الأربعاء، 22 شوال 1445هـ| 2024/05/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
الجيل الضائع... أطفال سوريا نموذجاً!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجيل الضائع... أطفال سوريا نموذجاً!
ضمن حملة القسم النسائي "الشباب المسلم: روّاد التغيير الحقيقي"


الجيل الضائع، مصطلح أطلق على الجيل الذي نشأ في أمريكا وأوروبا إبان فترة الحرب العالمية الأولى، ويطلق هذا المسمى اليوم على الجيل الذي نشأ في البلاد العربية التي حصلت فيها حروب ونزاعات مسلحة، وبصفة خاصة ليبيا واليمن وسوريا والعراق والسودان، وذلك لما تركته هذه الحروب والصراعات الاستعمارية من آثار كبيرة على أهل هذه البلاد ولا سيما فئتي الأطفال والشباب، ولكن المقام لا يتسع للحديث عن "الجيل الضائع" في كل هذه البلاد، ولذلك سنقصر حديثنا في هذه المقالة على أطفال سوريا كنموذج حي ومؤلم لما خلفته الحروب والصراعات الاستعمارية من آثار على أطفال المسلمين.


يطلق مصطلح الجيل الضائع على الأطفال الذين وُلِدوا منذ بداية الثورة السورية عام 2011 وحتى يومنا هذا، إضافة إلى الأطفال الذين كانوا مولودين قبل بدء الثورة وعايشوا أحداثها، ويشير تقرير أصدرته منظمة اليونيسيف تحت عنوان: "لا مكان للأطفال: تأثير 5 سنوات من الحرب على أطفال سوريا وطفولتهم" إلى أنَّ حوالي 3.7 ملايين طفل سوري ولدوا منذ بداية الثورة، أي بمعدّل واحد من بين ثلاثة أطفال سوريين، منهم 2.9 مليون طفل داخل سوريا، و811 ألفاً في المناطق المجاورة، وجاء في التقرير أيضاً «تقدّر يونيسيف أنَّ ما مجموعه 8.4 ملايين طفل، أي أكثر من 80 % من الأطفال في سوريا، تأثّروا بسبب النزاع، سواء في داخل البلاد أو كلاجئين في الدول المجاورة».


إذاً وبموجب الإحصائيات والتقارير فقد أثرت الحرب في سوريا على حياة أكثر من 8 ملايين طفل، أكثر من 3 ملايين منهم فتحوا أعينهم على مشاهد القتل والدمار، وصوت أزيز الطائرات ودوي المدافع والبراميل المتفجرة، ولم تشفع لهؤلاء الأطفال براءتهم عند قوات النظام المجرمة، ولا عند قوات التحالف الغاشم، ولا عند طائرات العدوان الروسي، ولا حتى عند بعض الفصائل المسلحة كتنظيم الدولة، فكانوا هدفاً لآلاتهم الحربية، ووقعوا ضحايا للمجرمين الطامعين، المتصارعين على اقتسام بلاد المسلمين، ومنع عودتها وحدة واحدة، وقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 13694 طفلاً منذ بداية الثورة، هذا عدا عن آلاف الجرحى الذين أصيب بعضهم بالإعاقة أو التشوه أو الشلل نتيجة الأسلحة المستخدمة هناك. فقد رصدت اليونيسف في تقرير لها أكثر من 1500 حالة من الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في عام 2015 فقط، وأكثر من 60% من هذه الانتهاكات هي حالات القتل والتشويه نتيجة استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.


وتشير التقارير إلى أن الأطفال في سوريا يتعرضون لتعذيب ممنهج، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعرض ما لا يقل عن 7457 طفلا للتعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للقوات الحكومية، وذلك منذ آذار/مارس 2011 وحتى آذار/مارس من العام الجاري. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن 108 قضوا تحت التعذيب في سجون النظام، ومن أبرز الطرق المستخدمة في تعذيب أطفال سوريا في سجون النظام بحسب ما صرح به مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان "الضرب المبرح وقلع الأظفار وحلاقة الشعر والجلد بأنابيب بلاستيكية والأسلاك الكهربائية، ويضاف إلى ذلك الحرمان من الأهل والطبابة والغذاء الكافي".


هذا وقد تسببت الحرب في سوريا في تيتيم عدد كبير من الأطفال، كما أثرت على حياة الأطفال الذي تعرضوا لليتم قبل بدء الثورة، ويُقدر العدد الإجمالي للأيتام في سوريا بنحو 800 ألف طفل موزعين على مختلف المحافظات السورية ودول اللجوء المجاورة وأهمها تركيا ولبنان والأردن، وفي مفارقة عجيبة تنم عن وقاحة وجرأة النظام السوري، أن زوجة الأسد احتفلت مع أيتام سوريا في أسبوع اليتيم العالمي، ونُشِرت صورها وهي تحتضن الأطفال الذين قتل زوجها المجرم أهلهم ويتمهم! وبكل وقاحة أيضاً تعلق ما تعرف بصفحة "رئاسة الجمهورية" على احتفال أسماء الأسد مع الأيتام وإقامة الأعمال الترفيهية لهم بالقول: إن هذا الاحتفال يبين أن الحرب لم تؤثر على الاهتمام بالأيتام ورعايتهم!


وغني عن الشرح والتفصيل ما يعانيه أهل سوريا ولا سيما الأطفال من مجاعات وسوء تغذية وأمراض خاصة في المناطق التي تحاصرها قوات النظام وحزب إيران، فقد كشف تقرير منظمة "أنقذوا الأطفال" الدولية غير الحكومية المختصة بالدفاع عن حقوق الطفل، عن روايات مروعة لحياة الناس داخل ما اعتبرها "سجونا مفتوحة" في المناطق المحاصرة في سوريا، وما تسببه الحرب هناك من إجبار الأطفال الجوعى على أكل طعام الحيوانات، كما كشف التقرير بأن نحو 485.7 ألف طفل عرضة لخطر الموت جوعا في 18 منطقة محاصرة في جميع أنحاء سوريا، وأضاف أن بعض وكالات المساعدات ترجح إمكانية وصول العدد إلى 1.9 مليون. ولعل الصور التي وصلتنا من مضايا تغني عن ألف كلمة في هذا المجال.


أما على صعيد التعليم فقد أدت الحرب في سوريا إلى حرمان ملايين الأطفال من الذهاب إلى مدارسهم ومتابعة تعليمهم في سياسة تهدف إلى تجهيل هذا الجيل، حيث أشارت البي بي سي في تقرير نشرته بمناسبة دخول الثورة السورية عامها السادس تحت عنوان "الحياة والموت في سوريا بعد خمس سنوات من الحرب، ماذا تبقى في البلاد؟" إلى تضاؤل عدد الأطفال في سن الدراسة، ونقص عدد من هم في سن الدراسة بنحو مليون منذ عام 2010. وأن 40 % من الأطفال الذين ما زالوا في سوريا لا يذهبون إلى المدرسة. وبحسب التقرير فقد دمرت واحدة من بين كل أربع مدارس أو تضررت أو أصبحت تستخدم كملجأ للفارين أو تم تحويلها إلى مبنى عسكري.


لقد حمّلت الحرب في سوريا الأطفال أعباء فوق طاقتهم، وجعلت عدداً كبيراً منهم يحملون في أيديهم أدوات العمل ليعيلوا أسرهم بدل أن يلهوا ويلعبوا مثل مَنْ هم في سنهم، وقد أظهر تقرير صادر عن منظمتي "اليونيسيف" و"أنقذوا الطفولة" نُشر في (الثاني من تموز/يوليو 2015) أن عمالة أطفال سوريا داخل سوريا وفي دول الجوار ترتفع بشكل مطرد، ويقول التقرير الذي صدر تحت عنوان "أياد صغيرة، أعباء ثقيلة - كيف الصراع السوري يدفع بمزيد من الأطفال إلى العمالة"، وأن الأطفال داخل سوريا يساهمون في دخل الأسرة في أكثر من ثلاثة أرباع الأسر التي شملتها الدراسة. ووفقاً للتقرير فإن الأطفال يتم تجنيدهم كجنود، ويتعرضون للاستغلال الجنسي، كما أنهم يعملون في أعمال شاقة وخطرة كالعمل في مقالع تكسير الحجارة ومواقع البناء، ووفقاً للتقرير فإن هؤلاء الأطفال يضطرون للعمل ساعات طويلة بأجور زهيدة.


ويعد اللجوء والتهجير أحد أبرز المشاكل التي يعاني منها أطفال سوريا نتيجة الحرب، حيث تشير التقارير إلى تضاعف أعداد اللاجئين في الدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والأردن وتركيا وغيرها 10 أضعاف بالمقارنة بما كانت عليه عام 2012، ونصف هؤلاء اللاجئين هم من الأطفال، وتحمل رحلة لجوء هؤلاء الأطفال مع ذويهم مخاطر جمة،كوقوعهم فريسة لتجار البشر وعصابات سرقة الأعضاء، أو غرق القوارب المتهالكة التي تحملهم في البحر، وقد رأينا صوراً مؤلمة لأطفال غرقوا في البحر أثناء رحلتهم مع ذويهم للبحث عن ملاذ آمن كصورة الطفل إيلان كردي التي هزت العالم. أما من ينجح من هؤلاء الأطفال في الوصول إلى وجهته فإنه يعيش في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة، فالخيام فيها لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف، وقد توفي عدد من الأطفال في هذه المخيمات من شدة البرد، كما تنتشر فيها الأمراض والأوبئة، ويعاني سكانها من نقص في الغذاء والدواء، هذا بالإضافة إلى أنه انتشرت في مخيمات لاجئي سوريا في تركيا والأردن ولبنان وغيرها من البلاد حملات ونشاطات تبشيرية في صفوف اللاجئين ولا سيما الأطفال والشباب لتنصيرهم وتشكيكهم في العقيدة الإسلامية، وتنفذ هذه الحملات والنشاطات جمعيات وجهات تدخل المخيمات تحت ستار تقديم المساعدات والمعونات الإغاثية.


ومن أكبر المشاكل التي تزيد معاناة الأطفال اللاجئين السياسات التي تحول دون لم شمل الأطفال وذويهم، حيث رفضت بعض الدول الأوروبية استقبال أسر وأطفال بعض المهاجرين الذين نجحوا في الوصول إليها، فيما أعلنت دول أخرى كبريطانيا أنها ستستقبل اللاجئين الأطفال دون ذويهم، وتشير التقارير والإحصائيات إلى أنه يوجد نحو 15 ألف طفل غير مصحوبين ومنفصلين عن ذويهم عبروا الحدود السورية، وبحسب جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي (اليوروبول) فإن ما يقارب 10 آلاف طفل لاجئ لا يرافقهم ذووهم، اختفوا بعد وصولهم إلى أوروبا مبدياً تخوفه من وقوع هؤلاء الأطفال في براثن عصابات تجار البشر، ونتيجة لهذه السياسات يقع الأطفال وذووهم بين خيارين أحلاهما مر، فإما أن يقبل الطفل بأن يعيش بدون أهله، أو يقبل الأهل أن يعيشوا بدون أطفالهم، وكل في بر تائه.


والسؤال الذي يتبادر للذهن هنا لماذا تريد هذه الدول استقبال الأطفال دون ذويهم؟! أتريد أن تجعل منهم شخصيات غربية غريبة عن دينها بتكوين عقلياتهم ونفسياتهم وفق وجهة نظرها في الحياة، فتخرج لنا جيلاً ضائع الهوية والفكر، بعيداً عن دينه وأمته؟!


لقد كانت هذه لمحة سريعة عن حال أطفال سوريا في ظل الحرب الدائرة هناك، حرب نال الأطفال الحصة الكبرى منها، عبر تأثيرها على تفاصيل حياتهم اليومية، وتولدت عنها مشاكل اجتماعية ونفسية، ربما لن تفارقهم، حتى بعد نهاية الحرب، فقد تشكلت لديهم ذاكرة لن تمحى بسهولة حول الدمار والدم والقتل والتهجير وفقدانهم ذويهم وأعزاء على قلوبهم.


إن إنقاذ أطفال سوريا من الضياع لا يكون عبر مبادرات وحملات من منظمات تسير في ركب المجرمين وتتآمر على أهل الشام مع المتآمرين كالأمم المتحدة، بل إن إنقاذ هذا الجيل من الضياع لا يكون إلا بالتخلص ممن كان سبباً في هذا الضياع والشقاء لأهل سوريا عموماً وللأطفال خصوصاً، وذلك بإسقاط النظام المجرم وأعوانه، وبقطع أيدي الدول المستعمرة المتحالفة على حرب أهل الشام، وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وحينها فقط ينقذ هؤلاء الأطفال من الضياع، وتعود البسمة لترسم على وجوههم، ويحيا أهل سوريا وجميع المسلمين حياة كريمة، فنسأله تعالى أن يفرج كرب إخواننا في الشام، وأن يعجل لنا بفرجه ونصره.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
براءة مناصرة

 

3 تعليقات

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 23 نيسان/ابريل 2016م 00:39 تعليق

    جزاك الله خيرا أختي الفاضلة

  • khadija
    khadija الجمعة، 22 نيسان/ابريل 2016م 21:09 تعليق

    اللهم سدد خطى حزب التحرير واجعل اللهم أفئدة الناس تهوي إليه ولين اللهم قلوب من بيدهم القوة لنصرة دعوته.

  • ام عبدالله
    ام عبدالله الجمعة، 22 نيسان/ابريل 2016م 20:36 تعليق

    بارك الله جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع