السبت، 10 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
المعنى الحقيقي للاستقلال

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المعنى الحقيقي للاستقلال

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

يوافق 31 تشرين الأول/أكتوبر 2018، في ماليزيا الذكرى الـ 60 لاستقلالها عن الحكم البريطاني. ويعتبر هذا التاريخ تاريخا مقدسا حيث يذكر شعب ماليزيا باستقلال بلادهم عن احتلال زاد عمره عن 400 سنة مارسته قوى خارجية عدة، آخرها كان الاستعمار البريطاني. ويعتبر البعض الاحتفال هذا العام مميزا جدا لأنها المرة الأولى التي يتم فيها الاحتفال بعد تحرر ماليزيا من "القبضة الحديدية" لحزب الجبهة الوطنية، وخصوصا منظمة الملايو الوطنية المتحدة. ومع شعار "حب ماليزيا"، فإن الشعب يأمل أن ماليزيا ستتحرر وتستقل من الممارسات الديكتاتورية للحكومة السابقة. ولكن لا يمكن للمرء أن يتهرب من إعادة السؤال نفسه في كل مرة يتم فيها الاحتفال بيوم الاستقلال، خصوصا مع حكومة تحالف الأمل ووعدها بتطبيق "الديمقراطية الحقيقية" ــ هل سنتمتع حقا باستقلال حقيقي كشعب ماليزي؟ فبعد قرون من الاستعمار ونهب ثرواتنا الطبيعية لا نزال نعتمد كليا على الغرب في كل مجالات الحياة تقريبا. وفي الحقيقة فإن قوانيننا ونظامنا الاقتصادي وتنظيمنا السياسي ونظامنا التعليمي ــ كل ذلك تم تشكيله وتأسيسه حسب طرق وأساليب الغرب. فما هو المعنى الحقيقي للاستقلال إذا؟

 

التعليق:

 

إن الاستقلال يعني أن الدولة حرة من الاستعمار المادي وحرة من سيطرة القوى الخارجية. فالدولة المستقلة هي دولة حرة في صنع قراراتها وتحديد سياساتها بما يخص التنظيم الحكومي والنظام الاقتصادي والتعليم والثقافات الاجتماعية. فالاستقلال للفرد يعني أنه لا يتعرض لسيطرة وتحكم أي شخص وأنه حر يملك تقرير مصيره في حياته. وعلى الرغم من ادعاء العديدين أن ماليزيا حققت الاستقلال وأن شعبها نال حقه في الحرية، لا يزال معظمهم لا يدركون أنهم لا يزالون "مستعبدين" لغيرهم من البشر والدكتاتوريين الغربيين. وهذا ما جعلهم غير مدركين أن مسار حياتهم تتحكم به كليا أطراف خارجية. وقد بين الله سبحانه وتعالى ذلك في قوله: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31].

 

وعندما جاء عدي بن حاتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم محاولا أن يوضح له أن اليهود والنصارى لا يعبدون أحبارهم ورهبانهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس يحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويحلُّون ما حرَّم الله فتحلُّونه؟ قال: قلت: بلى! قال: فتلك عبادتهم» [رواه الطبري].

 

فهذا الشكل من "العبودية" نادرا ما يدركه العديدون، حيث إن الأتباع يتبعون قادتهم، من خلال فعل كل ما يقولونه ويتجنبون أي شيء يمنعه القادة، حتى وإن كان الأمر أو المنع مخالفا لما أمر به أو حرّمه الله سبحانه وتعالى. وهذا يمكن ملاحظته بوضوح في النظام الذي يسيطر على حياتنا اليوم. فالديمقراطية هي نظام حكم يقوم على علمانية الدين والدولة. ففي هذا النظام، لا يوجد مكان لأوامر الله سبحانه وتعالى ونواهيه لتؤخذ بالاعتبار. فتصويت الأغلبية هو المصدر الوحيد للتشريع والسيادة للإنسان فقط. وبعد كل عمليات التصويت والموافقة، فإن القانون يتم فرضه على الشعب الذي يُجبر على إطاعته والتقيد به ويتعرض للعقاب كل من يخالفه أو يسيء إليه. وهذا تماما شكل تقديس الإنسان لغيره كما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم. حيث إن تحديد ما هو شرعي أو غير ذلك لم يعد لعلماء الدين في الزمن الحديث، بل لمشرعي القوانين. حيث إنهم يدركون أن القوانين بُنيت على أساس حقوق الإنسان والحرية لكن الحقيقة أن هذه القوانين جاءت حسب أهواء ونزوات البشر، مهمشين أوامر الشريعة. وبالتالي، فإن تطبيق هذا النظام "البشري" تسبب بمشاكل عالمية مستديمة.

 

لقد جاء الإسلام ليحرر البشر من الأشكال المختلفة للمعاناة الناجمة عن استعباد البشر لغيرهم. حيث جاء ليجعلنا نتمتع بالاستقلال الحقيقي وأن نعبد الله وحده سبحانه، الأحد الصمد الذي لا يستحق غيره العبادة. والحوار الذي جرى بين رستم قائد الفرس وربعي بن عامر مبعوث القائد سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية يصف الحقيقة بأفضل شكل. حيث عندما سُئل ربعي لماذا أتى جيش المسلمين إلى بلاد فارس، أجاب: "ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة" [ابن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، 2/ 401، دار الكتب العلمية، بيروت].

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد – ماليزيا

 

 

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj السبت، 01 أيلول/سبتمبر 2018م 18:32 تعليق

    اللهم خلص بلاد المسلمين من مخالب الاستعمار

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع