الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رسالة إلى رئيس الوزراء كاميرون:


سواءٌ قصفتنا أم حظرتنا - فلن نعدّل إسلامنا أو نتخلى عنه

 


(مترجم)

 

 

بعد حوادث القتل الوحشية التي حدثت في فرنسا، صعّدت الحكومة البريطانية جهودها للقيام بمزيد من العمل العسكري في سوريا، ومزيد من القمع ضد العدو الغامض المدعو بـ”التطرف”. فقد أوجدت هذه الحوادث مناخاً مكّن وسائل الإعلام الرئيسية من إثارة رأي سلبي ضدّ المسلمين - مثل برنامج القناة الرابعة حول “تنظيم الدولة: كشف النقاب عن النساء البريطانيات المؤيدات”، ومقال جريدة ذي صن “1 من كل 5 مسلمين بريطانيين يتعاطفون مع الجهاديين”.

 

إلى أين أنتم ذاهبون؟

 

سواء من خلال العمل العسكري - عن طريق طائرات بدون طيّار أو قاذفات يقودها طيارون - أم من خلال قوانين محلية صارمة لإسكات المسلمين، فإن الهدف من سياسات الحكومة البريطانية، هو منع نهضة الأمة عالمياً، عموماً، وتحدي رغبة المسلمين في بريطانيا بخاصة في التواصل مع الأمة عالمياً ورؤيتها تحدّد مستقبلها السياسي.

 

تنظيم الدولة ليس خلافة ولا دولة إسلامية حقيقية، بل يُستغل هذا التنظيم كمبرر لإيجاد مزيد من العقبات أمام قيام خلافة أو دولة إسلامية حقيقية، توحد كل شعوب المنطقة - مسلمين وغير مسلمين - تعيش في ظل عدل الإسلام. يستخدم تنظيم الدولة كمبرر لقصف المنطقة بالقاذفات، وللحدّ من الكفاح الشرعي ضدّ بشّار الأسد حتى يتأتى للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إقامة نظام بديل في دمشق يكون مقبولا لها. وهو المبرر نفسه لفرض قيود قانونية لا مثيل لها من قبل، على الإسلام والمسلمين داخل بريطانيا.

 

ليس هذا حكماً، بل هو تخويف وترهيب

 

لا علاقة لهذه السياسات الحكومية بمنع العنف، بل بمنع المعتقدات والقيم الإسلامية. فهم يروجون أكذوبة أنك كلما كنت إسلامياً أكثر، وأكثر تقرباً من الله سبحانه وتعالى بممارسة دينك، فستشكل تهديداً أكبر. لذا فكل ممارسة إسلامية أصبحت محل استغراب واستجواب، وتتالت الإجراءات بتسارع ضدّ الجالية. فاستهدفوا الجميع من الأطفال في رياض الأطفال إلى موظفي الجهاز الحكومي كالمعلمين والأطباء. وجعلوا أئمة المساجد يخشون جداً مناقشة القضايا المهمة في الإسلام خوفاً من وصمهم ‘بالتطرف’. فعادوا مرة أخرى لمهاجمة المساجد ومدارس الأطفال فيها.

 

ليست وسائل التخويف المتزايدة التي تمارسها الحكومة البريطانية تجاه جالية أقلية مقياساً لقوتها. بل هي بالأحرى مقياس فشلها في إجبار الجالية المسلمة على الوقوف إلى جانب السياسة الخارجية البريطانية أكثر من وقوفها إلى جانب الأمة عالمياً. فهي فاشلة في إقناع الجالية على ترك قيمها الإسلامية لصالح الاندماج. وفاشلة أيضاً بحسب مقياسهم الخاص من حيث وصف أنفسهم بالمجتمع التعدّدي المتسامح؛ إذ أخذوا ينتهكون القيم ذاتها التي يروجونها إلى العالم. بل حتى إنهم أخفقوا في خوض حوار صادق حول “تفوق القيم التحرّرية العلمانية”، التي لا يمكن تحديدها أو الدفاع عنها.

 

لا يختلف سلوك الحكومة البريطانية نحو الرعايا المسلمين، في الحقيقة من حيث المبدأ، عن سلوك بوتين نحو المسلمين في روسيا.

ليس هذا تحريراً، بل تحوّل قسريّ

 

حاولت بريطانيا وأمريكا وحلفاؤهما فرض “الحرية والديمقراطية” على العراق وأفغانستان وفشلتا، وتتجهان الآن نحو الفشل في سوريا. تورطت سوريا في نزاع دمويّ لمدة خمس سنوات تقريباً. فقتل أكثر من 250,000 سوري، وشرّد 11 مليون شخص بعد تحديهم لدكتاتور علماني. وبعد أن تخلى عنهم المجتمع الدولي (الذي استمر في دعمه للأسد حتى بعد أن بدأ بقتل عشرات الآلاف) التجأ الناس إلى الله وأقسموا على تغيير النظام وإقامة نظام آخر قائم على قيمهم الإسلامية. ويقف ذلك “المجتمع الدولي” نفسه الآن إلى جانب الأسد بشكل مفتوح، أو (كما قالوا) إلى جانب “عناصر من نظامه”.

 

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء!

 

تهدف هذه السياسات إلى إرهاب الجالية المسلمة في بريطانيا وإرغامها على الاستسلام؛ وإلى قصف المسلمين في سوريا لإرغامهم على المساومة.

 

إنها سياسات لإسكات المسلمين من خلال قانون “المنع” وقوانين مقاومة “التطرف”، ولم توضع لمنع “الإرهاب” بل لمنع الإسلام.

لقد استغلّوا، بشكل تهكمي، جرائم القتل التي وقعت في باريس، جنباً إلى جنب مع التعليقات الإعلامية التي تربط، بشكل سطحيّ، اللحى ولباس النساء بالإرهاب - لإنتاج ما يسمى “بالإصلاح”، بقصد تشويه وتحريف الإسلام - أو لجعلنا نتخلى عن الإسلام.

 

رسالتنا واضحة جدا:

 

لن نتخلى عن إسلامنا! لأننا لا نستطيع التخلي عما تقتنع به عقولنا ويستقر في قلوبنا.

 

لا يمكن أن نغيّر إسلامنا! لأن هذا الإسلام وحي من الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد نقل إلينا صحيحاً صادقاً كما نزل.

دورنا كمسلمين:

 

بالإضافة إلى كشف هذه البرامج السياسية العدائية، والتمسك بالقيم الإسلامية التي يحاول البعض حظرها ومنعها، يجب على المسلمين أن يجدوا لهم دوراً إيجابياً وسط كلّ هذا الظلام.

 

لا يكفي أن نتطلع فقط إلى الدفاع عن معتقداتنا وقيمنا، دون أن نتذكر أن لدينا شيئاً إيجابياً يلزم أن نعطيه للآخرين.

 

لا يصح أن نقصر نظرنا إلى بريطانيا فحسب، دون أن ندرك أن ما يحدث هنا هو جزء من لعبة عالمية. فإذا تخلينا اليوم عما يجري في سوريا، فسنتخلى غداً عن فلسطين وكشمير وأفغانستان.

 

لا يصحّ أن نركّز على حماية جزء فقط من الإسلام، بينما البرنامج المعدّ هو تغيير الإسلام ليتوافق مع منهج تحرّري علماني رأسمالي؛ ولفرض عملية إصلاح تنتج إسلاماً فردياً روحياً غير سياسيّ مستكيناً خنوعاً تحررياً، بريطانيّاً أولاً وغير عالمي.

 

أرسل الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم إلى البشرية بدين الإسلام، كمنهاج حياة كامل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.

 

يعيش في بريطانيا اليوم مسلمون وغير مسلمين، في عالم لا تنتهي حروبه، التي تخوضها دوله الكبرى تنافساً على الثروات؛ حيث يسيطر فيه بضعة نفر أغنياء، يستغلّون فيه الآخرين؛ مدفوعين برغبة مفرطة في الثروة، بغض النظر عن الدمار الذي يسببونه للبشر والحجر، والزرع والضرع؛ حيث يعيش الناس فيه أفراداً ينعزل بعضهم عن بعض؛ وحيث لا يزال التمييز العنصري في تصاعد. ومع هذا يتساءل كثير من العقلاء أليس لدى البشرية خير من هذا كله؟!

 

نعم! نحن في الجالية الإسلامية، يمكن أن نعطيهم الأمل بأن هناك شيئاً أكثر مما يعرفون، وخيراً مما يعرفون. هناك طريقة عيش قائمة في الأصل على العقل والفكر؛ طريقة عيش لا تسمح بالحروب من أجل الثروات، أو للتمييز العنصري أو للاستغلال الاقتصادي؛ طريقة عيش تشجّع الناس على العيش كعائلات وجيران وجاليات؛ طريقة عيش تؤكد بأن الناس سيحاسبون في الدار الآخرة عن أعمالهم في هذه الحياة الدنيا؛ حيث لا يوجد أحد - بما في ذلك خليفة المسلمين نفسه - فوق شرع الله الذي ارتضاه الله للناس أجمعين. إنها طريقة العيش الإسلامية - التي لا تكتمل إلا بدولة الخلافة التي تطبق معالجات الإسلام لحل مشاكل البشرية.

 

يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾

 

 

 

التاريخ الهجري :17 من صـفر الخير 1437هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2015م

حزب التحرير
بريطانيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع