الأحد، 11 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
رسائل رمضانية  - 35

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الرسالة الخامسة والثلاثون
أمة الإسلام أمام مسؤوليات جسام (2)

 


الحَمدُ للهِ الذي فَتحَ أبوَابَ الجِنَانِ لِعبَادِهِ الصَّائمينْ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى أشرَفِ الأنبيَاءِ وَالمُرسَلينْ، المَبعُوثِ رَحْمَةً لِلعَالمينْ، وَآلهِ وَصَحبهِ الطيِّبينَ الطَّاهرينْ، وَمَنْ تبِعَهُ وَسَارَ عَلى دَربهِ وَاهتدَى بهَديهِ وَاستَنَّ بسُنَّتهِ، وَدَعَا بدَعوَتهِ إلى يَومِ الدِّينْ.


مستمعي الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير: السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعد: إليكم الرسالة الخامسة والثلاثين من "الرسائل الرمضانية من هدي القرآن والسنة النبوية"، نتابع معكم فيها الحديث عن (القسم الثاني والأخير) من "أمة الإسلام أمام مسؤوليات جسام"".


إخوةَ الإيمانِ: أيها الصائمون:


وأمَّا مَسؤوليَّةُ الأمَّةِ الإسلامِيَّة عَنْ تطبيق الإسلامِ وَتنفيذِ أحكامِهِ، فقدْ وَرَدَ فِي خِطابِ التكليفِ العَامِّ لِجميع ِالمُسلمينَ، قالَ اللهُ تعَالى مُخاطِباً رَسُولهُ صلى الله عليه وسلم: (فلا وَرَبِّكَ لا يُؤمِنونَ حتى يُحَكمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينهُمْ، ثمَّ لا يَجدُوا فِي أنفسِهمْ حَرَجًا مِمَّا قضَيتَ، وَيُسَلمُوا تسليمًا).


فهَذِهِ الآيةُ قدْ نفتِ الإيمَانَ عَمَّنْ لا يُحَكم ِالشرع َ لأنَّ تحكيمَ الرَّسُولِ عَليهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ هُوَ تحكِيمٌ لِلشَّرعِ، وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مُلزَمٌ أنْ يَحكمَ بَينَ المُسلمينَ بشرع ِاللهِ لأنَّ اللهَ تعَالى أمَرَهُ بهَذا فقالَ: (وَأن ِاحكمْ بَينهُمْ بمَا أنزَلَ اللهُ وَلا تتبعْ أهوَاءَهُمْ وَاحذرْهُمْ أنْ يَفتنوكَ عَنْ بَعضِ مَا أنزَلَ اللهُ إليكَ). وَلمَّا كانَ خِطابُ اللهِ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم خِطاباً لأمَّتِهِ، كانَ المُسلمُونَ مُخاطبينَ بالحُكمِ بمَا أنزَلَ اللهِ وَمُلزَمينَ بهِ.


أما مسؤولية المسلمين عن وحدة الدولة ووحدة الأمة الإسلامية فقد قالَ اللهُ تعَالى: (وَاعتصِمُوا بحَبلِ اللهِ جَميعاً وَلا تَفرَّقُوا). وَقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: »مَثَلُ المُؤمِنينَ فِي توَادِّهِمْ، وَترَاحُمِهمْ، وَتعَاطفِهمْ كمَثلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ إذا اشتكى مِنهُ عُضوٌ تدَاعَى لهُ سَائرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ وَالحُمَّى«. إنَّ مَسؤوليَّة َ وَحْدَةِ الدَّولةِ، وَوَحْدَةِ الأمَّةِ، تقعُ عَلى عَاتقِ المُسلمينَ جَميعًا، وَإنَّ عَوَامِلَ الوَحدَة ِكثيرَةٌ وَأكيدَةِ، فربُّهُمْ وَاحِدٌ هُو اللهُ تعَالى، وَنبيهُمْ وَاحِدٌ هُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَكتابُهُم وَاحِدٌ هُوَ القرآنُ الكريمُ، ودينهُم وَاحِدٌ هُوَ دِينُ الإسلامِ، وَقبلتهُم وَاحِدَة ٌ هِيَ الكعبَةُ المُشرَّفةُ، لِذلكَ يَنبَغِي أنْ تكونَ أمَّةُ الإسلامِ أمَّةً وَاحِدَةً، وَدَولتهُمْ دَولةً وَاحِدَةً، وَخليفتهُمْ خليفةً وَاحِدًا.


وأما مسئولية المسلمين عن الجهَاد، فإن الجهاد مِنَ المَسؤوليَّاتِ العَامَّة المُلقاةِ عَلى عَاتق ِالأمَّةِ جَميعاً، وَالتقصيرُ فيهِ يُعَرِّضُ الأمَّة جَميعَهَا لِلهَلاكِ. قالَ اللهُ تعَالى: (وَأنفقوا فِي سَبيلِ اللهِ وَلا تلقوا بأيدِيكمْ إلى التهلكةِ). وَقالَ تعَالى: (يَا أيُّهَا الذينَ آمَنوا هَلْ أدلكمْ عَلى تِجَارَةٍ تنجيكمْ مِنْ عَذابٍ أليمٍ * تؤمِنونَ باللهِ وَرَسُولِهِ وَتجَاهِدُونَ فِي سَبيل ِاللهِ بأموَالِكمْ وَأنفسِكمْ ذلكمْ خيرٌ لكمْ إنْ كنتمْ تعلمُونَ).


إنهَا حقًا لتِجَارَةٌ رَابحَةٌ ينالُ فيهَا المُجَاهِدُ أجرًا عَظيمًا. وَقالَ صلى الله عليه وسلم: »أمِرْتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حَتى يقولوا لا إلهَ إلَّا اللهُ«. وَقالَ صلى الله عليه وسلم: »مَنْ مَاتَ وَلمْ يَغزُ، وَلمْ يُحَدِّثْ نفسَهُ بالغزوِ مَاتَ عَلى شعبَةٍ مِنَ النفاقِ«.


وأما مسؤولية المسلمين عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن النصُوصَ الشرعِيَّة التي تحُضُّ عَلى الدَّعوَةِ إلى الخيرِ وَالأمرِ بالمَعرُوفِ وَالنهيِ عَنِ المُنكرِ جَاءَتْ كثيرَةً، وَمُتنوِّعَةً تخاطِبُ الحُكامَ حِيناً، وَالعُلمَاءَ حِيناً آخرَ، وَكثيراً مَا تتناوَلُ فِي الخِطابِ عَامَّةَ المُسلمينَ. أمَّا الحُكامُ فقدْ خاطبَهُمُ اللهُ سُبحَانهُ وَتعَالى بقولِهِ: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ). وأمَّا عَامَّةُ المُسلمينَ، فقدْ خاطبَهُمُ اللهُ بقولِهِ: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ). وَأمّا العُلمَاءُ فهُمُ الذينَ يَعرفونَ أيَّ الأعمَالِ مُوَافقاً لِشَرعِ اللهِ، وَأيهَا مُخالِفاً لهُ فهُمْ أدْرَى الناسِ بمَوَاطنِ الخيرِ، وَمَواطِنِ الشرِّ، وَأقدَرَهُمْ عَلى تبصيرِ الناسِ حُكامًا وَمَحكومينَ بأحكام ِاللهِ.


اللهُمَّ أقـِرَّ أعْيُنَنَا بـِقيَامِ دَولةِ الخِلافَة، وَاجْعلْنـَا مِنْ جُنُودِهَا الأوفِياء المُخلِصينْ.


وَالسَّلامُ عَليكـُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع