الثلاثاء، 13 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لا وطن حقيقياً للأمة الإسلامية دون إقامة الخلافة (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا وطن حقيقياً للأمة الإسلامية دون إقامة الخلافة

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

في 31 آب/أغسطس، قام النظام الهندي بنشر السجل المدني الجديد في ولاية آسام شمال شرق الهند، والتي يقطنها عدد كبير من المسلمين. وقد استثنى السجل ما يقارب مليوني مقيم في المقاطعة من لوائحه للمدنيين المسجلين، وهذا يعني أن المستثنين هم عبارة عن "أجانب"، وفي جوهر الأمر إعلان أنهم "لا دولة لهم"، على الرغم من أن العديد منهم عاش في المنطقة منذ عقود طويلة، جيلاً تلو آخر. وقد تم وصف الأمر أنه "أكبر إجراء على مستوى العالم في خلق حالة اللادولة" فخلال السنوات الماضية، كان على 30 مليون شخص من سكان آسام إثبات أنهم مواطنون هنود "حقيقيون" من خلال تقديم الوثائق والبراهين أن أجدادهم عاشوا في المقاطعة قبل آذار/مارس 1971 - السنة التي أعلنت فيها بنغلادش استقلالها عن باكستان. وقد كان الأمر شاقا على أولئك الفقراء أو غير المتعلمين الذين وجدوا أن الولوج إلى وثائق الدولة المطلوبة عملية صعبة. أما الذين لم ترد أسماؤهم في السجل المدني الجديد فيملكون فقط 120 يوما لتقديم التماس من خلال المثول أمام "محاكم الأجانب" لتحدي استثنائهم. لكن هذه المحاكم موصومة بأنها بغاية السوء، بما في ذلك تحيزها الشديد ضد المسلمين الذين يتحدثون بالبنغالية عند اتخاذها القرارات. أما أولئك الذين يفشلون في التماسهم، فقد يتعرضون للاعتقال والاحتجاز في مراكز آسام للاحتجاز "سجون" إلى أجل غير مسمى، الأمر الذي وصفه الكثيرون بأنه غير إنساني وغير مألوف، أو سيواجهون خطر الترحيل من البلاد. وقد أدت هذه العملية إلى تقسيم العائلات المسلمة أيضا، حتى وصلت إلى الفصل بين الزوج وزوجه، أو بين الوالدين وأطفالهم، بسبب ورود أسماء البعض في السجل بينما تم استثناء الآخرين. وقد ادعت الحكومة الهندية أن الهدف من تحديث السجل المدني هو تحديد وترحيل المهاجرين غير الشرعيين القادمين من جارتها بنغلادش. لكن العديدين وصفوا العملية بالمشروع السياسي الذي يهدف إلى إعادة صياغة مفهوم المواطنة في الهند، وأنه عملية اصطياد للمسلمين حيث إنه يستهدف وبشكل ظالم المسلمين في آسام، والتي تشكل حوالي ثلث السكان. ولطالما قام وزير الداخلية الهندي أميت شاه بوصف المهاجرين المسلمين من بنغلادش بـ"النمل الأبيض" وأقسم على رميهم في خليج البنغال. وقد أعلنت حكومة بهارتيا جاناتا الهندية الحاكمة عن نيتها بتكرار عملية تحديث السجل المدني في جميع ولايات الهند.

 

التعليق:

 

إن هذه الحركة الأخيرة التي قام بها النظام الهندي المعادي للمسلمين ما هي إلا امتداد لرئيس الوزراء مودي ولأجندة حزب بهارتيا جاناتا الوطنية الهندوسية المتطرفة لتهميش وقمع والسيطرة على الوجود الإسلامي في الدولة، إضافة إلى تقليل السكان المسلمين في الهند. إن استخدام المواطنة كأداة لإقصاء السكان المسلمين ما هو إلا دليل آخر على حقيقة أن حكومة مودي سعت لوضع تشريع يمنح المواطنة للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفغانستان وبنغلادش وباكستان الذين يدينون بالديانة الهندوسية أو السيخية أو البوذية أو الجاين أو الفارسية أو النصرانية ولكن ليس للمسلمين.

