الخميس، 23 شوال 1445هـ| 2024/05/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 147) ميزانية الدولة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
(ح 147)
ميزانية الدولة

 


الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السابعة والأربعين بعد المائة, وعنوانها: "ميزانية الدولة". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السابعة والثلاثين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.


يقول رحمه الله: "الدول الديمقراطية تضع ميزانية عامة للدولة كل سنة. وواقع الميزانية للدولة الديمقراطية هو أن الميزانية تصدر في قانون، اسمه قانون الميزانية لسنة كذا. يصدقه البرلمان، ويسنه قانونا بعد مناقشته، ومناقشة فصول الميزانية فصلا فصلا، والمبالغ التي يتضمنها كل فصل. ويعتبر كل فصل كلا لا يتجزأ، يجري التصويت عليه ككل، لا على كل جزء منه، فيقبله أو يرفضه جملة. وإن كان عند المناقشة، له أن يناقش كل جزء من أجزائه، وكل مبلغ من المبالغ التي يشتمل عليها. وقانون الميزانية يكون مؤلفا من بضع مواد. منها مادة توضع لتبين المبلغ الذي يرصد لنفقات الدولة خلال السنة المالية، التي وضعت لها الميزانية. وتوضع مادة لتبين المبلغ الذي تخمن إيرادات الدولة به خلال السنة المالية، التي وضعت لها الميزانية. وتوضع مواد لرصد مصروفات لبعض المؤسسات، كما توضع مواد لتخمين واردات بعض المؤسسات. وتوضع مواد لإعطاء وزير المالية بعض الصلاحيات. وتوضع في كل مادة إشارة إلى جدول يتضمن أبواب الميزانية، لما تتضمنه المادة سواء أكانت للواردات أم للمصروفات، ثم توضع في كل جدول مفرداته، أي الفصول التي يتضمنها الباب، ثم يوضع في كل فصل المبالغ الإجمالية لمفردات الفصل جميعها. وعلى هذا الأساس، توضع الميزانية كل سنة مع بعض اختلافات فرعية في بعض السنين، حسب الوقائع المختلفة، أو مع بعض اختلافات فرعية بين الدول، حسب الوقائع المختلفة. أما الدولة الإسلامية فلا توضع لها ميزانية سنوية، حتى يحتاج الأمر سنويا إلى سن قانون بها. ولا تعرض على مجلس الأمة، ولا يؤخذ فيها رأي منه. وذلك لأن الميزانية في النظام الديمقراطي قانون في أبوابها وفصولها، والمبالغ التي تتضمنها، وهو قانون لسنة واحدة. والقانون عندهم إنما يسنه البرلمان. ولذلك يحتاج الأمر إلى عرضها على مجلس البرلمان. وهذا كله لا تحتاج إليه الدولة الإسلامية؛ لأن واردات بيت المال تحصل بحسب الأحكام الشرعية المنصوص عليها، وتصرف بحسب أحكام شرعية منصوص عليها. وهي كلها أحكام شرعية دائمية. فلا مجال للرأي في أبواب الواردات، ولا في أبواب النفقات مطلقا، وإنما هي أبواب دائمية قررتها أحكام شرعية دائمية. هذا من ناحية أبواب الميزانية. أما من ناحية فصول الميزانية، والمبالغ التي يتضمنها كل فصل، والأمور التي تخصص لها هذه المبالغ في كل فصل. فإن ذلك كله موكول لرأي الخليفة واجتهاده؛ لأنه من رعاية الشؤون التي تركها الشرع للخليفة يقرر فيها كل ما يراه، وأمره واجب التنفيذ. وعلى هذا لا يوجد أي مجال في الإسلام لوضع ميزانية سنوية للدولة، كما هي الحال في النظام الديمقراطي، لا بالنسبة لأبوابها، ولا لفصولها، ولا لمفردات الفصول، أو المبالغ التي تحتاجها تلك المفردات أو الفصول. ومن هنا لا توضع ميزانية سنوية للدولة الإسلامية، وإن كانت لها ميزانية دائمية قد حدد الشرع أبوابها بالنسبة للواردات والنفقات، وجعل للخليفة أمر تقرير الفصول ومفرداتها، والمبالغ اللازمة لها، حينما تدعو المصلحة، دون نظر إلى مدة معينة".


وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:


واقع الميزانية للدول الديمقراطية:


توضع الميزانية كل سنة مع بعض اختلافات فرعية في بعض السنين، حسب الوقائع المختلفة، أو مع بعض اختلافات فرعية بين الدول، حسب الوقائع المختلفة على الأسس الآتية.


1. الدول الديمقراطية تضع ميزانية عامة للدولة كل سنة.
2. واقع الميزانية للدولة الديمقراطية هو أن الميزانية تصدر في قانون، اسمه قانون الميزانية لسنة كذا.
3. يصدق البرلمان قانون الميزانية, ويسنه قانونا بعد مناقشته.
4. تتم مناقشة فصول الميزانية فصلا فصلا، والمبالغ التي يتضمنها كل فصل.
5. يعتبر كل فصل كلا لا يتجزأ، يجري التصويت عليه ككل، لا على كل جزء منه، فيقبله أو يرفضه جملة.
6. عند المناقشة، له أن يناقش كل جزء من أجزائه، وكل مبلغ من المبالغ التي يشتمل عليها.
7. قانون الميزانية يكون مؤلفا من بضع مواد على النحو الآتي:


1) توضع مادة لتبين المبلغ الذي يرصد لنفقات الدولة خلال السنة المالية التي وضعت لها الميزانية.
2) توضع مادة لتبين المبلغ الذي تخمن إيرادات الدولة به خلال السنة المالية التي وضعت لها الميزانية.
3) توضع مواد لرصد مصروفات لبعض المؤسسات.
4) توضع مواد لتخمين واردات بعض المؤسسات.
5) توضع مواد لإعطاء وزير المالية بعض الصلاحيات.
6) توضع في كل مادة إشارة إلى جدول يتضمن أبواب الميزانية، لما تتضمنه المادة سواء أكانت للواردات أم للمصروفات.
7) توضع في كل جدول مفرداته، أي الفصول التي يتضمنها الباب.
8) يوضع في كل فصل المبالغ الإجمالية لمفردات الفصل جميعها.


ميزانية الدولة الإسلامية:


أولا: من ناحية أبواب الميزانية:


1. الدولة الإسلامية لا توضع لها ميزانية سنوية، حتى يحتاج الأمر سنويا إلى سن قانون بها.
2. للدولة الإسلامية ميزانية دائمية قد حدد الشرع أبوابها بالنسبة للواردات والنفقات، وجعل للخليفة أمر تقرير الفصول ومفرداتها، والمبالغ اللازمة لها، حينما تدعو المصلحة، دون نظر إلى مدة معينة.
3. لا تعرض ميزانية الدولة الإسلامية على مجلس الأمة، ولا يؤخذ فيها رأي منه.
4. واردات بيت المال تحصل بحسب الأحكام الشرعية المنصوص عليها، وتصرف بحسب أحكام شرعية منصوص عليها.
5. الواردات والنفقات كلها أحكام شرعية دائمية فلا مجال للرأي في أبواب الواردات، ولا في أبواب النفقات مطلقا, وإنما هي أبواب دائمية قررتها أحكام شرعية دائمية.


ثانيا: من ناحية فصول الميزانية:


1. ترك الشرع للخليفة النظر في الأمور الثلاثة الآتية:


1) فصول الميزانية.
2) المبالغ التي يتضمنها كل فصل.
3) الأمور التي تخصص لها هذه المبالغ في كل فصل.


2. النظر في الأمور الثلاثة موكول لرأي الخليفة واجتهاده؛ لأنه من رعاية الشؤون التي تركها الشرع للخليفة يقرر فيها كل ما يراه، وأمره واجب التنفيذ.
3. لا يوجد أي مجال في الإسلام لوضع ميزانية سنوية للدولة كما هي الحال في النظام الديمقراطي.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الجمعة، 21 آب/أغسطس 2020م 17:58 تعليق

    بوركتم أستاذنا الفاضل وبوركت جهودكم ونفع بكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع