الجمعة، 09 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/17م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الشباب والنهضة

 

قال الله تبارك وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً * مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [الفتح: 28-29]

 

نعم لقد ظهر الإسلام في المعمورة كلها وما زال هو الدين الحق الذي يزداد أهله ويتسع نفوذه رغم انحساره السياسي وهدم دولته وتناوش الأكلة على قصعته، ورغم شدة العداوة له ولأهله من الكفار ومن بعض أبناء المسلمين العاملين مع الكفار، هؤلاء هم أحباء الكفار وأولياؤه لا يدركون حقيقة الإسلام، مع أن النخبة الحاكمة لدى الكفار يدركون ذلك، ويعلمون أن الإسلام مانعهم لا محاله من استغلال البشرية وقاطع أيديهم عن التسلط على الشعوب الضعيفة. وللمفارقة فإن من يتصف بالنزاهة من الغربيين ويطلع على الإسلام لا يسعه إلا أن يسلم.

 

﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً﴾ من أهم صفات المؤمنين، الشدة على الكفار حتى لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم الأقربين، الرحمة بإخوتهم في العقيدة والدين، والإسلام هو الرابط بين المسلمين وليس العشيرة أو القبيلة أو الدم، وكلها محكومة بالشريعة الإسلامية، وهاتان الصفتان ملازمتان للمسلم، أشداء على الكفار، رحماء بينهم، طيبون لينون مع إخوة العقيدة والإيمان، لا تراهم إلا ركعا سجدا، طاعتهم لله ولرسوله e، طاعة مخلصة لا لبس فيها، تطبق شرع الله وتنفذه على نفسها وعلى غيرها، ولا يشغلهم عن تنفيذ أمر الله شاغل، ولا يتطلعون إلا لنيل رضوان الله تبارك وتعالى.

 

﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ التواضع والقوة والعزيمة، والشدة وصدق الطاعة والعبادة، التي تظهر في حسن التعامل مع الناس، والحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية وتنفيذ أمر الله ورسوله e، أصبحت صفاتهم وسمتهم التي يعرفون بها.

 

ووصف شباب الأمة جاء في قوله تبارك وتعالى ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَاْ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً * هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً﴾ [الكهف: 13-15]

 

إنهم فتية (شباب) آمنوا بربهم وزدناهم هدى بإلهامهم تدبير أمورهم، وربطنا على قلوبهم فهي ثابتة قوية على الحق مطمئنة لا تتزعزع، نور الله قلوبهم بالإيمان والتقوى، إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض رب العرش العظيم، تبارك الله أحسن الخالقين، ربكم ورب آبائكم الأولين، كيف ندعو إلها غير الله، وهو ربنا لا إله إلا هو، الواحد الأحد الفرد الصمد، لا صاحبة له ولا ولد، لا شريك له، له الملك وله الحمد، لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا، تجاوزنا الحق والصدق ولم نعد في عداد المؤمنين، مثل هؤلاء الشباب - الفتية - من حمل الإسلام إلى أقاصي الدنيا، يعلمون أن لا إله إلا الله، ليست كلمة تقال باللسان ولا تتعدى الشفاه، وليست عقيدة تنزوي في الوجدان ليس لها أثر في حياة الناس... إنما هي منهج كامل للحياة، في جميع جوانبها واتجاهاتها ونشاطاتها، ترسي العدل والإنصاف بين الناس على مختلف أديانهم وأعراقهم، فيعملون بكل جد واجتهاد لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله تبارك وتعالى على سيدنا محمد e، وأن أمامهم جهد عظيم في العمل لإقامتها، وأعوان الكفار من حكام بلاد المسلمين مسلطون عليهم والكفار يتربصون بهم.

 

جاء الإسلام وغير عقائد الناس وأفكارهم عن الحياة بالعقيدة الإسلامية ونظم شؤون حياتهم بالشريعة الإسلامية وابتعثهم ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وانتشر الإسلام في الجزيرة العربية، وأصبحت الجزيرة العربية ديارا إسلامية تهيمن عليها العقيدة الإسلامية فلا تجد فكرا ولا حكما أو قانونا أو نظاما ولا تصورا إلا وقد انبثق عن العقيدة الإسلامية - فحكم الإسلام ونظم حياة الناس لأكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان -، ثم توجهت الجيوش الإسلامية والدعاة إلى بلاد الشام والعراق ومصر تنشر الهدى والإيمان ووصلت إلى تخوم الصين وبلاد الهند والسند وجنوب باريس - في أول مئة عام من حياة الإسلام - وقلب أوروبا وإلى جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا وإلى جنوب شرق آسيا...

 

جاء المسلمون بأفكار جديدة عن الحياة - عن الكون والإنسان والحياة - متمثلة بالعقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أفكار وأحكام، تنظم حياة الإنسان وتحل مشاكله وتعين هدفه بالحياة وتحدد وجهة نظره فيها، وتجعل له طريقة مميزة للحياة يُعرف بها ويلتزمها ولا يحيد عنها، فكانت العقيدة الإسلامية ونصاعة فهمها وحسن تطبيقها، هي القوة الدافعة خلف الجيوش الإسلامية التي أزالت العقبات المادية (الإمبرطوريات والكيانات السياسية) من أمام نشر الإسلام وتطبيقه ولم تكن القوة المادية التي تنعم بها الإمبراطورية الفارسية والرومانية، قادرة على صد العقيدة الإسلامية ولا الجيوش الإسلامية، حيث إن القوة الحقيقية والمحركة للمجتمع، والمنتجة للقوى المادية في أي مجتمع هي العقيدة التي تنبثق عنها الأفكار الأساسية - المبدأ - عن الحياة التي تنظم وتنشئ العلاقات الدائمة التي ارتضاها أفراد المجتمع ورأوا فيها صلاحهم وتحقيق مصالحهم، هذه الأفكار الأساسية - المبدأ - هي التي تطبع المجتمع وتميزه عن غيره وهي المحرك الطبيعي له، وبقدر وضوح تلك الأفكار، وتحقيقها للعدل والإنصاف وملاءمتها لفطرة الإنسان، وحسن فهمها وتطبيقها من القائمين عليها تكمن قوتها واستمرار حضورها وبروزها بين المجتمعات.

 

فكانت العلاقات الدائمية في مجتمعات تلك الإمبراطوريات، قائمة لتعزيز حقوق النخبة وتمايزها عن غيرها، وهضم حقوق باقي شعوب الإمبراطورية، فلا تجد عند تلك الشعوب الجامع والدافع على التفاني المطلوب لحماية الكيان السياسي، ولا تجد إلا التراخي عن حمايته وتركه في أول فرصة، تضعف قبضة المركز وسطوته على الناس.

 

بينما تجد من يحمل الإسلام لديه كل سبب ليتفانى في نشر دعوته، وتمكينها وتبليغها وجلب المؤيدين لها، فهو يحمل رسالة موجهة للناس كافة يبلغها هو ومن بلغته للعالم، مكلفا من رب العالمين عن طريق رسول الله e، هذه الرسالة دعوة لعبادة الله وحده تبارك وتعالى، وتحقق العدل والإنصاف بين الناس، وتنظر للإنسان بصفته الإنسانية وتكرمه أولا لأنه إنسان وثانيا لأنه مسلم، هذا دين رب العالمين الذي هو هدى ورحمة للناس أجمعين، لا يميز مخلوقاً عن آخر ولا حظوة لأحد أمام الشرع عن غيره، والكرامة عند الله للتقوى، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾  [الحجرات: 13]. والناس في الحياة الدنيا جميعا مسلمهم وكافرهم أمام الشرع سواء ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. [فاطر: 18]

 

فالنهضة والتقدم والرقي ما يبحث عنه المسلمون منذ أكثر من مئة عام، وتاهت بهم السبل، لا يكون إلا بتطبيق شرع الله باستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الدولة الإسلامية الراشدة على منهاج رسول الله e، ولا تستقيم حياة المسلمين، ولا يهدأ لهم بال وتطمئن لهم نفس، ويرتاح لهم قلب وفؤاد، إلا بتطبيق شرع الله، طاعة لله ولرسوله e، وتنفيذا لأمر الله ونيل رضوانه. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وتب علينا واغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات... والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إبراهيم سلامة

 

2 تعليقات

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الخميس، 04 نيسان/ابريل 2019م 13:12 تعليق

    جزاكم الله خير الجزاء وجعلكم من العاملين المخلصين لقيام دولة الخلافة

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الخميس، 04 نيسان/ابريل 2019م 11:52 تعليق

    جزاكم الله خير الجزاء وجعلكم من العاملين المخلصين لقيام دولة الخلافة

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع