الثلاثاء، 13 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

هلمّ لنكون من المحسنين حقا

 

إنّ هدف المسلم المؤمن في الحياة الدنيا هو السعي لنيل رضوان الله وبلوغ أعلى درجاته، لذلك تجده واعيا على وجوب التزام أحكامه سبحانه بل تجده ساعيا لبلوغ الكمال فيها ليصل مرتبة الإحسان ألا وهي مرتبة إتقان العمل حتى يصبح على أكمل وأفضل وجه يرضي الله.

 

لقد جعل الإسلام الإحسان في المرتبة الثالثة من مراتب الدين بعد الإسلام والإيمان، وهو يوجب عبادة الله عزّ وجل كأننا نراه حتى لو لم نكن نراه لأنّه يرانا.

 

لكنّ المشكلة اليوم تكمن في حصر الكثيرين للإحسان في الجانب التعبّدي وحسب؛ وسعيهم لبلوغ الكمال فيه وحده؛ فتجدهم أقرب للرهبان منه لنبيّنا الأكرم عليه الصلاة والسلام ومن تبعه وسار على دربه إلى يوم الدين.

 

نعم إنّ الإحسان يقتضي أن يسعى المسلم ليكون صوّاما قوّاما باسطا كفيه يتلو آيات الله آناء الليل وأطراف النّهار معطّرا فيه بذكر الله ولكن ذلك كله هو جانب من الجوانب وحسب؛ والخلل كل الخلل في الاقتصار عليه.

 

إنّ الإحسان عموما يشمل فعل الواجبات وترك المحرمات وذلك واجب، وفعل المستحبات وترك المكروهات وذاك مندوب، وهذا لا يقتصر على العبادات فقط فهو يتعدّاها ليغطي كل مناحي الحياة.

 

كما أنّ الإحسان يشمل الأعمال والنيات وكذلك الأقوال ولذلك فهو يفيض ويشمل كل المجالات والتفاصيل.

 

إنّ من أكرمه الله وجعله من المحسنين يكون شخصا متميزّا: مجتهدا في عباداته؛ صاحب خُلق كريم؛ مجتهدا في تحصيل العلم الكافي لجعله يعبد الله على بيّنة؛ مثابرا في عمله؛ واعيا على موقعه فهو على ثغرة من ثغور الإسلام؛ برّا بوالديه وبجاره وبذي القربى؛ مجاهدا بالغالي والنفيس لإعلاء كلمة الله وغير ذلك ممّا يرضي الله.

 

ومن كان ذلك حاله كان لا بدّ له من أن يكون شخصا مسؤولا يستشعر بالعبء الكبير الذي على كتفيه فالله قد أنزل الإسلام لنعيش به ونسطر به حياتنا ولنحمله نورا ورحمة للعالمين.

 

إنّ المحسن لا يكتفي بسعيه لبلوغ الكمال فيما يتعلق بنفسه فقط بل هو يبذل وسعه ليعمّ الخير والنور والرحمة كل الأرجاء: أولاّ من منطلق إدراكه لأحكام ربّه وبضرورة تطبيقها فهو وهو يتلو آيات ربه متدبرا قد أيقن أنّ هذا القرآن ما أنزل إلا ليحكم.

 

ثانيا من منطلق المسؤولية فهو يعي أنّه راع ومسؤول أمام الله عن أمّته المكلومة؛ أمّته التي تكالب عليها الأعداء وشغلوها عن بلوغ المرتبة التي يكون الله عنها فيها راض؛ فهو يمدّ يديه لأمّته ليرفعها معه درجة درجة ليرتقي بفكرها وشعورها وعرفها ويجتهد في ذلك ما استطاع.

 

وثالثها أنّ بلوغ المسلم الإحسان في كثير من الجوانب غير ممكن اليوم؛ وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بوجود الإسلام في معترك الحياة في ظل دولة تطبقه؛ ذلك أنّ كثيرا من أحكام الله معطّلة؛ فالشخص مهما سما في عباداته وأخلاقه سيبقى يرى حدود الله معطلّة وأرض الله المباركة مغتصبة وإخوانه هنا وهناك يسومونهم سوء العذاب وغير ذلك، ولن يتغير ذلك الواقع إلا بإقامة الخلافة فيتمّكن وقتها من بيعة إمام والجهاد ونصرة المستضعفين وغيرها الكثير من الأحكام التي فرضها الله علينا وسنحاسب عنها.

 

إذن فالإحسان بفهمه العميق يقتضي لزاما تغيير ما بالنفس من مساوئ والرقيّ بها وصقلها وتهذيبها لكنّه يقتضي لزاما أيضا السعي لتغيير أهله وصحبه ومحيطه الموسع عموما بل السعي لتغيير الواقع والعالم كله حتّى يكون الدين لله وتُعلى كلمة الله وتؤدى أمانة استخلاف بني آدم في الأرض.

 

لقد أخبَرنا الله عزّ وجلّ أنَّه يحبُّ المُحسنين، وأنَّه مع المُحسنين وأنه يَجزي المُحسن بالإحسان، وأنه يجزي المحسنين بالحُسنى وزيادة، وأنه لا يضيع أجر المُحسنين، ولا يضيع أجرَ من أحسن عملاً؛ فهل هذا الخير العميم لا يستحق التعب والتضحية وبذل الوسع والجهد والوقت والصحة والمال؛ ألا يستحق فعلا؟!!!

 

بلى والله يستحق!!

 

على المسلم أن يسعى ليكون محسنا في كل شيء في وسعه اليوم ويعمل جاهدا لتغيير هذا الواقع المرّ الذي نحيا فيها تعطيل الشرع، فحتى لو وافاه الأجل قبل عودة الخلافة إلى الوجود فمن المؤكد رحمة الله ستبلغه ويكتب من المحسنين فيما لم يكن في وسعه واستطاعته عمله بنيّته وقصده، قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 91]، فهؤلاء الذين لم يستطيعوا القتال لعجزهم الجسمي والمالي مع سلامة نياتهم وحسن مقاصدهم، قد عذرهم الله لأنهم محسنون في نياتهم، فهم لم يتركوا الجهاد لعدم رغبتهم فيه، وإنما تركوه لعجزهم عنه، ولو تمكنوا منه لفعلوه، فهم يشاركون المجاهدين في الأجر لنياتهم الصالحة وحسن قصدهم، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود، وأصله في الصحيحين أن رسول الله قال: «لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَاماً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ». ونسأل الله أن يكرم كل عامل للتغيير وساع لعودة أحكام الشرع بأجر المحسنين المجاهدين مقيمي حدود الله وجميع أحكامه ناصري المستضعفين وقاصمي ظهور الجبابرة معلي راية الحق والدين.

 

فاللهمّ أعنّا على حسن طاعتك وعبادتك واجعلنا من أهل الإحسان، اللهمّ استعملنا ولا تستبدلنا واجعلنا من حملة لوائك، اللهمّ اجعلنا من الصالحين المصلحين وأكرمنا بالتغيير وكحّل أعيننا برؤية دولة الخلافة رأي العين عاجلا غير آجل. اللهمّ آمين اللهمّ آمين اللهمّ آمين

 

#رمضان_والإحسان

#Ramadan_And_Ihsan

#Ramazan_ve_İhsan

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

هاجر اليعقوبي

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع