الأربعاء، 22 شوال 1445هـ| 2024/05/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
أجندة مكافحة التطرف البريطانية من أجل علمنة الشباب المسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أجندة مكافحة التطرف البريطانية من أجل علمنة الشباب المسلم


(مترجمة)

 

 

لقد تعرض المسلمون في بريطانيا طوال العقد الماضي إلى حجم كبير من الدعاية التضليلية والفحص الدقيق. وقد أدى ذلك إلى تعديل قوانين الإرهاب القائمة واستحداث أول سياسة اجتماعية شاملة، والتي تستهدف تقريبًا كل جانب من جوانب حياة المسلم، وقد تم النظر إلى هذه الخطط كوسيلة لمواجهة التطرف، وقد تجاوزت تصنيف ووصف الأفراد والحركات "بالتطرف"، ورأى المسلمون ولأول مرة الكثير من المبادئ الإسلامية الأساسية تتعرض للهجوم لأن قيم التعصب والقمعية تتعارض مع القيم البريطانية.


وقد أعقب خطط المواجهة هذه في عام 2015 مشروعُ قانون مكافحة الإرهاب الذي قد توسع ليشمل إضافة للتعاون بين الشرطة والأخصائيين الاجتماعيين تعاونَ جميع موظفي القطاع المدني، مما ألزم من ناحية قانونية المدارس والجامعات وحتى العاملين في مجال الرعاية الصحية للتقصي عما يُسمى التطرف والإبلاغ عنه. إن هذه السياسات القمعية تستوجب إلزامًا مراقبة الطلاب من الحضانة وحتى المرحلة الجامعية، إضافة للمرضى والموظفين. وهو ما يشكل مساسًا بالسرية والخصوصية بين الطلاب والمعلمين والعاملين في مجال الرعاية الصحية وأرباب العمل، وهو ما بدوره يجعل الجو العام موبوءاً بالريبة والشك المتبادل.


إن مشروع قانون مكافحة الإرهاب هو الأول من نوعه، وفي طريقه ليسمح مباشرة بتجريم الأطفال. وتفرض برامج هذا القانون وجود تعاون وثيق بين المؤسسات الشبابية والشرطة بحيث يتم التدقيق في ألعاب أطفال المسلمين وتعليقاتهم العفوية البسيطة بحثًا عن أية إشارات "للتطرف". وتتعامل وحدة "مكافحة التطرف" مع الأطفال الذين يتم تحويلهم إلى هذا البرنامج، وأية معارضة من الأهل قد تؤدي إلى انتزاع الأطفال منهم ووضعهم تحت وصاية الدولة.


وعلاوة على ذلك، وبحجة حماية الأطفال، فقد تم تصميم استبيان للمدارس الابتدائية يعج بالأسئلة المقصودة التي لا يمكن تفاديها. وهي تهدف إلى تمييز المعتقدات الدينية والأخلاقية وحتى الوطنية، وقد مُدح ووُصف بأنه ضروري من أجل تقييم علامات التطرف. ونظرًا لطبيعة الأسئلة حول حكم الإسلام في مسائل مثل الجهاد والمثلية الجنسية والفصل بين الجنسين والخمر، فقد أصبح واضحًا للجميع بأن هذا الاستبيان يستهدف أطفال المسلمين. وبالتالي، وأخذًا بعين الاعتبار أن الحكومة هي المسؤولة عن تحديد طبيعة السلوك والقيم التي يتصرف وفقها الأطفال، فتصبح الحكومة هي الجهة التي تحدد معنى "التشدد" في مشروع قانون مكافحة الإرهاب، وهو ما يعني أن الاستبيان أداة لتصنيف جميع أطفال المسلمين "كمتطرفين" محتملين.


وينظر مشروع قانون مكافحة الإرهاب إلى ما يسمى "علامات التطرف" بناء على وجود التدين أو زيادته، مثل الالتزام باللباس وفق أحكام الإسلام، ومثل مراقبة أداء الصلاة بشكل يومي في المدرسة، ومثل عدم لعب الفتيان والفتيات أو جلوسهم معًا. إن هذا النوع من تقييم الآراء الشخصية للأطفال أو الشباب أو سلوكهم يمكن وصفه بأنه قد تعدى وصف السطحي؛ إذ إنه تلفيق تقوم به الحكومة وتتقصد من خلاله الخلط بين التدين والتطرف ولتتذرع به من أجل إيجاد صلة حتمية مع التطرف.


ويُعبّر المعلمون بشكل منتظم لأولياء الأمور المسلمين عند أبواب المدارس عن قلقهم بخصوص أبنائهم لأنهم يلعبون بدمى البنادق والدبابات؛ لأنهم لا يعرفون عن المثلية الجنسية ولأنهم يطلبون أداء الصلاة والصوم في المدرسة ولأنهم لا يريدون أن يمسكوا بأيدي الفتيات. حتى إن طفلة تبلغ من العمر سنتين قد اعتبرت مشبوهة لأنها قالت إنها قد حلمت بألعاب نارية، تمامًا مثل طفل عمره أربع سنوات قد بدا مشبوهًا للمعلمين لأنه قد نطق كلمة خيار (باللغة الإنجليزية كيوكمبر) لتبدو وكأنه قال قنبلة فرن (باللغة الإنجليزية كوكر بمب) وقد أحالوه بعدها لبرنامج مكافحة التطرف. وبالمثل، فقد أخطأ طفل يبلغ من العمر عشر سنوات في إملاء كلمة (تيرسيت: أي مدرجات) ليكتبها (تيروريست: أي إرهابي)، وقد كان هذا كافيًا لاعتباره مبررًا لإرسال الشرطة لمنزله، وهو الحال الذي تكرر مع طفل اختار مشروعًا صفيًا عن العصر الذهبي للإسلام.


وقد بينت الأرقام الرسمية التي نشرها رئيس الشرطة الوطنية إلى أن أكثر من 4000 طفل قد أُحيلوا إلى البرنامج منذ آذار/مارس 2016؛ يبلغ هذا العدد نحو ثلاثة أضعاف العدد في العام السابق، أي بمعدل 11 إحالة في اليوم.


هذا على الرغم من أن أكبر نقابة للمعلمين في بريطانيا، والاتحاد الوطني للمدرسين، قد هاجما المشروع بشدة ووصفوه بأنه "خَنْق التعبير المشروع للرأي السياسي" ودعيا إلى "إلغاء إلزام المعلمين بالإبلاغ عن الأطفال الذين يعتبرون عرضة لخطر الانجرار إلى الإرهاب".


ويتعرض عمل الطلاب المسلمين على شبكة الإنترنت في المدارس إلى تدقيق مشابه. فقد تم تطوير مكتبة "كلمات التطرف الرئيسية" بالتعاون مع مؤسسة كويليام، وهي منظمة لمكافحة تطرف المسلمين الإصلاحيين وهي تتحالف بشكل وثيق مع الحكومة. وتتألف المكتبة من أكثر من 1000 كلمة وتشمل كلمات مثل "المرتد"، و"الجهادي" و"الإسلام السياسي" مع إيراد تعريفات لها. فالبحث عن كلمات مثل "الخلافة" وأسماء لنشطاء سياسيين مسلمين على أجهزة الكمبيوتر في المدرسة قد يؤدي إلى وصف الطالب الباحث بأنه مؤيد محتمل للإرهاب، والبحث عن بعض العبارات المحددة المرتبطة بالدعاية التضليلية مثل "عرائس الجهاديين" و"تنظيم الدولة" و"تموت مرة واحدة فقط" يرسل "محاولة انتهاك" للمعلمين على هواتفهم المحمولة لتصوير الشاشة التي يعمل عليها الطالب حتى تُعتبر كدليل.


والأطفال الذين يلبسون اللباس الإسلامي، أو الأساور الرياضية والأوشحة والشعارات التي تؤيد القضية الفلسطينية تتم الإشارة إليهم تقريبًا على الفور، وقد تعرض كذلك للانتقاد الأطفال الذين يقومون بجمع التبرعات الخيرية للعالم الإسلامي.


إلا أن الأمر الأكثر خبثًا هو التوقع من الطلاب الأكبر سنًا أن يقوموا بإدانة الأعمال الإرهابية بشكل متكرر، وأن يقوموا بالابتعاد عن أي نقاش عقلي عن أسبابه، أو التشكيك في هوية الفاعلين المزعومة. فقد حذر منشور وزعته كامدن، مجلس لندن، في وقت سابق من هذا الشهر من أن "إبداء الغضب حول السياسات الحكومية وخاصة السياسات الخارجية" أو "إبداء عدم الثقة تجاه وسائل الإعلام الرئيسية" يُعتبر أيضًا من علامات التحذير المحتملة للتطرف.


إن هذا هو الهدف الأساسي لمشروع قانون مكافحة الإرهاب ومبادرة منعه؛ حيث إن المسلمين في بريطانيا يُسَلِّمون برواية الحكومة عن الإسلام نفسه بأنه السبب الأساسي للإرهاب وبالتالي يقرون بأن هناك حاجة لإصلاحه وإعادة صياغته بشكل كامل. لقد أدى وبشكل صارخ غموض مصطلحات مثل التطرف والقيم البريطانية إلى إساءة التزام الناس بالإسلام نتيجة لجهلهم ونتيجة للتضليل الذي تمارسه الحكومة تجاه الإسلام. وقد أدت التقارير الخاطئة المبنية على أساس جنون الاضطهاد والخوف إلى زيادة الاعتقال في الجاليات الإسلامية وتجريمها برمتها، وإلى عدم الثقة والخوف بشكل متبادل.


ولفهم الغرض من مشروع قانون مكافحة الإرهاب ونتائجه المرجوة للشباب المسلم، يجب أن نضعه في سياق خطط الدول الغربية العالمية تجاه العالم الإسلامي.


لقد شهدت الصحوة الإسلامية في ثمانينات القرن الفائت قيام المسلمين بتجديد الدعوة إلى الجهاد ومحاسبة الدول الملكية والدكتاتورية وذلك الوعي العام في الأمة قد أخذ بالانتشار. ومع استعمار البلاد الإسلامية في القرن التاسع عشر، أخذت الحيوية تدبُّ في الأفكار الإسلامية، وقد حملت معها الطموح والقناعة بأن الإسلام هو الحل الحقيقي والوحيد للحالة المتردية التي تعيشها الأمة الإسلامية.


إن مبادرة الشرق الأوسط الكبير التي صاغها فرانسيس فوكوياما، جاءت لتصوغ السياسة الخارجية الأمريكية لتدمير الإسلام لأنه عقيدة صافية نقية؛ حتى قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر. ومنذ ذلك الوقت، قادت أمريكا الدول الغربية لزعزعة الاستقرار للعالم الإسلامي بأسره بشكل تدريجي. فقد مهدت حرب العراق والعمليات في أفغانستان الطريق إلى باكستان وإلى وجود أمريكي دائم في الشرق الأوسط. وبحجة صنع سلام يوفر الديمقراطية، فقد تم وضع خطط لتقسيم الدول القومية وإزالة الأنظمة الديكتاتورية. ولتبرير خطوط أنابيب النفط والسفارات والقواعد الجوية وأجهزة الاستخبارات السرية، دارت حالة دائمة من الحرب والقتل وتشريد ملايين المسلمين الأبرياء. وقد وصف الكثير هذا الحال بأنه فاشل نتيجة للتعذيب والتهجير والسجن والإذلال.


لقد تم تمرير هذه الأحداث من خلال نجاح أمريكا في حرف الثورات في تونس ومصر عن طريقها نحو الديمقراطية. والكارثة الحقيقية في هذه الأيام هي القضاء على الثورة الإسلامية المخلصة في سوريا؛ من خلال أمواج هائلة من حملات القصف البشعة والأعمال الوحشية ومجموعة من الدول المتعطشة للدماء، وكلها تدعم المخططات الأمريكية/الروسية لوقف النهضة الإسلامية الحتمية بأي ثمن.

 

يجب أن يكون واضحًا أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب قد وجد فقط من أجل إطفاء نور ونهضة الفكر الإسلامي النقي، في الداخل والخارج. والإجراءات التي يتم اتخاذها هنا في الغرب لوسم وتجريم العقائد والأفكار الإسلامية الراسخة تساعد بلا شك في تأسيس ودعم وتطوير أنظمة علمانية في العالم الإسلامي. والحكومات العلمانية في الشرق وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان يجري دعمها بشتى الوسائل الاقتصادية وسياسات السوق الحرة الرأسمالية لإيجاد مجتمعات قائمة على القيم الديمقراطية العلمانية. ويتم تسويق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان كأبرز ما في الحضارة الغربية؛ ويجري الترويج لها وتطبيقها من خلال إبراز وفرض نمط الحياة والثقافات الغربية وفرض الاقتصاد القائم على الربا على البلاد الإسلامية. فمن جهة يقومون بإشعال الحروب ورعاية الظلم ونشر إرهاب تحت رعاية الدولة ودعم الطغاة؛ ومن جهة أخرى يقومون بدعم وتطوير العملاء الحكوميين الذين وُجدوا فقط لتسهيل المصالح الغربية. ومرة أخرى يقومون باستعمار الأمة الإسلامية فعليًا ونفسيًا.


إن هذه الأساليب والخطط العالمية هي الأداة الأساسية لتجريم الشباب المسلم الذي نشهده هنا؛ وهو أيضًا جزء واحد فقط من العقاب الجماعي الأوسع الذي تمارسه الحكومة البريطانية على المسلمين في بريطانيا. والجزء السابع من قانون مكافحة الإرهاب البريطاني قد ثبَّط المسلمين عن الحجز في الرحلات الجوية لقضاء إجازاتهم، وقد سُمح بإجراء تحقيق من دون وجود سبب أو أدلة ولمدة تصل إلى تسع ساعات، ودون الحق في حضور محام. وبالمثل، فإن مشروع قانون مكافحة الإرهاب قد جعل من (العدالة!) البريطانية مهزلة من خلال إضفاء الشرعية على المحاكمات دون أن يتمكن المتهم من حقه في معرفة الأدلة التي ستستخدم في محاكمته. وقد خضع بالفعل أكثر من 150 مسلمًا لهذه العدالة الزائفة خلال السنوات العشر الماضية. وهو ما يجعل المتهم مذنبًا حتى تثبت براءته.


إنه مما لا شك فيه أنه يجب أن ننظر لأنفسنا كأمة عالمية واحدة. فنحن نتعرض جميعًا لسياسات وخطط مدبرة، وهو ما يمهد لعزلة ممنهجة، أو للتشويه والاعتقال في أحسن الأحوال؛ وفي أسوأ الأحوال سنواجه التعذيب والحرب والاضطرابات الطائفية والنزوح، وقد تصبح ظاهرة اللاجئين ظاهرة جماعية لكل الشعوب الإسلامية.


إن الشباب المسلم يشكل قوة عالمية للتغيير، وهذه الحقيقة وحدها كافية ليقوم الكافر المستعمر بإشعال الأرض تحت أقدام الشعوب الإسلامية. وإننا اليوم نشهد "تدمير الحضارة على يد حضارة الدمار" كما أخبرنا بذلك الحبيب محمد e. فقط بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة يمكننا العودة إلى سابق عزتنا وقوة حضارتنا وعندها سنتمكن من الوقوف أمام قوى الشر والطغيان التي تمكر بنا وبشبابنا ليل نهار. يقول الله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18]

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


مليحة حسن

 

3 تعليقات

  • ام عبدالله
    ام عبدالله الإثنين، 18 نيسان/ابريل 2016م 20:47 تعليق

    جزاكم الله خيرا

  • khadija
    khadija الإثنين، 18 نيسان/ابريل 2016م 14:15 تعليق

    جازاك الله خيرا فيما كتبت اختاه

  • إبتهال
    إبتهال الإثنين، 18 نيسان/ابريل 2016م 13:30 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع