد بالثقة هنا الثقة المالية، وهي الثقة بالسداد، وليس الجاه والوجاهة. لأن الثقة إذا أطلقت في موضوع التجارة والشركة ونحو ذلك، فإنما يقصد منها الثقة بالسداد، وهي الثقة المالية. وعلى ذلك قد يكون الشخص وجيها، ولكنه غير موثوق بالسداد، فلا توجد فيه ثقة مالية، ولا يعتبر أن لديه ثقة تعتبر في موضوع التجارة والشراكة. فقد يكون وزيرا، أو غنيا، أو تاجرا كبيرا، ولكن لا توجد به ثقة بالسداد، فلا تكون به ثقة مالية، ولا يؤمن على شيء، فإنه لا يستطيع أن يشتري من السوق أية بضاعة دون أن يدفع ثمنها. وقد يكون شخص فقيرا، ولكن التجار يثقون بسداده ما عليه من المال، فإنه يستطيع أن يشتري بضاعة دون أن يدفع ثمنها. وعلى هذا فشركة الوجوه تتركز فيها الثقة بالسداد، لا الوجاهة. وعلى ذلك فإن ما يحصل في بعض الشركات من إدخال وزير عضوا في شركة، ويجعل له نصيب معين من الربح، دون أن يدفع أي مال، أو يشترك بأي جهد، وإنما أشرك لمنزلته في المجتمع، حتى يسهل للشركة معاملاتها، فإن ذلك ليس من قبيل شركة الوجوه، ولا ينطبق عليها تعريف الشركة في الإسلام. فلا يجوز هذا النوع من الاشتراك، ولا يكون هذا الشخص شريكا، ولا يحل له أن يأخذ شيئا من هذه الشركة. وما يحصل في بعض البلدان كالسعودية والكويت من أن غير السعودي، أو غير الكويتي، لا يسمح له برخصة للتجارة، أو للعمل، فيدخل معه سعوديا في السعودية، أو كويتيا في الكويت، ويجعل له حصة من الربح دون أن يدفع هذا السعودي، أو هذا الكويتي، أي مال، ودون أن تعقد الشركة على بدنه، وإنما اعتبر شريكا من أجل أن الرخصة أخذت باسمه، وجعلت له حصة من الربح مقابل ذلك، فهذا أيضا ليس من شركة الوجوه، ولا هو من الشركة الجائزة شرعا، ولا يعتبر هذا السعودي، أو الكويتي شريكا، ولا يحل له أن يأخذ شيئا من هذه الشركة؛ لأنه لا تنطبق عليه الشروط التي أوجب الشرع أن تتوفر في الشريك، حتى يكون شريكا شرعا، وهي الاشتراك بالمال، أو البدن، أو الثقة التجارية بالسداد، ليباشر هو العمل بما يأخذه من بضاعة بهذه الثقة".

 

وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

 

1. تعريف شركة الوجوه: هي أن يشترك بدنان بمال غيرهما.

2. شركة الوجوه قسمان:

القسم الأول من شركة الوجوه: أن يشترك بدنان بمال غيرهما. أي أن يدفع واحد ماله إلى اثنين فأكثر مضاربة، فيكون المضاربان شريكين في الربح بمال غيرهما. 

3. قسمة الربح بين الشركاء في القسم الأول: يجوز في قسمة الربح ثلاثة أوجه:

 

1) قسمة الربح أثلاثا: لكل واحد منهما الثلث، وللمال الثلث.

2) قسمته أرباعا: للمال الربع، ولأحدهما الربع، وللآخر النصف.

3) قسمته على غير ذلك حسب ما يتفقان.

4. سبب تسمية شركة الوجوه بهذا الاسم:

 

1) لأن اشتراك الشريكين مبني على وجاهة أحدهما أو وجاهتهما معا.

2) لأن الشريكين يشتريان بثقة التجار بهما، وجاههما المبني على هذه الثقة.

القسم الثاني من شركة الوجوه: أن يشترك اثنان فأكثر فيما يشتريانه بثقة التجار بهما، وجاههما المبني على هذه الثقة، من غير أن يكون لهما رأس مال.

 

5. توزيع الملك بين الشركاء: يجوز للشريكين فيما يشتريان ويبيعان أربعة أوجه: 

 

1) أن يكون ملكهما فيما يشتريانه نصفين، أو أثلاثا، أو أرباعا، أو نحو ذلك.

2) أن يكون ما يكسبانه من ربح مناصفة، أو أثلاثا، أو أرباعا، أو نحو ذلك.

 

6. توزيع الربح والخسارة بين الشركاء في القسم الثاني:

 

1) يوزع الشريكان أرباحهما حسب ما يتفقان عليه، لا حسب ما يملكان في البضاعة.

2) لا تكون الخسارة على حسب ما يشترطان، ولا على حسب الربح.

3) تكون الخسارة على قدر ملك الشريكين في المشتريات؛ لأنه بمقام مالهما.

 

7. مشروعية شركة الوجوه: شركة الوجوه بقسميها جائزة، وثابتة بالسنة والإجماع؛ لأنهما:

 

1) إذا اشتركا بمال غيرهما كانت من قبيل شركة المضاربة الثابتة بالسنة والإجماع.

2) إذا اشتركا فيما يأخذانه من مال غيرهما، أي فيما يشتريانه بجاههما، وثقة التجار بهما، فهي من قبيل شركة الأبدان الثابتة بالسنة.

 

8. المراد بالثقة في شركة الوجوه:

 

1) المراد بالثقة هنا الثقة المالية، وهي الثقة بالسداد، وليس الجاه والوجاهة.

2) قد يكون الشخص وجيها، ولكنه غير موثوق بالسداد، فلا توجد فيه ثقة مالية.

3) قد يكون وزيرا أو غنيا، أو تاجرا كبيرا، ولكن لا توجد به ثقة بالسداد، فلا تكون به ثقة مالية.

4) وقد يكون فقيرا، ولكن التجار يثقون بسداده ما عليه من المال، فإنه يستطيع أن يشتري بضاعة دون أن يدفع ثمنها.

 

9. ما ليس من قبيل شركة الوجوه: ثمة حالتان اثنتان لا تنطبق عليهما شروط الشريك شرعا.

 

1) الحالة الأولى: ما يحصل في بعض الشركات من إدخال وزير عضوا في شركة لمنزلته في المجتمع فإن ذلك لا يجوز ولا يكون شريكا ولا يحل له أن يأخذ شيئا من الشركة.

2) الحالة الثانية: ما يحصل في بعض البلدان كالسعودية والكويت من أن غير السعودي، أو غير الكويتي، لا يسمح له برخصة للتجارة، أو للعمل، إلا أن يدخل معه سعوديا في السعودية، أو كويتيا في الكويت، ويجعل له حصة من الربح، دون أن يدفع شيئا، فهذا أيضا ليس من شركة الوجوه، ولا يحل له أن يأخذ شيئا من هذه الشركة.

 

أيها المؤمنون:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آخر تعديل علىالإثنين, 04 أيار/مايو 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع