بسم الله الرحمن الرحيم
" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ "
يقول الله سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [سورة البقرة 183].
لقد حل شهر رمضان، شهر الخير والبركة، شهر ميّزه الله سبحانه عن باقي الشهور، وأفاض فيه الرحمة وأعظم فيه الأجور، أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، جعله الله سبحانه له خاصة يجزي فيه من يشاء بغير حساب كما قال صلوات الله وسلامه عليه في حديثه القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
إن شهر رمضان شهر مشهود له في تاريخ الإسلام، فيه أُنزل القرآن الكريم، وفيه كان النصر والفتح المبين. إنه شهر عمل وجد واجتهاد، وشهر عبادة وصبر وجهاد. فيه كان المسلمون يتنافسون بالخيرات حيث تُضاعف الأجور والحسنات. وكان خليفتهم وولاتهم يحفظون أمن البلاد والعباد، ويحملون الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد. فكان الشهر المبارك شهر عز للمسلمين، وشهر ذل للكافرين.
هكذا كان يأتي رمضان، وهكذا يجب أن يكون.
أما اليوم يأتي رمضان وقد مضى على إسقاط الخـلافة منذ اثنتان وتسعون سنةً ميلادية. في الوقت الذي يأثم المسلمون فيه بعد ثلاثة أيام من خلو البلاد من خليفة، إلا من تلبس بالعمل لإقامتها بجد وإخلاص.
ويأتي اليوم رمضان وأبرز بلاد المسلمين محتل: فلسطين وأفغانستان والشيشان وكشمير وقبرص، وخيراتهم منهوبة، وثرواتهم مسلوبة، وحرماتهم منتهكة، دون أن يحسب للمسلمين أي حساب مع كثرة عددهم واتساع بلادهم وقوة عقيدتهم. والسبب يكمن في عدم وجود من يحفظ بيضة المسلمين ويحمي ذمارهم ويرعى شئونهم، يقاتلون من ورائه ويتقون به.
وأما حكام المسلمين فقد باعوا البلاد والعباد، ومهدوا للكفار احتلال بلاد المسلمين، وساروا خانعين في ركاب الكفر وبخاصة أمريكا، وخانوا الله ورسوله والمؤمنين. وقد جعلوا رمضان وراء ظهورهم، نزعوا منه روحه وجعلوه طقوساً، يبدؤونه باختلافهم حول بدء الصوم وينهونه باختلافهم حول بدء شوال، ويفتتحونه بأخلاط من لغو الكلام فيصفق لهم المنافقون ثم ينفض السامر والمتسامرون. وأمثل هؤلاء الحكام طريقةً مَنْ يعلن إغلاق الباب الرئيس لدور اللهو والمجون والمطاعم والحانات خلال ليالي رمضان، ثم يشير بسهم إلى باب خلفي لدخول تلك المغلقات!
وأما إذاعاتهم فرمضان عندها شهر للسهرات الرمضانية! والحفلات الغنائية، والأفلام الساقطة والمسلسلات الهابطة، ومع ذلك تصر تلك الإذاعات أنها تحيي ليالي رمضان!
أيها المسلمون
إن رمضان لا بد بإذن الله عائد يضيء ليل المسلمين، ويستظل براية خليفة المسلمين، فالخير في هذه الأمة مستمر لا ينقطع إلى يوم القيامة. ولقد أنجبت هذه الأمة على مر التاريخ رجالاً أولي قوة وتقوى، أعادوا للأمة عزتها وعلو منـزلتها، وأيام هزائم الصليبيين والتتار ثم طردهم شر طردة، شواهد شامخة على ذلك.
والأمة اليوم تفخر بأن فيها فتيةً آمنوا بربهم وزادهم الله من فضله هدىً، عقدوا العزم أن يصلوا ليلهم بنهارهم في عمل دؤوب خالص لله سبحانه وصادق مع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لإعادة مجد الأمة لإقامة الخـلافة الراشدة، دون أن يخشوا في الله لومة لائم حتى يقيموا ما عقدوا العزم أو يهلكوا دونه.
إن حزب التحرير والمسلمين من ورائه يدركون أن عزة هذه الأمة لن تعود إلا بالخـلافة، وهم كذلك يدركون أن الله سبحانه قد وعد الذين آمنوا بالاستخلاف في الأرض ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ ...)) [سورة النور: 55]، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بشر بعودتها راشدةً كما بدأت راشدةً «... ثم تكون خـلافة راشدة على منهاج النبوة...» (رواه أحمد)، وإنهم ليرون أَنْ قد اقتربت أيامها، وأنهم إن شاء الله فرسانها.
أيها المسلمون
لئن كان الله سبحانه لَم يشأ أن يقترن هذا العام بإقامة الخـلافة الراشدة، وإعلان الخليفة بنفسه بدء الشهر المبارك فإننا نضرع إليه سبحانه أن يكون هذا هو آخر رمضان يمر على المسلمين دون خلافة وخليفة، ودون فتح ونصر، ودون قوة للمسلمين وعزة. وعندها يستظل رمضان بظل الخـلافة، ويعود له ضوءه ومضاؤه، ويعود شهر عبادة وجهاد. فانضموا مع العاملين المخلصين لإقامتها يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم.
التاريخ الهجري :28 من شـعبان 1434هـ
التاريخ الميلادي : الأحد, 07 تموز/يوليو 2013م
حزب التحرير
ولاية الكويت