 

إن الكاتب جورج إليوت كتب مرة: "التاريخ، كما نعرفه، ما هو إلا تكرار لنفسه، وفرض لأحداث قديمة علينا مع القليل القليل من التغيير". فعلا؛ فخلال العقود التسعة الماضية كانت الأمة الإسلامية مثالاً حياً على هذا، حيث إنها تعرضت لفقدان وطنها، أو للتهجير، أو للطرد من بلاد بعد بلاد ــ سواء أكان هذا في فلسطين، أو الهند، أو ميانمار، أو أي مكان آخر ــ وعلى الرغم من أن أهلها كانوا يعيشون هناك منذ أجيال كثيرة. كما أن لاجئي المسلمين من الحروب، رفضت دولة تلو الأخرى منحهم جنسيتها، وتمت مطاردتهم أو وضعهم في مخيمات قذرة غير إنسانية، بسبب فكرة الوطنية السامة. حيث عاشوا في الجحيم، وكان يُنظر إليهم على أنهم غرباء ــ مكروهون ومحتقرون وغير مرغوب بهم ــ حتى في البلاد التي يشاركون أهلها الدين الإسلامي نفسه. في الوقت الذي يعاني فيه المسلمون الذين يعيشون تحت أنظمة غير إسلامية، كالذين يعيشون في الصين أو الهند أو سريلانكا أو غيرها من الدول الغربية، من الاضطهاد والتمييز العنصري بسبب معتقداتهم الإسلامية، بما في ذلك منعهم من ممارسة جوانب دينهم. حتى تحت أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية، فإن أولئك المؤمنين المخلصين الذين يرغبون بالعيش في ظل الشريعة الإسلامية والالتزام بمبادئ دينهم، قد تعرضوا للاضطهاد، والترويع، والإهانة، والسجن، والتعذيب، وحتى القتل من السلطات بسبب إخلاصهم لله سبحانه وتعالى.

 

حقا في هذا العالم المحروم من النور، فإن الأمة الإسلامية بدون رحمة وحماية القيادة الإسلامية ونظام الله سبحانه وتعالى، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ستبقى دون وطن حقيقي لها، ودون ملجأ، يمكنها أن تمارس فيه دينها كاملا وبحرية دون التعرض للاضطهاد والخوف، وتحت ظل الحماية والدعم الكامل للشريعة. ففي غياب هذه الدولة العظيمة، كل مسلم هو لاجئ محتمل في بلد يدعوه بالوطن، أو ضحية محتملة للاضطهاد والتمييز العنصري بسبب معتقداته الإسلامية أو آرائه السياسية الإسلامية، حيث إن حقه بالمواطنة حتى في البلاد التي ولد وعاش فيها طوال حياته، يمكن إلغاؤه بسبب حكومات غير إسلامية علمانية غير مُتوقعة ومتقلبة يعيش تحت حكمها، قد تجعله غير مرغوب به ودون وطن. وقد رأينا على سبيل المثال، كيف أن متطوعين مسلمين أو عاملين في المجال الطبي وهم مواطنون بريطانيون سافروا إلى سوريا لمساعدة إخوتهم وأخواتهم المسلمين هناك الذين تعرضوا للهجوم الوحشي من الأسد، قد حرموا من جنسيتهم البريطانية.

 

وفي ظل الخلافة، لن يكون هناك تمييز في حقوق التابعية بين الناس على أساس العرق أو الهوية أو المعتقد الديني، أو حتى على أساس المدة الزمنية التي عاشوها في الدولة. إن مثل هذا التمييز ممنوع في ظل الشريعة الإسلامية. حيث إن الشريعة تفرض لكل فرد يرغب في العيش في ظل حكمها وأن يكون تابعا لها، أن يُمنح هذا الحق دون تمييز، وأن يتمتع بالحماية الكاملة على حياته ومعتقداته وممتلكاته وشرفه. فالمادة 6 من مسودة دستور الخلافة لحزب التحرير تنص على: "لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك." فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ وفي ظل هذا النظام الإسلامي العادل للخلافة، سيشعر المسلمون أنهم وجدوا وطنهم الحقيقي!

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحرب التحرير

د. نسرين نواز

مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالخميس, 12 أيلول/سبتمبر 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع