الجمعة، 09 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/17م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
افتعال الحالة الوطنية في بلاد الحرمين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

افتعال الحالة الوطنية في بلاد الحرمين

 

 

 

الخبر:

 

تركي آل الشيخ: أكثر من 3.7 مليون شخص زاروا فعاليات اليوم الوطني الـ 89 خلال 5 أيام. (جريدة اليوم 2019/9/24م)

 

التعليق:

 

على الرغم من بدهية أنه في اجتماع المسلمين وتوحدهم قوة وأن في فرقتهم ونزاعهم ضعفا ووهنا، وعلى بساطة فكرة أن وحدة المسلمين تأتي من خلال وحدة الكيان الواحد وأن تعدد الكيانات تجعلهم مشردين متداعين، وعلى الرغم من أن هذه البدهيات جميعها أصبحت مسلمات لدى الجميع إلا أن حكام الكيانات المصطنعة في بلاد المسلمين ما زالوا مصرين على ترسيخ ما يفرق بين المسلمين من مفاهيم وقوانين ومناسبات لتتعزز بذلك حدود سايكس وبيكو ويحافظوا هم على عروشهم المهترئة.

 

في بلاد الحرمين يتمثل ذلك في حالة العيد الوطني، والذي تنفق فيه الحكومة أموالا طائلة قد تصل إلى مئات الملايين، بل وتعمل على حث الناس وأصحاب رؤوس الأموال للإنفاق على هذه المناسبة وذلك بهدف اصطناع حالة عامة تعكس - بشكل مخادع - الحالة الوطنية لدى الناس في مختلف المناطق ومختلف الفئات.

 

إن الوطنية كرابطة بين الناس تصنف على أنها من أحط الروابط مثلها في ذلك مثل الرابطة القومية وهي الرابطة والتي لا يمكن أن تتحرك إلا في حال تحفيزها عند الاعتداء على الوطن الذي يسكن فيه الناس، أما في حالة السلم فإن هذه الرابطة تبقى ساكنة مستكينة، ومحاولة افتعالها وتحفيزها في غير موضعها تجعل منها حالة مفتعلة ساذجة لا نكهة لها ولا لون، بل وبمعنى أدق لا فائدة ترجى منها، حتى لو حثثت الناس عليها بمختلف أساليب الترغيب بل وحتى الترهيب، هذا من حيث فوائدها فما بالك من كوارثها على واقع الأمة الأليم!

 

إن تمثيل الحالة الوطنية من خلال عروض تجارية تسويقية، أو صبغات وأضواء وأعلام خضراء هنا وهناك، أو أي نشاطات أخرى كانت قائمة بحد ذاتها بدون مناسبة وتصويرها على أنها خاصة لمناسبة العيد الوطني، لهو من الأدلة على مدى وضاعة تلك الرابطة وانحطاطها، والتي تصل إلى حد استغلال أبسط الأمور وأسخفها، لتحاول رفع أسهمها بأي شكل ممكن، وتصوير التأييد الشعبي لها حتى لو كان بالخداع والتضليل والكذب.

 

إن اجتماع الناس على أمر الدفاع عن الأرض ومصالح الدولة وكيانها لا يكون تلقائيا ومفيدا إلا في حالة كان الدافع لذلك كله هو الجانب الفكري الصحيح والذي لا يكون في حالة الأمة الإسلامية غير العقيدة الإسلامية الصحيحة، والذي تمثله دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، تحمل الإسلام رسالة إلى بقاع الأرض كافة، وترعى مصالح التابعين لها، فتصبح بذلك مشاعر الناس سليمة وتسير بالاتجاه الصحيح.

 

جاء في كتاب نظام الإسلام للعالم تقي الدين النبهاني رحمه الله مؤسس حزب التحرير ما نصه "تَنْشَأُ بَينَ النَّاسِ كُلَّمَا انْحَطَّ الفِكرُ رابِطَةُ الوَطَنِ، وَذَلِكَ بِحُكْمِ عَيشِهِمْ فِي أرْضٍ وَاحِدَةٍ وَالتِصَاقِهِمْ بِهَا، فَتَأخُذُهُمْ غَرِيزَةُ البَقاءِ بِالدِّفَاعِ عَنِ النَّفسِ، وَتَحْمِلُهُمْ عَلَى الدِّفَاعِ عَنِ البَلَدِ الَّذِي يَعِيشُونَ فِيهِ، وَالأرْضِ الَّتِي يَعِيشُونَ عَلَيهَا، وَمِنْ هُنَا تَأْتِي الرَّابِطَةُ الوَطَنيَّةُ، وَهِيَ أقَلُّ الرَّوَابِطِ قُوَّةً وَأكثَرُهَا انْخِفَاضاً، وَهِيَ مَوجُودَةٌ فِي الحَيوَانِ وَالطَّيرِ كَمَا هِيَ مَوجُودَةٌ فِي الإِنسَانِ، وَتأْخُذُ دَائِماً المَظْهَرَ العَاطِفِيَّ. وَهِيَ تَلْزَمُ فِي حَالَةِ اعتِدَاءٍ أَجْنَبِيٍ عَلَى الوَطَنِ بِمُهَاجَمَتِهِ أوِ الاسْتِيلاءِ عَلَيْهِ، وَلا شَأْنَ لَهَا فِي حَالَةِ سَلامةِ الوَطَنِ مِنَ الاعتِدَاءِ. وَإِذَا رُدَّ الأَجْنَبِيُّ عَنِ الوَطَنِ أوْ أُخْرِجَ مِنْهُ انتَهَى عَمَلُهَا، وَلِذَلِكَ كَانَتْ رَابِطةً مُنخَفِضَةً".

 

وَيَقُولُ أيضاً: "... وَعَلَى ذَلِكَ فَالرَّابِطَةُ الوَطَنيَّةُ رَابِطَةٌ فَاسِدَةٌ لِثَلاثَةِ أسْبَابٍ: أَوَّلاً: لأنَّهَا رَابِطَةٌ مُنْخَفِضَةٌ لا تَنْفَعُ لأنْ تَربُطَ الإِنسَانَ بِالإِنسَانِ حِينَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ النًّهُوضِ. وَثَانِياً: لأنَّهَا رَابِطَةٌ عَاطِفيَّةٌ تَنشَأُ عَنْ غَرِيزَةِ البَقَاءِ بِالدِّفَاعِ عَنِ النَّفسِ، وَالرَّابِطَةُ العَاطِفِيَّةُ عُرْضَةٌ لِلتَّغَيُّر وَالتَّبَدُّلِ، فَلا تَصلُحُ لِلرَّبطِ الدَّائِمِي بَينَ الإِنسَانِ وَالإِنسَانِ. وَثَالِثاً: لأنَّهَا رَابِطةٌ مُؤَقَّتَةٌ تُوجَدُ فِي حَالَةِ الدِّفَاعِ، أمَّا فِي حَالَةِ الاسْتِقْرارِ - وَهِيَ الحَالَةُ الأصْلِيَّةُ لِلإنسَانِ - فَلا وُجُودَ لَهَا، وَلِذَلِكَ لا تَصلُحُ لأنْ تَكُونَ رَابِطَةً بَينَ بَنِي الإِنسَانِ".

 

اللهم أصلح أمور المسلمين، وأصلح مشاعرهم وروابطهم وقوانين حكمهم، وأعنهم على إقامة دولة الإسلام واجمع أمرهم على خليفة راشد يقيم فيهم حكمك ويعز أمرهم بدينك.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين

آخر تعديل علىالأحد, 29 أيلول/سبتمبر 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع