الثلاثاء، 22 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الحل الجذري للمشاكل المعيشية في الجزائر

 

 

 

اندلعت في مطلع هدا الشهر احتجاجات غاضبة في الجزائر إثر قيام الحكومة بزيادة حادة في أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية، ثم ما لبثت أن اتسعت الاحتجاجات لتشمل عشرين ولاية، حيث أدّت الصدامات بين المتظاهرين وقوى الأمن إلى سقوط خمسة قتلى ومئات الجرحى، واعتقال ما يقارب ألف متظاهر. ثم سارعت الحكومة الجزائرية إلى الإعلان عن "إجراءات عاجلة" كخفض الأسعار وسحب مظاهر الحواجز الأمنية المستفزة من الطرقات؛ محاوِلةً امتصاص غضب الناس واحتواء الاضطرابات، كما اجتهد النظام الجزائري في إحياء "هيئة مكافحة الفساد"، التي أنشأها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2006م، والتي صرّح رئيسها أنه "سيضرب بيد من حديد الفساد والمفسدين!".

لقد حبا الله الجزائر بثروات هائلة، لا سيما النفط والغاز الطبيعي، لكن النظام الجزائري العميل بحكوماته المتعاقبة جعل هده الثروة ملكا للكافر المستعمر؛ حيث تبيع الجزائر كل ستة مترات مكعبة من الغاز بدولار واحد في الوقت الذي تبيع فيه دولة مثل فنزويلا الكمية نفسها بـ 27 دولار مع فارق الكلفة وسهولة وضمان النقل. وفي الوقت نفسه سعر قارورة الغاز في الجزائر ثلاثة دولارات، وبذلك لم يَدَع هدا النظام باباً للهدر والإفساد والظلم والمنكر إلا دَخَله، التزاماً منه بإملاءات الدول الكبرى ومؤسساتها مثل صندوق النقد والبنك الدوليَّيْن. فمنذ تسعينيات القرن الماضي والنظام الجزائري يطبق ما يُسمى زوراً بـ "الإصلاح الاقتصادي"، فسنّ قوانين الإعفاءات الضريبية والتسهيلات المالية للمستثمر الأجنبي، وأثقل في المقابل كاهل الناس بتبني نظام ضريبة القيمة المضافة، كما باشر النظام خصخصة المرافق والمؤسسات العامة، ورفع الدعم عن معظم السلع الاستهلاكية الأساسية، ورفع القيود الجمركية لتسهيل استيراد السلع الأجنبية، وأطلق أيدي المفسدين من أزلام النظام ومواليه من النفعيين فعاثوا في البلاد فسادًا وأثروا ثراءً فاحشاً.

وفي الوقت الذي  تعلن الحكومة الجزائرية أن ميزانها التجاري قد حقق فائضا بلغ 14.83 مليار دولار أميركي مقابل 4.68 مليار دولار في المدة نفسها من العام الماضي، وأن الاحتياطي تجاوز 150 مليار دولار وتعلن عن مشاريع للتنمية بأرقام خيالية، فإن شعب هذا البلد لا يزال يعاني البطالة ومشاكل السكن وسوء العيش والعنوسة...  مما أدى بشبابه إلى الهجرة والإحباط واليأس والانتحار بسبب الوضع المزري والفساد، فلِمَ لا يظهر الميزان التجاري في حياة الناس؟! إن ما يجري في الجزائر يكشف عن السقوط المخزي للنظام القائم على الفلسفة العلمانية الرأسمالية التي لا تقيم وزنا لحاجات الناس وكرامتهم والتي تحول دون توزيع الثروة وجعل حفنة من المتحكمين برقاب البلاد والعباد يستأثرون بها غير عابئين بما يرزح تحت أثقاله عموم الناس.

إن الحل الجذري للمشاكل المعيشية في الجزائر لا يتأتى من خلال تنفيس مؤقت أو  بقيام حكومة ترقيع بظهور وجوه المعارضة العلمانية الشكلية أو الحقيقية في السلطة بدل الوجوه الحالية، وإن كان هذا هو الحل الذي تسعى إليه الدول المتحكمة في رقبة هذا النظام في حال خروج الأمر عن السيطرة على غرار ما حدث في تونس، بل إنّ الحل يكون بإقامة ما فرضه الله، أي إقامة النظام الشرعي نظام الخلافة الذي يفرض على الحاكم السهر على تأمين حاجات الناس وتأمين فرص العمل لهم وليس دفعهم إلى الهجرة. فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته. والدولة في الإسلام دولة رعاية لا دولة جباية، وقد جاء في الحديث الشريف: «لا يدخل الجنة صاحب مكس».

أيها المسلمون في الجزائر:

إن هذه الأنظمة المستبدة ليست راعية لكم بل راعية لمصالح الغرب في بلادكم، وتسعى في تأمين مصالح الغرب، بل وتتنافس فيما بينها على إحراز قصب السبق في إرضاء الكافرين، وهي أنظمة لم يقتصر تقصيرها على عدم رعاية شؤونكم بل تخطت ذلك بسعيها لتجويعكم وتركيعكم ومحاربتكم في لقمة عيشكم وفيما تبقى من كرامتكم، إن الله فرض علينا التغيير على الظلمة، ومواجهة المنكر، ولكن ليس باستباحة الدماء ولا بحرق المؤسسات، والحافلات، ولا بإهدار الأموال العامة، ولا بقطع الطريق، فإن من يقوم بهذا لا يخشى الله تعالى الذي حرم ذلك كله، بل يكون بالعمل الحقيقي الذي قام به رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم لإقامة دين الله في الأرض لتشرق الأرض بنور ربها وليعمَّ الناسَ نورُ الكتاب الذي أنزله الله تعالى على نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقال له: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك) فقوموا لتعملوا معنا في حزب التحرير وفق منهاج الحق، منهاج رسولكم محمد صلى الله عليه وسلم، لإقامة دين الله بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية القائمة قريبا على منهاج النبوة لتنالوا رضا ربكم  وعزًّا وعيشًا رغَدًا في الدنيا والآخرة قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}.

 

 

 

التاريخ الهجري :22 من صـفر الخير 1432هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 26 كانون الثاني/يناير 2011م

حزب التحرير
الجزائر

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع