الخميس، 01 ذو القعدة 1445هـ| 2024/05/09م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

القرن الضّائع!

 

(مترجم)

 

 

منذ الثالث من آذار/مارس 1924م، مائة عام كاملة مرّت بدون الخلافة؛ الخلافة التي بدأت بعد وفاة رسول الله ﷺ وحكمت الأمة الإسلامية لمدة 13 قرنا. ولكن عندما ضعف التزامنا بالإسلام وبدأنا نتراجع فكرياً، كان الانهيار حتميا.

 

إنّ عجزنا عن الردّ على الفكر والثورة الصناعية التي تحدث في الغرب بالتطور المبني على الفكر الإسلامي قد أدى إلى هزيمة كبيرة أمام الحضارة الغربية الكافرة الاستعمارية.

 

نحن كأمة إسلامية، لم نتمكّن من حماية الخلافة، وفقدنا القيادة، وكنا منقسمين، وكان علينا أن نعيش في ذل تحت الضغوط الكبيرة من الأنظمة غير الإسلامية التي أقامها الكفار الاستعماريون على الأراضي الإسلامية.

 

قام الغرب الكافر المستعمر بقيادة البريطانيين بتمزيق الخلافة العثمانية، التي اعتبروها عقبة أمام قيادتهم العالمية، ومع الحرب العالمية الأولى، كان رائداً في إنشاء العديد من الدول الجديدة التي تعمل بعقلية الدولة القومية من أجل إنهاء الحرب، وتلويث فهم الأمّة الإسلامية في الدولة العثمانية، ومن خلال تعيين حكّام مضبوعين بالغرب الكافر المستعمر كرؤساء لهذه الدول، كان المراد إبقاء الشعوب الإسلامية تحت سيطرة الغرب الكافر المستعمر من قبل هؤلاء الحكام.

 

في 3 آذار/مارس 1924م، تم إلغاء الخلافة التي وفرت الوحدة السياسية للأمة الإسلامية وقادت الأمة، على يد الجمهورية التركية التي تأسست في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1923م كواحدة من هذه الدول، وتم تدمير استقلال المسلمين ووحدتهم.

 

تجاهلت هذه الدول الناشئة شعوبها، وتجاهلت آراءهم ورغباتهم، وفرضت بالقوة الدستور والقوانين التي تلقتها من الغرب الكافر المستعمر على شعوبها، وجعلت ثقافة الغرب الفاسدة أساس الحياة. وقد مارست هذه الأنظمة ضغوطاً كبيرة من أجل الابتعاد عن الإسلام وتغريب شعوبها. لقد تسبّب الغرب الكافر المستعمر في دمار كبير في هذه الأراضي على يد هذه الأنظمة التي تخدم مصالحها الذاتية. وأصبح مصير هذه البلاد الدّم والدّموع والجوع والبؤس والتخلف والإرهاب والفوضى والخراب والحروب الأهلية والأزمات السياسية والاقتصادية.

 

لقد استحوذت الحضارة الغربية الاستعمارية الكافرة على عقولنا من خلال إظهار نفسها لنا على أنها مستوى الحضارة الحديثة. لقد شوّهت ماضينا الحافل بالانتصارات عليهم، وتاريخنا المجيد، لقد جعلتنا نخجل من أسلافنا، لقد أضعفتنا بانتزاعنا من جذورنا، وهو مصدر قوتنا، لقد قيّدت أيدينا ووضعت الأغلال في أقدامنا.

 

وقد أحدث هذا الوضع انفصالاً كبيراً وهوّة عميقة بين الحكام والشعوب، وأدى إلى صراع أهل البلاد. إن استهلاك القوة والفرص التي ينبغي إنفاقها على التنمية في دولة صراع شعبي أدى إلى تخلف الشعوب المسلمة، وتعرضها لانهيار كبير، وابتعادها عن الأهداف والغايات السامية التي أظهرها الله لهم بالسعي إلى حياتهم الصغيرة، وتم محوها من الساحة العالمية.

 

لقد تركت الدول التي أهلها مسلمون إلى حالة من التقصير شهدت فيها صراعات النفوذ بين الدول الاستعمارية من أجل استغلال ثرواتها ومواردها من قبل تلك الدول لتصبح سوقاً للبضائع التي ينتجها الغرب الكافر المستعمر. وهكذا، فإن العالم الحديث، حيث لا توجد خلافة ويتمّ تجاهل المسلمين، قد أعيد تشكيله على يد الدول الاستعمارية الكافرة والرأسمالية.

 

لقد خدع الغرب الكافر المستعمر البشرية وحقّق ريادة العالم من خلال تقديم الرأسمالية كمنقذ للإنسانية جمعاء بشعارات لامعة مثل العلمانية والديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وحقّ الأمم في تقرير مصيرها. ومع ذلك، سرعان ما أصبح واضحاً أنّ المنقذ لم يكن منقذاً، بل مدمراً. أنشأ الغرب المستعمر نظاماً عالمياً جديداً بالرأسمالية التي تخدم حفنة من الأقليات. وتركت البشرية وحيدة أمام الاستعمار والانقلابات الدموية والحروب الأهلية والمذابح والاحتلال والجوع والبؤس والظلم في توزيع الدّخل والأزمات الاقتصادية والسياسية والفردية والإلحاد والربوبية ودوامة العنف والانحرافات الجنسية، ما سبب كساداً وتراجعاً شديدين.

 

وإلى جانب أهمية الخلافة، فقدنا استقلالنا وحُكمنا بالإسلام، وأحكام الله سبحانه وتعالى في المقام الأول.

 

لقد فقدنا القيادة العالمية التي كانت لدينا لمدة 13 قرنا.

لقد فقدنا قدرتنا على أن نكون خير أمة أُخرجت للناس.

لقد فقدنا كأمة وحدتنا وأخوّتنا.

لقد فقدنا كرامتنا واستقلالنا.

لقد فقدنا ثرواتنا ومواردنا والعيش في الرّخاء.

لقد فقدنا أيضاً إرادتنا السياسية من خلال الاعتماد على الأنظمة الغربية والدول الغربية.

 

لقد أظهرت الأحداث الأخيرة في غزة مرةً أخرى حجم ما فقدناه من دون الخلافة. كأمة إسلامية، وعلى الرّغم من تعدادنا البالغ 2 مليار مسلم وأننا لدينا جيوش ضخمة، كان علينا أن نواجه الحقيقة المؤلمة المتمثلة في أنه لا يمكن اتخاذ خطوات ملموسة سوى إدانة كيان يهود الغاصب في مواجهة المجازر والفظائع والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وترك الحلّ للغرب المستعمر الكافر الذي أنتج المشكلة. منذ هدم الخلافة في 3 آذار/مارس 1924م وحتى الوقت الحاضر، كان القرن الماضي قرناً ضائعاً ليس بالنسبة للمسلمين فحسب، بل للبشرية أيضاً. إنّ هذا القرن هو أحلك العصور التي عاشها المسلمون والبشرية على حدّ سواء. ولم يشهد المسلمون والإنسانية مثل هذه الحقبة المظلمة في أي فترة من التاريخ.

 

فكيف ننهي هذا العصر المظلم؟ بما أنّ هذا العصر المظلم وخسائرنا حدثت في غياب الإسلام والخلافة، فمن خلال بدء الحياة الإسلامية من جديد وإقامة الخلافة، يمكننا إنهاء هذا العصر المظلم واستعادة ما فقدناه وأكثر.

 

لقد أتمّ رسول الله ﷺ خاتمة حديث طويل بشّر فيه العصور من بعده ببشارة: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». وبعون الله وفضله، نحمل الأمل في أن يكون هذا القرن هو قرن الإسلام والخلافة. إذا تمكنا من استعادة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية وتوحيد الأمة الإسلامية تحت راية الخلافة، فيمكننا بعون الله وبقوة الخلافة والأمة أن نضع حداً للنظام العالمي، الغرب الكافر المستعمر. ثمّ يمكننا إنقاذ فلسطين ومدّ يد المساعدة لإخواننا وأخواتنا المسلمين الذين يعيشون تحت الاضطهاد في تركستان الشرقية وكشمير وميانمار والهند والقوقاز وأجزاء أخرى من العالم. وعندها يمكننا أن نرفع رؤوسنا المنحنية عن الأرض في هذا القرن الضائع ونبدأ في قيادة العالم مرةً أخرى بوصفنا خير أمة.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رمزي عُزير

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع