بسم الله الرحمن الرحيم
صدورُ قرارٍ دوليٍّ بأنَّ فلسطين هي فقط الضفةُ والقطاع: أهو عزاءٌ ورجعُ نواحٍ أم عرسٌ يُحتفل به وموقفٌ شجاع؟
صدر الليلةَ قرارٌ من الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن فلسطين دولةٌ مراقب غير عضو على حدود أقصاها الرابع من حزيران "الضفة والقطاع"... واحتفلت السلطةُ في الضفة، وبخاصة فتح، وهلَّل عباس وعريقات لعرس فلسطين ولليوم التاريخي... وأيدته في قطاع غزة حماس، حيث بارك مشعل وهنية مسعى عباس! وكان ذلك القرار الذي "يشطب" فلسطين 48 إلى الأبد كما قال عباس، كان عند القوم نصراً مؤزراً مبينا! ولو فُرض عليهم القرار لقلنا إنهم مُجبرون، ولكنهم سعوا وراء إصداره يركضون، بل واجتمع على هذا الشر الصديقان اللدودان، فتح وحماس، وهما من قبلُ لم يجتمعا على خير! وصدق الله سبحانه ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ )...
لقد انقلبت المفاهيم، وانعكست القيم، وأصبح بيعُ جُلِّ فلسطين لليهود بثمن بخس، بل بدون ثمن، مقابل شيء من فلسطين يُسمى على الورق دولة غير عضو، أصبح هذا الأمر عرساً يُحتفل به بدل أن يكون عزاءً وجرحاً عميقاً مؤلما! ورحم الله أمير الشعراء شوقي فقد قال تعقيباً على ما فعله مصطفى كمال قبل نحو تسعين سنة عندما ألغى الخلافة الإسلامية المضيئة وجعل مكانها الجمهورية العلمانية المظلمة وعدّ ذلك نصرا! قال: عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ وَنُعيـــتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفــراحِ.
وهكذا هؤلاء يفعلون، يحتفلون بمآسينا، ويركضون ويسعون لاستصدار قرار دولي قانوني بأن دولة فلسطين غير العضو هي ليست التي فتحها عمر رضي الله عنه، وحررها صلاح الدين رحمه الله، وحافظ عليها عبد الحميد رحمه الله... ليست هذه فلسطين التي يريدون، بل هي جزءٌ يسير منها، ومن ثَمَّ كان هذا القرار! ولإيجاد مدخلٍ لخونة القوم بتصوير القرار نصرا، أظهرت أمريكا معارضة القرار، وهي كانت وراء كثير ممن صوتوا لصالحه، وذلك لتوجد مادة "دفاع" لعباس وعريقات بأنهم ذهبوا إلى الأمم المتحدة رغم إرادة أمريكا! وهم يعلمون أنهم كاذبون، فلو أمرتهم بالقعود لقعدوا دون حراك، ولكنها كانت تريد قراراً دولياً يقطع الطريق على أي مشروع إلا مشروع الدولتين الذي ترعاه...! وهكذا اختلطت معاً الخيانةُ والخداعُ والتضليلُ ليظهر القرارُ الدولي بضياع معظم فلسطين نصراً مؤزراً! وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: « سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ »، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: « الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ».
ومع ذلك فإننا نقول لهؤلاء الذين أرادوا "تقزيم" فلسطين بالقرارات الدولية، ولأولئك الذين جعلوا تركيا العلمانية مكان الخلافة الإسلامية... نقول لهؤلاء وأولئك: إن للخلافة ولفلسطين أمةً عظيمة لن يضرها نفرٌ نشاز من أبنائها... وإن للخلافة ولفلسطين حزباً مخلصاً صادقاً بإذن الله، حزب التحرير، نذر نفسه، بأُمَّته ومعها، ليُعيدَنَّ هذين العظيمين إن شاء الله، فقد بشر بهما الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فقال: «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ » أخرجه أحمد والطيالسي، وقال صلى الله عليه وسلم كذلك «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ، فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ» أخرجه مسلم.
( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )
التاريخ الهجري :16 من محرم 1434هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 01 كانون الأول/ديسمبر 2012م
حزب التحرير