الأربعاء، 22 شوال 1445هـ| 2024/05/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 4 تعليقات
اللباس الشرعي - إيمان أم موضة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اللباس الشرعي - إيمان أم موضة؟

 

ضمن حملة القسم النسائي "الشباب المسلم: روّاد التغيير الحقيقي"

 

(مترجمة)

 

 

في القرن الواحد والعشرين، لا يمكن إنكار الضغط الكبير الذي تتعرض له النساء، والشباب بشكل خاص للظهور بمظهر معين. وفي عالم العولمة التي تدور حول ثقافة البوب ​​والمشاهير، ومع وسائل الإعلام الفضائية التي تعزز المعايير المجتمعية في كل منعطف، فإنه من المستحيل الهروب من التركيز على المظهر.

 

وللأسف لم تنجُ الفتاة المسلمة من هذا الضغط، وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أخذ (الحجاب) مكانه في صناعة الأزياء. ومن خلال العديد من (المحجبات) اللاتي يظهرن في اليوتيوب، أو "عروض الأزياء الإسلامية"، أو مجلات الموضة للمحلات التجارية، يتم تشجيع الفتيات المسلمات على التطلع إلى تعريف ميبستيرز للمحجبة؛ شخصية أنيقة وحسنة المظهر، والتي تُدرج غطاء الرأس، الذي تلبسه كعمامة أو تلفّه حول جسمها، دون عناء مع الأزياء الغربية، عارضة ذوقها واتجاهات الموضة التي تؤيدها. وقد أدى ذلك بالعديد من دور الأزياء الغربية مثل أتش آند إم لتوظيف عارضات أزياء مسلمات (محجبات)، وإطلاق مجموعات خاصة للمرأة المسلمة، كما فعل دولتشي وغابانا في وقت سابق من هذا العام.

 

ومن المؤسف أن هذه الاتجاهات قد غيرت وحولت (الحجاب) لدرجة أنه لم يعد يشبه اللباس الشرعي للمرأة المسلمة. لقد أدت الضجة الإعلامية حول الخمار كونه غطاء الرأس إلى تحويله ببساطة إلى قطعة من القماش الذي يغطي الرأس. لقد فقد القصد من وراء ارتداء اللباس الشرعي، بالتوازي مع ضياع مفهوم الحياء، والتفاصيل الشاملة لممّا يتكون هذا اللباس!

 

لقد نسيت الفتيات المسلمات أنه في ظل الإسلام، فإن الأزياء ليست جزءاً من لباس المرأة المسلمة. فالله سبحانه وتعالى قد حدد لباسنا على وجه التحديد، لذلك نحن لا نخضع لمطالب المصممين أو الرجال أو المجتمع. إنه ليس لأحد أن يأخذ على عاتقه أن يقرر ما يجب على النساء ارتداؤه أو عدم ارتدائه في المواسم المختلفة. فالله سبحانه وتعالى قد حررنا من هذا برحمته. لكن هل يعني هذا أنني أقول أن المرأة المسلمة لا تستطيع أن تلبس اللباس الجميل؟ بالطبع تستطيع، ولكن الله سبحانه وتعالى قد وصف لنا كيف يجب أن يكون لباسنا في الحياة العامة على وجه التحديد كجزء من النظام الاجتماعي الإسلامي الأوسع.

 

لقد فصل الله سبحانه وتعالى في القرآن والسنة بشكل واضح ما هو لباس المرأة المسلمة ولم يترك ذلك للأهواء الشخصية للأفراد لتحديده وفقا لما يرونه محتشما أم لا. فالله سبحانه وتعالى يقول في سورة النور: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ﴾، فالله سبحانه وتعالى يأمر في هذه الآية الكريمة، المرأة المسلمة بستر زينتها باستثناء ما ظهر منها أمام جميع الرجال باستثناء الزوج، والأب، والأبناء، وأبناء الزوج ... وغيرهم ممن ذكرتهم الآية. وقوله سبحانه ﴿... إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ يعني الوجه والكفين. وهذا بإجماع غالبية العلماء مثل السيدة عائشة رضي الله عنها، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام الطبري، والإمام القرطبي، وأبو قتادة، ومجاهد والحسن وابن حزم. فالله سبحانه وتعالى يأمر نساء المؤمنين بأن يلوين خُمُرهن (الخُمُر جمع خمار وهو ما يغطى به الرأس) ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻨﺎﻗﻬﻦ ﻭﺻﺪﻭﺭﻫﻦ، ﻟﻴﺨفين "جيوبهن" أي ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﻃﻮﻕ ﺍﻟﻘﻤﻴﺺ ﻭﻃﻮﻕ ﺍﻟﺜﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﻖ. وقد كانت النساء في عهد النبي ﷺ، قبل نزول الآية يغطين رؤوسهن بالخمار، برمي أطرافها على ظهورهن كاشفات بذلك رقابهن، وآذانهن، والجزء العلوي من صدورهن، على غرار النصرانيات. ثم من خلال الوحي أمرهن الله سبحانه وتعالى في سورة النور، الآية 31، بتغطية تلك الأجزاء أيضا بالخمار. قال الإمام ابن كثير فيما يتعلق بالآية ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾، يعني المقانع (الخمر) يعمل لها صنفات ضاربات على صدورهن؛ لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها؛ ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية؛ فإنهن لم يكن يفعلن ذلك، بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها، لا يواريه شيء، وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها". ومن هنا أمر الله سبحانه وتعالى المرأة بأن تغطي بخمارها رأسها وعنقها وصدرها. وبالإضافة إلى ذلك، فقد قال النبي ﷺ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ».

 

ووفقا لهذه الأدلة الشرعية وغيرها الكثير، فإن تغطية المرأة جسدها كله ما عدا وجهها وكفيها أمام الرجال من غير محارمها هو فرض عليها. ويجب أن لا تكون الملابس التي ترتديها شفافة تظهر ﻟﻮﻥ الجلد، كذلك يجب أن لا تلبس الخمار بطريقة بحيث تُظهر رقبتها أو جزءاً من شعرها (حتى ولو كانت شعرة واحدة).

 

وعلاوة على ذلك، فقد حدد الإسلام وأوجب على المرأة لباسا خاصا تلبسه حين تخرج من بيتها وتسير في الحياة العامة. ففي الحياة العامة، أوجب الشارع عليها ارتداء الخمار (غطاء الرأس) والجلباب (قطعة واحدة ﻣﻼﺀﺓ ﺃﻭ ﻣﻠﺤﻔﺔ ﺗﻠﺒﺴﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ ﻭﺗﺮﺧﻴﻬﺎ إلى ﺃﺳﻔﻞ حتى ﺗﻐﻄﻲ ﻗﺪﻣﻴﻬﺎ). وكما ذكر سابقا، فإن الآية ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ من سورة النور تتحدث عن الخمار، وقوله تعالى في سورة الأحزاب، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ تتحدث عن الجلباب.

 

وبالإضافة إلى ذلك، روي عن أم عطية رضي الله، أنها قالت: «أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها». ففي هذا الحديث، يبين لنا النبي ﷺ بوضوح أن ارتداء الجلباب هو شرط يجب أن يتوفر في المرأة إذا أرادت الخروج إلى الحياة العامة، حيث إنه لم يعط الإذن بالخروج لمن ﻟﻴﺲ لها ﺛﻮﺏ ﺗﻠﺒﺴﻪ ﻓﻮﻕ ﺛﻴﺎﺑﻬﺎ ﻟﺘﺨﺮﺝ ﻓﻴﻬﺎ، وﺃﻣﺮ ﻋﻠﻴﻪ الصلاة وﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻥ تعيرﻫﺎ ﺃﺧﺘﻬﺎ من جلبابها لتخرج به للحياة العامة، ﻭﻫﺬﺍ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ في ﻫﺬﺍ الحديث ﻟﻠﻮﺟﻮﺏ.

 

وبالتالي، فإنه في الحياة العامة، لا يكفي للمرأة أن ترتدي الخمار مع قميص وتنورة أو بنطال أو أي شكل من أشكال اللباس، وإن كانت ساترة للعورة، إن لم تتوافق مع ما فرضه الله سبحانه وتعالى من خمار وجلباب.

 

إلى جانب ذلك، منع الإسلام المرأة من التبرج. وهذا يعني ارتداء أي نوع من الثياب، والمجوهرات والزركشات التي تلفت الانتباه إلى زينتها بأي شكل من الأشكال أمام غير المحارم. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾.

 

وبالتالي، فإنه من الواضح أنه على الرغم من أن نوعا معينا من الملابس وإن كانت تغطي العورة، إلا أن هذا لا يعني أنه مسموح للمرأة لبسها في وجود غير المحارم. فإذا كانت الملابس ضيقة، تصف شكل جسمها أو مزينة بطريقة تلفت الانتباه إلى جمالها فلا يجوز لها أن تلبسها، لأنها ستكون متبرجة. قال النبي ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا».

 

في الواقع، لقد عملت صناعة الأزياء الإسلامية فقط على تعزيز البناء الغربي للصورة المثالية للجمال، وهو أمر غير موجود في الإسلام. ودعونا لا نكون ساذجين في افتراض أن هذا الأمر لم يكن مدبرا. بل إن الربط المستمر بين هذه الأزياء ولباس المرأة المسلمة، قد تم تلفيقه من أجل محاولة إبعاد المرأة المسلمة عن الإسلام، لجعلها تابعة للمجتمع وتعيش لتحقيق توقعاته بدلا من العيش وفق أوامر الله سبحانه وتعالى. أليس من المفارقة أنه بينما تمنع الدول الليبرالية العلمانية أخواتنا المسلمات من ارتداء الحجاب والنقاب في الأماكن العامة، تقوم صناعاتها في الوقت نفسه بتعزيز "حجاب الموضة"؟! وذلك لأن صناعة الأزياء الغربية تدرك القوة التي لدى المسلمة التي تتبنى الإسلام بشكل صحيح، والتهديد الذي تشكله على نظامها الرأسمالي الذي يستغل انعدام الأمن عند النساء لمنافعه المالية الخاصة. إن المسلمة التي تحررت من مطالب المجتمع حرة في التفكير بذاتها، وتحب نفسها كما هي، وتكرس نفسها لعبادة الله سبحانه وتعالى، وليس لعبادة المصممين. إن القيمة الحقيقية للمرأة وتمكينها وتحريرها إنما يأتي من الإسلام؛ ذلك النظام الذي يعامل المرأة بوصفها إنسانا. بينما تخشى المجتمعات العلمانية هذا، ولذلك أوجدت الأزياء الإسلامية لمنع المرأة المسلمة من اعتناق الإسلام بشكل كلي.

 

إنها إرهاصات خير ولله الحمد بأن الكثير من الفتيات والشابات المسلمات بدأن بارتداء اللباس الشرعي من أجل التقيد بشكل أوثق بدينهن وإرضاء ربهن. ومع ذلك، فإن اتباع "اتجاهات حجاب الموضة" أو اتخاذ أي لباس لا يتفق مع النصوص الإسلامية الواضحة المعالم يخالف الغرض الأساسي الذي لأجله بدأن ارتداء ذلك اللباس. وعلاوة على ذلك، فإن ذلك يعني ببساطة استبدال اتباع التوقعات الضحلة المفروضة من قبل صناعة الأزياء الغربية لكيف يجب أن تبدو المرأة ونوع لباسها، بتوقعات أولئك الذين يعملون في صناعة الأزياء الإسلامية. وبالطبع لا يكاد يكون هناك أي تحرير للمرأة المسلمة في هذا!

 

إن الفتاة المسلمة يجب أن تدرك أن هذا التلاعب باللباس الإسلامي تم تصميمه لعلمنتها، ولحملها لتقديم تنازلات، وجعلها تنتقي وتختار من الإسلام ما تريد تطبيقه وتترك ما لا تريد. يجب عليها أن تقف ضد هذا الهجوم وأن تكون حازمة في عزيمتها على ارتداء اللباس الشرعي في سبيل الله سبحانه وتعالى وحده وبالطريقة التي وصفها الله سبحانه وتعالى، وفي أوقات الشدة، علينا أن نتذكر حديث نبينا محمد ﷺ: «فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ».

 

لقد تنبأ رسول الله ﷺ بمثل هذه الأوقات، ولكن يجب علينا أن نكون مطمئنين عندما ندرك أن ثمار مثل هذه الأوقات ستكون كبيرة وأن هذا الدين يستحق النضال والتضحية لأجله.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عائشة حسن

 

 

4 تعليقات

  • khadija
    khadija الجمعة، 22 نيسان/ابريل 2016م 08:59 تعليق

    جزاكم الله خيرا وتقبل منكم.

  • ام عبدالله
    ام عبدالله الخميس، 21 نيسان/ابريل 2016م 20:07 تعليق

    إن على المسلمات ان تدركن ان هذا اللباس الشرعي هو فرض من الله عز وجل كباقي الفروض التي كلفهن الله بها

  • إبتهال
    إبتهال الخميس، 21 نيسان/ابريل 2016م 13:33 تعليق

    جزاك الله خيرا أختاه

  • khadija
    khadija الخميس، 21 نيسان/ابريل 2016م 13:15 تعليق

    رائع ما كتبت أختاه
    بارك الله فيك وفي قلمك

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع