الأحد، 11 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تأملات قرآنية (12) لا يعلم الغيب إلا الله وعلمه محيط بكل شيء

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تأملات قرآنية (12)
لا يعلم الغيب إلا الله وعلمه محيط بكل شيء

 


إخواننا الكرام, أخواتنا الكريمات:


أيها المؤمنون والمؤمنات: الصائمون والصائمات:


مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:


نحييكم بأطيب تحية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله القائل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) والصلاة والسلام على رسول الله القائل: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين". ثم أما بعد: فتعالوا معنا أحبتنا الكرام, وهلم بنا نحن وإياكم نتجه إلى مائدة القرآن الكريم نتأمل ونتدبر آياته جل وعلا عسى أن ينفعنا ويرفعنا بما فيه من الذكر الحكيم إلى أعلى الدرجات في جنات النعيم, إنه ولي ذلك والقادر عليه. ومع الآية التاسعة والخمسين من سورة الأنعام. يقول الله تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾. الأنعام ٥٩


قال نخبة من المفسرين: "وعند الله - جل وعلا - مفاتح الغيب أي: خزائن الغيب، لا يعلمها إلا هو، ومنها: علم الساعة، ونزول الغيث، وما في الأرحام، والكسب في المستقبل، ومكان موت الإنسان، ويعلم كل ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة من نبتة إلا يعلمها، فكل حبة في خفايا الأرض، وكل رطب ويابس، مثبت في كتاب واضح لا لَبْس فيه، وهو اللوح المحفوظ".


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


الإيمان بالغيب درجة عظيمة من درجات الإيمان، فهو الفارق بين الكافر والمؤمن, فالإيمان بالغيب وصف المتقين، وشعار الصالحين، جعله الله أول صفات المؤمنين، قال تعالى: (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ). ]البقرة:1-3]. وقال سبحانه مبينًا فضيلة الإيمان بالغيب: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ). ]الملك: 12]. وحذّر سبحانه عباده من أنه مطلع على كل شيء، بصير بكل ما يقع، لا تخفى عليه خافية، فلا غيب عنده، بل كل شيء شهادة بالنسبة له, فقال جل وعلا: (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ). ]هود: 123]. والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها الإنسان، فيتجاوز مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا ما تدركه الحواس إلى مرتبة الإنسان الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير الذي تدركه الحواس، ويدرك ما وراء الكون من قدرة وقوة وتدبير وتصريف، ويدرك أن هذا الكون ظاهره وخفيه لا يساوي ذرة في ملك خالقه، الذي لا تدركه الأبصار، ولا تحيط به العقول. والله وحده عالم الغيب والشهادة، أما الإنسان فمجال نشاطه عالم الشهادة، لكن الله تعالى أطلعه على قدر من عالم الغيب، يوسّع دائرة وعيه وعلمه، ويميزه به عن غيره، ويحتاجه في مصالح دينه ودنياه وأخراه.


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


كثيرة هي الغيبيات التي يجب علينا الإيمان بها، فالإيمان بالله هو إيمان بالغيب, فذات الله سبحانه غيب بالنسبة للبشر في هذه الحياة, فإذا آمنوا به فإنما يؤمنون بغيب، يجدون آثار فعله, ولا يدركون ذاته, ولا كيفية صفاته وأفعاله، قال تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).] الأنعام: 102، 103[ والإيمان بالآخرة كذلك هو إيمان بالغيب، فكل ما في الآخرة موجود كالصراط والميزان، والجنة والنار، لكن لا يمكن للأبصار أن تراه في الدنيا. فالساعة بالنسبة للبشر غيب، وما يكون فيها من بعث وحساب، وثواب وعقاب، والجنة والنار، والصراط والميزان، كله غيب يؤمن به المؤمن تصديقًا لخبر الله ورسوله. والإيمان بالملائكة كذلك هو إيمان بالغيب، فهذا الخلق العظيم من خلق الله، لا يعرف البشر عنه شيئًا إلا ما أخبرهم الله به، فنؤمن بهم تصديقًا لخبر الله ورسوله عنهم. والإيمان بالكتب التي أنزلها الله على رسله من الإيمان بالغيب، يؤمن بها المؤمن تصديقًا لخبر الله ورسوله. والإيمان بالرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده بدينه وشرعه هو من الإيمان بالغيب، يؤمن به المؤمن تصديقًا لخبر الله سبحانه, والإيمان بالقَدَر هو من الغيب الذي لا يتم الإيمان إلا بالتصديق به، وهو غيبٌ لا يعلمه الإنسان حتى يقع.


معاشر المؤمنين والمؤمنات:


الغيب عالم كبير، يحيط بالإنسان من كل جانب؛ غيب في الماضي, وغيب في الحاضر, وغيب في المستقبل, وغيب في نفس الإنسان, وغيب في عالم الجماد, وغيب في عالم النبات, وغيب في عالم الحيوان, وغيب في العالم العلوي, وغيب في العالم السفلي, وغيب في الدنيا, وغيب في الآخرة. وكل ذلك لا يعلمه إلا الله، قال تبارك وتعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).] النمل: 65[ وعالم الغيب أوسع من العالم المشهود، والإنسان يسبح في بحر من المعلوم والمجهول، وبحر من الغيب والشهادة، والإنسان مخلوق ضعيف يجهل ما يجري في كيان نفسه، فضلاً عما يجري في الكون كله. والله وحده عالم الغيب والشهادة، يعلم كل شيء، ويرى كل شيء قال تعالى: (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ).] السجدة:6، 7[ والإيمان بالغيب يحقق التقوى في نفس المؤمن؛ بأن يجعله دائم الصلة بالله, مستشعرًا عظمته سبحانه, يحس بمراقبته الدائمة له, وأن علمه محيط يكل شيء؛ فيستحيي من مولاه جل في علاه أن يفتقده حيث أمره, أو أن يراه حيث نهاه. فسبحان من اختص بعلم الغيب وحده، وطوى علمه عن الملائكة المقربين، والأنبياء المرسلين، وغيرهم من العالمين.


معاشر المؤمنين والمؤمنات: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة:


اللهم اجعل شهر القرآن الكريم هذا, شهر عز ونصر وتمكين للإسلام والمسلمين بقيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة, واجعلنا اللهمَّ ممَّن يتدبرون آياتك, فيأتمرون بأمرك, وينتهون عن نهيك: يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ويقدرونك حق قدرك, ترضى عنهم, ويرضون عنك, واجعلنا اللهم ممن تقبلت منهم الصلاة والصيام, والدعاء والسجود والقيام, ومن عتقائك في هذا الشهر الكريم من النار, وأدخلنا الجنة مع الأبرار, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع