مع الحديث الشريف

الدنيا آخر الهموم والآخرة أولها

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حدثنا علي بن محمد، والحسين بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا عبد الله بن نمير، عن معاوية النصري، عن نهشل، عن الضحاك، عن الأسود بن يزيد، قال: قال عبد الله: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: «من جعل الهموم همّا واحدا، همّ المعاد، كفاه الله همّ دنياه، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك». (صحيح البخاري 4106).

إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:

إن هذا الحديث الشريف يخبرنا كيف نتعامل مع الدنيا وهمومها... من المسلمات عند كل مسلم أن الله خلقنا لعبادته، وأن هذه الدنيا ما هي إلا دار اختبار من أجل أن يعود إلى جنته من استحقها منا، التي خرج منها أبونا آدم عليه السلام، لذلك فإن كل هموم الدنيا مهما صغرت أو كبرت تظل امتحانًا يستطيع المسلم اجتيازه بكل جدارة، بألا يجعل الدنيا أكبر همه ولا مبلغ علمه، بل كما يرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نجعل همنا الأول والأكبر هو اجتياز الامتحان نفسه، ورضا الله سبحانه وتعالى، مدركين أنه سبحانه وتعالى سوف يعيننا في حياتنا وييسر لنا أمورنا ويجعلها سهلًة... أما الذي يركن إلى الدنيا ويجعلها أكبر همه فسوف يبتعد تلقائيًا عن الأعمال التي يحبها الله تعالى، ويجعل محور حياته الدنيا بدل الآخرة ونوال رضا الله عز وجل، أمثال هؤلاء سيعيشون في شقاء وعناء حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

علينا نحن المسلمين أن نجعل أعمالنا تدور حول غاية نبيلة وهدف سامٍ يستحق العناء والاكتراث ألا وهي رضا الله ونوال جنته التي أعدها للصالحين العابدين العاملين لدينهم.

الله نسأل أن يجعل الدنيا آخر همنا، وأن يسهل لنا أمورنا فيها إلى ما يحب ويرضى، وألا يفتننا بها وفيها، اللهم آمين.

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح