بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مفتوحة من حزب التحرير إسكندينافيا إلى لونه دوبكيير الناطقة الرسمية للشؤون العدلية في حزب راديكال فينسترا
كوبنهاغن 7 يناير 2011
نتوجه إليك بهذه الرسالة حول الاتهامات التي وردت في ردة فعلك على ندوتنا المقبلة والمتعلقة بقضية احتلال أفغانستان، وقبل تفنيد ذلك، ننوه إلى أن شخصا مثلك يتبوأ مسؤوليات شؤون العدل لا يليق به أن يلقي جزافا بمثل هذه الاتهامات الخطيرة.
إن ندوتنا المفتوحة تناقش موضوع مشاركة الدول الاسكندينافية في الاحتلال، وفي هذا السياق سنناقش تجريم هذه الحكومات لوجهة النظر المؤيدة لحق الشعوب المُحتَلة في الدفاع عن نفسها. وبدون أدنى دليل أو حجة تصرحين: "يجب على وزير العدل النظر في مدى تناقض هذا الأمر مع الدستور. إنني أرى أن هذا الأمر فظ وفي غاية الإزعاج ومضر للغاية، أن يوجد في الدنمارك حركة تحرض على ثورة مسلحة في هذه البلاد. إنهم يدعون أيضا إلى القتال هنا في الدنمارك، هذا هو هدفهم، إلا أنهم يختبؤون وراء القول أن ذلك يجب أن يكون في أفغانستان"
فكيف يمكن لناطقة شؤون عدلية أن تأتي بمثل هذا الاتهام الخطير وغير الموثق؟! أي عدالة هذه، تحملين لواءها أنت وزملاؤك، عندما تسعون لتجريم حزب غير محظور قانونيا وتجريم مواقفه بلغة ديماغوجية تهديدية وباتهامات تفتقد إلى دليل؟ إن حزبكم يعمل ويوصي بحماية الحقوق القضائية كواحدة من أهم المبادئ الرئيسية والتي تشمل عدم تجريم أحد دون دليل. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، أليس هجومُكِ هذا يُعتَبَر تراجعا جديدا لقيادة حزب راديكال فينسترا عن مبادئه الأساسية؟
وعلاوة على ذلك، فإنكم في حزب راديكال فينسترا تزعمون في برنامجكم أنكم "ستعملون على تجريم أي اعتداء مسلح وملاحقة المسؤولين عنه قضائيا أمام محكمة دولية". وها أنتِ تعارضين عقد ندوة نقاش تنتقد الاعتداء المسلح على أفغانستان! فهل يا تُرَى أن سبب معارضتك هو مساندة حزبك لهذا الاعتداء، أم أن سببه ولاء قيادة حزبك لأمريكا التي جيشت له؟
أما فيما يخص موقفنا من الاحتلال، فنقول إنه لا يمكن للآراء السياسية، حتى تلك المتعلقة بالنزاعات المسلحة وحق الشعوب في الدفاع عن نفسها، أن تُحَوِّل حزبا سياسيا إلى ميليشيا تدعو إلى ثورة مسلحة. فها هو حزبُكِ على سبيل المثال في إستراتيجيته المتعلقة بأفغانستان عام 2008، يدعو إلى مضاعفة المشاركة العسكرية الدانمركية هناك، ويقترح كذلك إيجاد سياسة خارجية نشطة تدعو إلى المشاركة العسكرية في الأعمال الدولية. وعلاوة على أن هذه الأمثلة هي شاهد على تراجعكم عن مبادئ حزبكم الأساسية، المتمثلة في الحياد ومكافحة النزاعات المسلحة، فلنا أن نتساءل هل هذه المواقف السياسية تُحوِّل حزبكم إلى ميليشيا تدعو إلى الثورة المسلحة؟
إضافة إلى ذلك، فإنك تدّعين أن حزب التحرير يختبئ وراء الكلام عن أفغانستان، وجوابنا على ذلك، أن حزب التحرير معروف بإعلان مواقفه على الملأ وبصوت عال دون أي خوف من العواقب. كما أن غاية الحزب وطريقته محددة وسهلة المنال لكل من أراد أن يَطَّلع عليها. فحزب التحرير موجود منذ ما يزيد عن نصف قرن، وينتشر في أكثر من أربعين دولة، ولم يثبت في يوم من الأيام أن الحزب اعتمد في عمله على غير النشاطات الفكرية والسياسية، وهناك العديد من الأبحاث الجادة التي تثبت هذا الأمر، ومن بينها الدراسات التي قدمها المدعي العام الدانمركي في عامي 2004 و 2008 والتي خلصت إلى "أنه لا يوجد شيء غير قانوني في أهداف حزب التحرير ولا في أعماله ولا أنشطته." هذه حقيقة لا يمكن حجبها ببعض الاتهامات التي لا أساس لها، وعلى العكس من مبادئكم فإن غايتنا وطريقتنا لا يمكن أبدا أن تتغير حسب الأهواء.
والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه هنا، هل هناك نوايا خفية وراء اتهاماتك هذه؟ وما مصلحتك في استفزاز رأي عام حاقد تجاه ندوة مفتوحة تناقش دعم السياسيين للاحتلال؟ أتُراكِ تخشين نقاشا حرا حول معاناة الشعب الأفغاني المستضعف، والتي تسبب فيها دعم حزبكم والأحزاب الأخرى في البرلمان الدانمركي لتلك الحرب؟ أم انكِ تخشين وحزبُكِ مزيدا من تراجع شعبيتكم إذا ما اكتشف الناس أي حرب وحشية ألقيتم بالدانمرك فيها، واكتشفوا الأسباب الحقيقية وراء تلك الحرب؟ أم أن غايتكم الخفية هي التملق إلى معسكر الناخبين الحاقدين على الإسلام في محاولة لاستعادة أصواتهم التي خسرتموها، خاصة وأنكم تعانون من هروب أولئك الناخبين إلى أحزاب أخرى لها تصريحات ومواقف معادية للإسلام؟. فهل هذه الديماغوجية هي محاولة يائسة لإنقاذ حزبكِ وأنتم على أبواب الانتخابات البرلمانية؟
وعندما تصفين رسالتنا بـ " أمر فظ، في غاية الإزعاج، مضر للغاية" فلنا أن نتساءل، أين تكمن الفظاظة في انتقاد الاحتلال الغاشم وإظهار حق الشعوب المحتلة في الدفاع عن نفسها؟ أليست الفظاظة هي في خداع الشعب، بكذبكم أن الحرب تخدم الشعب الأفغاني، وتحقق له الأمن والحرية، في حين أن الحقيقة هي العكس تماما! ألا ترين أن الفظاظة والإزعاج والضرر يكمن في مساندة حزبك للاحتلال والاعتداءات المسلحة في أفغانستان وغيرها؟ أوليس هذا أمرا فظا ومزعجا ومضرا للشعب الأفغاني المستضعف؟ ثم ألا يُعتبَر تحريف رسالتنا، للتغطية على إراقة الدماء التي يتحمل السياسيون وزرها، عملا غير لائق وغير مقبول؟.
ففي الوقت الذي تحاولين فيه إظهار حزب التحرير وكأنه خطر أمني، فإنكم تبررون وتشاركون بالعتاد والجنود في الاعتداء المسلح في أفغانستان، فمن الذي يشكل خطرا امنيا؟ أهو حزب التحرير الذي يتكلم عن حق الشعوب المحتلة في الدفاع عن نفسها، أم انتم السياسيون الذين تشاركون في هذا الاحتلال الغاشم والقتل الجماعي والاعتداءات والتعذيب وإنشاء ومساندة حكومات عميلة، مؤلفة من سياسيين فاسدين وأباطرة مخدرات وأمراء حرب؟
وختاما نؤكد أن محاولتكم صرف الأنظار عن فحوى رسالتنا لَتَفضح أساس قيمكم، وتُثبِتُ قولنا أنكم عاجزون عن مواجهة التحدي السياسي والفكري الذي نمثله، إلا من خلال الافتراءات والتهديدات المتكررة بالملاحقة القضائية والمنع. إنكم بتصرفكم هذا، تثبتون قولنا أن احتلال أفغانستان قائم على حجج كاذبة وتبريرات واهية، وأنكم عاجزون عن مواجهة حججنا بحجج مضادة. كل هذا يؤكد الحاجة الملحة إلى نقاش صادق حول الاحتلال، لتقوية المعارضة الإنسانية للحرب، هذه المعارضة المتنامية، ولفضح سياستكم الخارجية الشنيعة واللاإنسانية.
شادي فريجة
الممثل الإعلامي لحزب التحرير- إسكندينافيا
التاريخ الهجري :3 من صـفر الخير 1432هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 07 كانون الثاني/يناير 2011م
حزب التحرير