الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

لقد فضح الانفجار الكارثي فحمة الدجى!

 

ها قد مر أسبوعان على الانفجار الكارثي، الذي هز العاصمة بيروت في 2020/8/4م، ليشهد لبنان حركةً دوليةً محمومةً، على المستوى السياسيِّ والدوليِّ والإقليميِّ، تمثلت بزيارةٍ سريعةٍ - بعد يومين من الانفجار - للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعقبها اتصالٌ بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس اللبناني ميشال عون، ثم زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكية ديفيد هيل، وتخلل ذلك زياراتٌ لكلٍّ من نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

 

لقد تبين من الحركة السياسية بعد الانفجار، أنَّ استثمار الحدث هو العنوان الرئيسي لكل هذه التحركات، فهذا دأب الدول الكبرى سياسياً، فإن لم تصنع الحدث، فهي تعمل على استثماره.

 

ففرنسا الحالمة بعودة نفوذها السياسي الواسع في لبنان، ركضت نحو لبنان عساها تستفيد من الحدث، استفادتها من مقتل رفيق الحريري العام 2005م، حيث استطاعت أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، في حينها، الضغط لإخراج عسكر النظام السوري ومخابراته من لبنان، وقد تكون هذه الفرصة السانحة الثانية في العام 2020م، لمحاولة التأثير على جزءٍ مهمٍّ من نفوذ النظام السوري والإيراني، والمتمثل بحزب إيران، وبخاصةٍ مع وضع سياسة أمريكا الخارجية المصاب ببعض التشويش، بسبب ما ضرب أمريكا من آثار جائحة كورونا والعنصرية مؤخراً، التي قد ترى فرنسا فيها أنها تشبه بعض ظروف أمريكا المشوشة حين تدخلت في العراق بمعزلٍ عن الأمم المتحدة وأوروبا، والولاءات في السعودية خلال وجود الملك عبد الله وضعفها لجهة العلاقة مع أمريكا، في ذلك الوقت.

 

أما أمريكا، الباسطة نفوذها في لبنان، والتي رسمت التشكيلات الرئاسية والحكومية والبرلمانية في لبنان على مدى سنواتٍ طويلةٍ، ومدت نفوذها في لبنان من خلال دولٍ إقليميةٍ مثل السعودية وسوريا وإيران، تزيد دور هذا، وتنقص دور ذاك، تجعل أطرافاً تتناقض، ثم تجلسها على طاولةٍ واحدةٍ ساعة تشاء، بل تأتي بمناوئيها من عملاء أوروبا في لبنان وتجلسهم بالترغيب والترهيب، وتقسم لهم من كعكة لبنان ما تتفق عليه مع أسيادهم... إنَّ أمريكا هذه وكأنها تسعى اليوم لإعادة رسم دور إيران بما يتفق مع سياساتٍ جديدةٍ لها متعلقةٍ بالمنطقة والعالم، وتمارس على إيران مزيداً من الضغط لتوقيع الاتفاق النووي بشكلٍ أحادي الجانب معها، ولعل هذا سينعكس في لبنان على إعادة رسم دور حزب إيران في لبنان بالصورة التي تناسب سياساتها واتفاقها مع سادة حزب إيران في طهران.

 

إذن؛ التقت هنا مصالح الغرب الكافر المستعمر، المتمثل في أمريكا وفرنسا، فقامت فرنسا بالاجتماع بكل الفرقاء في لبنان على طاولةٍ واحدةٍ، في مشهدٍ لا تستطيع أن تمارسه أمريكا هكذا بشكلٍ ظاهرٍ... لتلتقي الرؤى على حكومةٍ من الطبقة والوسط السياسي الفاسد نفسيهما، بمسمياتٍ مختلفةٍ ظاهرياً، بين حكومة وحدةٍ وطنيةٍ عرضتها فرنسا وحكومةٍ حياديةٍ عرضتها أمريكا؛ متفقةٍ ضمنياً على إعادة صياغة شكل الفساد والإدارات، مع ما ينتظر لبنان من ثروةٍ نفطيةٍ وغازيةٍ في شواطئه.

 

أما جعجعات ماكرون - تغييرٌ ميثاقيٌّ وعقدٌ سياسيٌّ جديدٌ - فهي لا تُخلف طِحناً، كعادة سياسة فرنسا الخارجية، التي تحب المجابهة العلنية لأنها تحب أن تظهر عظمتها، وتعمل دائماً على تأكيدها، رغم أنها لا تتقن المناورات السياسية، وتتصرف غالباً بصوتٍ صارخٍ له ضجيجٌ، لكن بفعلٍ قليلٍ، تقدم الخدمات لغيرها أكثر من نفسها، حتى صار المثل المشهور محل تندرٍ واستهزاءٍ بهذه السياسة (بريطانيا تحارب حتى آخر جنديٍّ فرنسيٍّ)، إضافةً لرغبة فرنسا بإضفاء شيءٍ من البريق السياسي لحضورها مئوية تأسيس الكيان اللبناني المصادف 2020/9/1م، وتجديد تفاخرها بتأسيس هذا الكيان بوصفه إرثاً ثقافياً فرنكفونياً، كما تحب أن تصف مستعمراتها القديمة!

 

ولا يفوتنا هنا دور خادمَيْ أمريكا في المنطقة وشرطـيَّيْها، تركيا وإيران، اللذين اندفعا ليعرضا خدماتهما في لبنان، إثباتاً لوجود أدوارٍ إقليميةٍ لا تستطيع فرنسا تجاوزها؛ صراحةً، كما عبرت تركيا على لسان رئيسها أردوغان، حين وصف فرنسا بالمستعمر، أو ضمناً، كما عبرت إيران على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، حين تحدث عن عدم قبول ابتزاز لبنان مقابل بعض المساعدات.

 

أما حركة القطع العسكرية الفرنسية والبريطانية والأمريكية في منطقة شرق المتوسط، وأمام الشاطئ اللبناني، للمساعدة والإغاثة، فلعل من بعض أهدافها ما ظهر في تغريدةٍ لماكرون على تويتر: "لقد تحدثت إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​وليبيا ولبنان، نحن نتشاطر الآراء نفسها، إن السلام والأمن في المنطقة من مصلحتنا المشتركة، وسوف ندعمهما" علماً أن القطع الأساسية تركزت في قواعد اليونان و"قبرص اليونانية"، والتحقت بها بعض طائرات كيان يهود.

 

يا أهلنا المكلومين في لبنان، لقد فضح الانفجار فحمة الدجى، فهذا هو الحال الذي أنتم عليه اليوم:

 

عصفٌ انفجاريٌّ كان يُـتوقع أن يعصف بمراكز هؤلاء السياسيين، فلا يبقوا ساعةً من نهارٍ في مواقعهم قادرين على التصريح والظهور أمام الناس، وها هم باقون في مواقعهم كما ترون! وبخاصةٍ قادة الأحزاب على اختلافهم، الذين هم أمراء الحرب، وأرباب الطائفية والمحاصصة، الذين قادوا البلد بفسادٍ لم يسبقه مثيلٌ، وصل إلى انفجارٍ كارثيٍّ بسبب سلطة الفاسدين والمنتفعين على المرفأ، بل على البلد... وحركةٌ دوليةٌ من أمريكا وفرنسا ورجالاتهما، يجلسون ويطلبون من السلطة الفاسدة ذاتها، أن تصطنع حكومةً أياً كان مسماها ووصفها، من الطبقة السياسية الفاسدة نفسها؛ ويمنع هؤلاء الأسياد أي فعلٍ تغييريٍّ، حتى ولو كان ترقيعياً غير مجدٍ، من مثل حلِّ مجلس النواب أو الانتخابات النيابية المبكرة، التي حين تلفظ دياب بطلبها، سرعان ما طارت حكومته، ليس بعد فرصة شهرين كما قال، بل بعد يومين من مطالبته، لأن الأسياد في أمريكا، وأتباع الأسياد في لبنان، لا يناسبهم ذلك!

 

يا أهلنا المكلومين في لبنان، انفضوا عن كاهلكم غبار الانفجار، لكن انفضوا معه وَحلَ ورجس هذه الطبقة السياسية الفاسدة، ولا تقبلوا بأيِّ حلٍّ فيه هؤلاء؛ وحزب التحرير في لبنان إذ يطلب منكم ذلك، فهو يحاول أن يجلو غشاوة الحلول الترقيعية عن أعينكم، فينير طريقكم للتغيير الجذري الكامل الذي يتبناه، فينتظم لبنان في عقد الشام وعقد بلاد المسلمين، في منظومةٍ تحاسب الفاسدين بلا هوادةٍ أو ترددٍ كائناً من كان هو المفسد، قال رسول الله ﷺ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّـمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّـهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْـحَدَّ، وَايْمُ اللهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»، ومنظومةٍ سياسيةٍ رعويةٍ تجعل منصب الحكم منصب تكليفٍ لا تشريفٍ، قال رسول الله ﷺ: «ما مِن رجُلٍ يَلي أمرَ عشرةٍ فما فوقَ ذلك؛ إلَّا أتاه اللهُ - عزَّ وجلَّ - مَغلولا يومَ القيامةِ يدُه إلى عنقِه: فكَّه برُّه، أو أوبقَه إثـمُهُ: أوَّلُها ملامةٌ، وأوسطُها ندامةٌ، وآخرُها خزيٌ يومَ القيامةِ»، ومنظومةٍ اقتصاديةٍ ربانيةٍ تحرم الربا المؤذن بحربٍ من الله ورسوله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فحزب التحرير في لبنان يجدد دعوته لكم للعمل معه في طريق التغيير الجذري، الذي يكفل إعادة لبنان إلى أصله، بلداً من بلاد المسلمين في دولة الإسلام، الخلافة على منهاج النبوة، التي عاش في كنفها المسلم وغير المسلم في رغد عيشٍ لم ترهقهم فيه أزماتٌ وديونٌ وقتلٌ ودمارٌ، كما هو الحال مع هذه الأنظمة التي نعيش فيها... ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْـحَـقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾.

 

 

 

 

التاريخ الهجري :29 من ذي الحجة 1442هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 19 آب/أغسطس 2020م

حزب التحرير
ولاية لبنان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع