الأربعاء، 29 شوال 1445هـ| 2024/05/08م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

لا يتعارض مع واقع العبادة وكيفية تحقيقها

 

هناك من المسلمين من يقول أو يظن بأن العبادة الكهنوتية وخاصة في شهر رمضان المبارك هي المطلوبة، أي الاقتصار في التعبد على الصلاة والصوم وقراءة القرآن وقيام الليل، وليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو العمل لإيجاد الحكم بما أنزل الله هو المطلوب.

 

يخطئ من يظن أن هذه الأعمال أو أن هذه الفرائض لا علاقة لها بالعبادة، فكأنه بذلك يفصل بين عبادة الخالق والتزام أحكامه في أمور الحياة، فهل من أمرنا بالصيام والقيام هو غيره الذي أمرنا بالدعوة والنهي عن المنكرات؟ وهل من أمرنا بالصلاة وقراءة القرآن هو غيره الذي أمرنا بالحكم بما أنزل؟

 

وللرد على هذه الظنون لا بد من تحديد واقع العبادة وكيف تتحقق.

 

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ليعبده، فالعبادة هي الغاية التي خلق الله الإنسان من أجلها لقوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، فالعبادة هي لله وحده ولا تكون إلا بما شرع الله مما جاء به رسول الله ﷺ وحده، وهذا أصل يجب تحقيقه في كل عمل أو قول في حياة كل مسلم، فالعبادة هي أن يجعل الإنسان كل أعماله مسيرة بأوامر الله، وأن يكون هذا التسيير قائما على الإيمان بالله وحده، وهذا يؤدي إلى شمولية العبادة لكل أعمال الإنسان.

 

لذلك كان أيضا من عبادة الله وطاعته والسبيل لنيل مرضاته: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الدعوة بين الناس وإقامة دين الله في الأرض، لكون هذه الفرائض أمرا من الله ورسوله لا تتعارض مع واقع العبادة وكيفية تحقيقها.

 

ونحن في شهر رمضان المبارك، شهر موسمه كبير للطاعات وفرصة عظيمة للفوز بالجنات، شهر كريم حُثّ على الإكثار من الخيرات فيه تقربا إلى الله سبحانه حبا له ورغبة في رضوانه وطمعا في دخول جنته التي أعدها لعباده الصالحين المخلصين في أعمالهم لقوله ﷺ: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْه».

 

فها أنتم قد لبيتم نداء ربكم فأسرعتم لصيام شهر رمضان إيمانا منكم واحتسابا، فلبوا كامل مقتضى إيمانكم الذي يوجب القيام بكامل العبادات كما يحب الله ويرضى وسارعوا بالقيام بفرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حكم الله في الأرض، لقوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ وقال عز وجل: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾ ولقول المصطفى ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ». فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى إقامة الدين هي دعوة إلى عبادة الله التي لن تتحقق بدورها على أكمل صورة إلا إذا استأنفت الحياة الإسلامية، لذلك يجب أن تنصرف إليها الهمم وتبذل لها الجهود، فالمسلم الذي لا يقوم بذلك يكون مفرطا بعبادة الله سبحانه.

 

فهلم إلى جانب صلاتكم وصيامكم للأمر بأعظم المعاريف وهو إقامة الدين لاستئناف الحياة الإسلامية.

 

وهلم لإنكار أعظم المنكرات وهو الحكم بغير ما أنزل الله، مع إنكار كل أعمال هؤلاء الحكام الفاسقين والظالمين والكافرين الذين يرسخون حكم الطاغوت وهم الذين ألقوا القرآن والسنة وراء ظهورهم وقسموا البلاد ونهبوا الثروات وأشقوا العباد وأسلموهم لأعدائهم أعداء الدين.

 

إن قعودكم عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسكوتكم عن وزر هؤلاء الحكام، سيجعل حالكم يزداد سوءا في الدنيا، ثم تستحقون بقعودكم وسكوتكم عن المنكر عذاب الله وغضبه في الآخرة، قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ فَلَا يُنْكِرُوهُ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ».

 

فتداركوا أمركم يرحمكم الله، وهلم معنا لمرضاة ربكم، فالله نسأل أن يهدينا ويصلح حالنا وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إن ذلك ليس على الله بعزيز.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رنا مصطفى

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع