الجمعة، 17 شوال 1445هـ| 2024/04/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحملة العنيفة التي شنتها رئيسة مكتب معايير التعليم وخدمات الأطفال "الأوفستيد"

 

ضد الفتيات في المرحلة الابتدائية حول ارتداء الحجاب هي بمثابة حصان طروادة للقضاء على الإسلام لدى الشباب المسلم

 

(مترجم)

 

 

المتدينون المتطرفون يستخدمون المدارس من أجل تحريف هدف التعليم بشكل فعال... فهم تحت ذريعة الاعتقاد الديني يستخدمون المؤسسات التعليمية القانونية وغير القانونية لتضييق آفاق الشباب وللعزل والفصل، وفي أسوأ الحالات للوصول إلى العقول التي يمكن دمجها مع الأيديولوجية المتطرفة... إن حرية الاعتقاد في المجال الخاص هو أمر بالغ الأهمية، ولكن في مدارسنا يقع على عاتقنا معالجة أولئك الذين يفسدون القيم البريطانية الأساسية أو المساواة أمام القانون".

 

هذه هي كلمات أماندا سبيلمان رئيسة أوفستيد (هيئة الحكومة البريطانية التي تقوم بتفتيش وتنظيم المدارس في بريطانيا) والتي ألقتها ضمن خطاب في مؤتمر التعليم في كنيسة إنجلترا في 1 شباط/فبراير والذي حضره مختلف مدراء المدارس الدينية. قد يسأل البعض هل كانت تشير إلى "المتدينين المتطرفين" الذين يدرسون الأطفال أيديولوجية إرهابية في المدارس، أو الدعوة إلى الأفكار التي تزرع الكراهية والانقسام في المجتمعات، أو ربما نشر الأفكار التي تجعل من المسلمين رهباناً في المجتمعات؟

 

لا! ولكن كان الأمر يتعلق بالآباء المسلمين الذين أعربوا عن تأييدهم القوي لحق بناتهم في ارتداء الحجاب في مدرستهن الابتدائية.

وجاءت اتهامات سبيلمان في اليوم نفسه الذي أعربت فيه علناً ​​عن تأييدها لمدير مدرسة سانت ستيفن الابتدائية في نيوهام بشرق لندن الذي حاول منع الفتيات دون سن الثامنة من ارتداء الحجاب في هذه المدرسة الحكومية التي يغلب عليها الطابع الإسلامي. وبعد ذلك، ألغى حكام المدرسة قرار مدير المدرسة وذلك بسبب معارضة شديدة من الآباء ورؤساء المجتمع المحلي.

 

وفي كلمتها في المؤتمر دعت أيضا مدراء المدارس إلى استخدام "الليبرالية القسرية" عند وضع السياسات والدفاع عن القرارات التي يتخذونها بدلاً من الخوف من التسبب في ارتكاب جريمة، وأنه "يجب على المدارس - من خلال هدفها الصحيح المتمثل في تعزيز التسامح - ألا تتخلى عن الممارسة الأصولية الصعبة التي تظهر في مدارسها أو مجتمعاتها". كما ذكرت رئيسة المكتب أن "مدراء المدارس يجب أن يكون لهم الحق في وضع سياسات الزي المدرسي بالطريقة التي يرونها مناسبة، وذلك من أجل تعزيز التماسك" و"يجب ألا يسمحوا بالضغوطات التي يقوم بها بعض عناصر المجتمعات المدرسية من خلال إملاء سياسة المدرسة"، مشيرةً بشكل واضح إلى الآباء المسلمين الذين وقفوا ضد حظر الحجاب في مدرسة بناتهم.

 

وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أمرت سبيلمان مفتشيها بالمدارس في إنجلترا باستجواب الفتيات المسلمات في المدارس الابتدائية اللواتي يرتدين الحجاب لسبب تبنيهن لباسهن، بحجة أن هذه الخطوة كانت بسبب "أن وجود بيئة ترتدي فيها فتيات المدارس الابتدائية الحجاب ستفسر على أنها تحديد جنسية معينة للفتيات الصغيرات". وقد لقي إعلانها احتجاجا من أكثر من 1000 من الأكاديميين والمعلمين والعلماء الدينيين الذين اتهموا أوفستيد بـ"التمييز والاستجابة العنصرية في تأسيسها". وفي كانون الثاني/يناير، وفقاً لـ"الجارديان"، نوقشت خلال اجتماع بين أوفستيد وممثلين عن المدارس الدينية سياسة جديدة من شأنها أن تعاقب المدارس التي يتبين أن الآباء قد تأثروا فيها بالأنظمة الموحدة. وسيتم تخفيض مستوى المدرسة وتصنيف قيادتها ومديريها على أنها غير كافية.

 

وردا على حملة أوفستيد الصليبية ضد مختلف المعتقدات والممارسات الإسلامية، بما في ذلك الفتيات المسلمات في المقام الأول اللواتي يرتدين الحجاب، يجب أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:

 

1- في الوقت الذي تواجه فيه بريطانيا أزمة تثقيفية هائلة يهين فيها المدرسون المهنة، حيث يتدهور الانضباط في الفصول الدراسية، وحيث يترك نصف التلاميذ في إنجلترا المدرسة الابتدائية غير قادرين على القراءة والكتابة بشكل سليم؛ وفي الوقت الذي تؤثر فيه مستويات الوباء من البلطجة والمرض العقلي وانخفاض تقدير الذات والجريمة بالسكين وبيئة من فرط الجنسية - على حياة الملايين من الشباب في هذا البلد... هو قول مبالغ فيه أن رئيسة أوفستيد ينبغي أن ترى أنه من المناسب تركيز وقتها واهتمامها، ومفتشيها على نسبة صغيرة من الأطفال في المدارس الابتدائية الذين يرتدون الحجاب... خاصة بالنظر إلى أن المدرسة في نيوهام التي سعت لتنفيذ حظر الحجاب والتي دعمتها، تم تصنيفها على أنها متفوقة من أوفستيد وهي أفضل مدرسة في إنجلترا. ومن الواضح أن ارتداء الحجاب لم "يضيق عقول وآفاق هؤلاء التلاميذ الصغار أو يؤثر على قدرتهم على التعلم بأي شكل من الأشكال على الإطلاق". وبالتالي فإن تركيزها على جعل هذه المسألة البسيطة قضية مهمة في حين إن نظام التعليم في بريطانيا ينهار بأجزائه، هو انعكاس لحقيقة أن جدول أعمال الحكومة البريطانية الحثيث والمكثف لـ"نزع الإسلام" من الأطفال والشباب المسلمين باستخدام شتى أسلحة الدولة، هو بوضوح أولوية في نظرها. إن "نزع الإسلام" هو نفسه الذي يستهدف التطرف من خلال السياسات التي يجري تنفيذها في المدارس والتي تستند إلى الأماكن التي يتم فيها الإبلاغ عن الأطفال على أنهم (إرهابيون) محتملون بسبب معتقداتهم وآرائهم الإسلامية. إنها الأجندة نفسها التي ترتكز على استجابة "أوفستيد" للقبضة الحديدية على "مؤامرة حصان طروادة" المزيفة في مدارس بيرمنغهام ذات الأغلبية المسلمة، حيث وصفت المدارس التي كانت في الأصل مصنفة بأنها غير كفء لأنها لم تقدم تعليماً جنسياً كافياً مما أدى إلى تثبيط الفتيان والفتيات عن التواصل مع بعضهم بعضا. هذا هو نفس جدول أعمال استجواب المفتشين التابعين لأوفستيد للأطفال المسلمين حول آرائهم حول المثلية الجنسية. وهذا هو نفس جدول الأعمال الذي أدى بأوفستيد إلى مهاجمة مدرسة الهجرة للمسلمين في بيرمنغهام لفصل طلابها من الذكور والإناث، واتهمها بأنها تمييزية، والتي أسفرت عن حكم المحكمة بأن المدارس المختلطة في بريطانيا لم يعد بإمكانها فصل الأولاد والفتيات. هذا هو برنامج "الأخ الأكبر" المتطفل ضد المسلمين، وليس المعتقدات والممارسات الإسلامية، التي "تحرف بشكل فعال الغرض من التعليم" و"إغراء العقول المتشبعة بالأيديولوجية المتطرفة"!

 

2- أوفستيد التي ترأس قفل المدارس والمعلمون الذين يرفضون اتباع هذا النهج الاستبدادي كنتيجة عكسية، استخدموا "القوة الليبرالية" للتعامل مع الممارسات الدينية الحساسة لطلابهم، فضلاً عن اللغة المثيرة للإنذار والاستفزاز من قبل سبيلمان نحو المعتقدات والممارسات الإسلامية الأساسية بهدف ترهيب الآباء المسلمين وأطفالهم من إبراز هويتهم الإسلامية، فضلاً عن خلق الخوف في المجتمع بأكمله تجاه الإسلام لحشد الدعم لسياساتهم المناهضة للإسلام.

 

3- إن الحجة القائلة بأن الفتيات المسلمات تحت سن البلوغ غير ملزمات بارتداء الحجاب، التي تستخدم لتبرير حظر الحجاب في المدارس الابتدائية، هي حجة واهية ومضللة! ما يقولونه حقاً هو أن الفتيات المسلمات الشابات لا ينبغي أن يكون لهن الحق في التعرف على جذورهن الإسلامية في المدرسة؛ وأن الآباء المسلمين لا ينبغي أن يكون لهم الحق في إيجاد المعتقدات والممارسات الإسلامية في أطفالهم من سن مبكرة؛ وهذا بالإضافة لاعتبارهم في الأساس أن اللباس الإسلامي يحط من قدر النساء. إننا كما الآباء والمعلمين والجالية المسلمة ندرك أن بناتنا المسلمات يعشن في مجتمع حيث يواجهن ضغوطا كبيرة في المعايير الاجتماعية من أصدقائهن وغيرهم من حولهن، وحيث يقال لهن باستمرار إن اللباس الإسلامي هو متخلف وقبيح وقمعي، وما هو جميل بالنسبة لهم ما يرونه من الصور والموضات من المطربين والممثلين والممثلات في وسائل الإعلام. لذلك، نحن نفهم أنه من أجل أن نجعل بناتنا المسلمات يعتدن على ارتداء اللباس الإسلامي ويشعرن بالثقة بارتدائه يجب أن تبدأ بارتدائه الفتاة قبل سن البلوغ حيث يصبح واجبا إسلاميا عليها.

 

ومن الواضح أن منع بناتنا من ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية وسيلة لمنع الآباء المسلمين من تحقيق هذا الهدف. وبما أنهن أمهات المستقبل من الأمة المسلمة، التي سوف ترفع الجيل الإسلامي في هذا البلد، يمكن للمرء أن يفهم لماذا استهداف الهوية الإسلامية لبناتنا سيكون أولوية واضحة لتلك الحكومات العلمانية المتطرفة والسياسيين والمؤسسات التي تسعى إلى إلغاء إسلامية الجالية المسلمة في بريطانيا.

 

4- الذين يفتقرون الاعتقاد يظنون أن سبيلمان يمكن أن تلمح إلى أن المعتقدات والممارسات الإسلامية يمكن أن تسبب العزلة وعدم التلاحم والتماسك بين الجاليات مع التجاهل التام للدور الذي تلعبه تصريحاتها المسببة للإزعاج والمثيرة للقلق في إثارة الشكوك والكراهية وحتى العنف بين مختلف الطوائف. هذا هو السرد المشوه نفسه ضد الإسلام الذي يتبعه متطرفو اليمين المتطرف لتغذية المناهضة للمسلمين والكراهية لهم. وتعليقات سبيلمان المهينة بشأن الحجاب على سبيل المثال، ستضيف التحيز والعداء الكبير لما تواجهه النساء المسلمات اللائي يرتدين اللباس الإسلامي حاليا في بريطانيا. ووردت ادعاءات استفزازية غير مؤكدة لرئيسة أوفستيد بأن "المتطرفين الدينيين يستخدمون المدارس للقضاء على الغرض من التعليم" جاء في الأسبوع نفسه الذي حكم فيه على دارين أوزبورن بالسجن لمدة 43 عاماً لقيادة سيارته نحو حشد من المصلين المسلمين بالقرب من شمال لندن في المسجد، مما أسفر عن مقتل واحد وإصابة العديد من الآخرين. ويبدو أنه أصبح متطرفاً في غضون أسابيع بسبب المواد المناهضة للمسلمين التي تعرض على شاشة التلفزيون والتي يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت. ومن المؤكد أن قضيته يجب أن تكون تذكيراً صارخاً لأولئك الذين في مواقع المسؤولية والتأثير في هذا البلد بسبب التأثير الخطير لتصريحاتهم غير المسؤولة مثل وضع علامات على المعتقدات الإسلامية الأساسية بأنها "ممارسات أصولية"، وهذا التأثير على الأفراد يمكنه أن يشعل فتيل الانقسام والعنف بين الجاليات.

 

5- ومن المضحك أن رئيسة أوفستيد يمكن أن تدعي أن ارتداء الحجاب يمكن أن ينظر إليه على أنه يضفي الطابع الجنسي على الفتيات الصغيرات، في حين تعطى دروس "الجنس والعلاقة" التي تعرض الأطفال الصغار للأفكار والصور الجنسية وتجردهم من براءتهم في المدارس الابتدائية في جميع أنحاء البلاد! وعلاوة على ذلك، في حين يتعرض الأطفال والشباب في بريطانيا لثقافة فرط الحركة على التلفزيون والموسيقى وعلى شبكة الإنترنت وفي الحياة العامة، وبينما الفتيات الصغيرات يستهدفن جنسياً من قبل صناعات الإعلان والجمال والترفيه بسبب الاحتفالات الليبرالية والحريات الجنسية، إلا أنه من الغريب وغير المسؤول أن تقوم مؤسسة حكومية بالتركيز على اللباس الديني المرتبط بالتواضع بدلاً من معالجة الأسباب الحقيقية لتغذية الفتيات والأطفال الصغار بالثقافة الجنسية. وفي الواقع، فإنه في إطار مجتمع مفرط التحيز فإن رمز التواضع "سيفسر على أنه يضفي الطابع الجنسي على الفتيات الصغيرات"، وعلاوة على ذلك فإن فكرة أن الحجاب مرتبط بالنظرة الجنسية للبنات أو النساء هو مفهوم له جذوره في التفكير الاستعماري. ومن المؤكد أن هذه الروايات المتخلفة لا يمكن أن يكون لها مكان في الفصول الدراسية والسياسات المدرسية في بريطانيا الحديثة.

 

6- إننا نعيش في وقت تواجه فيه الفتيات الصغيرات ضغوطا هائلة لتتلاءم مع الصور التي تبثها وسائط الإعلام من جمال وحجم الجسم الذي يشوه تقديرهن وثقتهن ويساهم بشكل كبير في إيجاد وباء اضطرابات الأكل بين الشباب. ومن المؤكد أن المشاركين في التعليم الذين لديهم اهتمام حقيقي برفاهية الفتيات الصغيرات ينبغي أن يركزوا جهودهم على معالجة هذه المشكلة المنهكة بدلاً من مهاجمة الزي المدرسي الذي يستند إلى وجهة نظر تدفع الفتيات والنساء بعيداً عن الهوس وتبني داخلها الثقة لرفض الضغط لمتابعة الموكب.

 

7- إن الادعاء بأن حظر الحجاب في المدارس الابتدائية هو وسيلة لحماية الفتيات "العديدات" اللواتي يجبرن على ارتداء الزي، أو أن الأطفال في هذا السن ليس لديهم القدرة على تكوين قناعاتهم الدينية الخاصة، وبالتالي يجب أن يكون الآباء هم من فرض الحجاب عليهن، هو مناقضة بحتة ولا يستند على الإطلاق إلى أي أدلة تجريبية. وهو يحوي صدى للجنة ستاسي في فرنسا التي شكلتها الحكومة الفرنسية لدراسة ما إذا كان يجب فرض حظر على الحجاب في المدارس الفرنسية. وأيدت اللجنة هذا الحظر على أساس التأكيد على أن أغلبية الفتيات اللائي يرتدين الحجاب يجبرن على القيام بذلك. ومع ذلك، فقد فشلوا في الاستماع إلى شهادة واحدة من هؤلاء الفتيات اللواتي طردن.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتورة نسرين نواز

مدير القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع