الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

أمريكا تعمل على إطالة عمر الفساد في باكستان وإطالة عمر النظام العميل لها عن طريق استخدام الطغمة الحاكمة الحالية

في السادس عشر من آذار وقبل مغيب الشمس أعلن رئيس الوزراء باكستان يوسف رضا جيلاني عن قراره بإعادة رئيس القضاة الباكستاني المعزول افتخاري محمد تشودري إلى منصبه، وتبع هذا الإعلان إعلان عن إلغاء مسيرة المحامين التي كانت متوجهة نحو العاصمة بقيادة المعارضة. وقد عدَّت الكثير من الجهات هذا الأمر انتصارا، كلٌ حسب رؤيته. فالمحامون عدوا ذلك انتصارا للقضاء ولحركة المحامين، وعد أنصار نواز شريف ذلك انتصارا لنواز شريف، بينما عدت العديد من الحركات العلمانية ومنظمات المجتمع المدني ذلك انجازا للشعب الباكستاني ذاهبين بتقديراتهم إلى حد اعتبار القرار انقلاباً أبيض، وبفعل تأثير الإعلام فقد اعتبر العديد من عامة الناس ذلك انتصارا لهم وحلا لمشاكلهم. ولكن المدقق فيما حدث يدرك أن ما حصل هو فقط لخدمة الطغمة الحاكمة وللمصالح الأمريكية، وما حصل لا يخرج عن كونه تضليلا للشعب الباكستاني تحت غطاء "التغيير" تماما كما حصل في الانتخابات الأخيرة.

 

لقد تابعت أمريكا الأحداث الأخيرة عن كثب وبحذر شديد، فكثفت الاتصالات بالطغمة الحاكمة وبقيادة الجيش. ففي 12 آذار اتصل مبعوث الإدارة الأمريكية الخاص لباكستان وأفغانستان رتشارد هولبروك برئيس الوزراء والرئيس وبنواز شريف، كل على حدة. وفي 15 آذار تحدثت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مع الرئيس زارداري ونواز شريف. فقد كان التدخل الأمريكي في الأحداث بارزا في مختلف وسائل الإعلام وفي التقارير الإخبارية إلى درجة أوقعت سفير باكستان في واشنطن حسين حقاني في الحرج، واضطر للدفاع بالقول " إن أمريكا لا تلعب أي دور في السياسة الداخلية لباكستان""!!

 

لقد سعت أمريكا لتحقيق العديد من المصالح من خلال هذه المسرحية السياسية. فبعد أن أصبح عند الشعب الباكستاني قناعة راسخة أن النظام الحاكم لا يخدم إلا القوى الغربية بدلا من خدمة مصالحهم، وأن النظام قد فشل فشلا ذريعاً في حل مشاكلهم، وقد تجذر اليأس والقنوط عند الناس من هذا النظام فعزفوا عنه وانفضوا من حوله، لذلك أرادت أمريكا أن تعيد ثقة الناس بالنظام أو تحسنها بعد أن وصلت نقمة الناس على النظام إلى ذروتها مؤخرا فأصبحت تهدد بسقوط النظام. فأمريكا تعمل بكل طاقتها آملة أن تضيق الفجوة بين النظام العلماني والناس في باكستان، فهي تأمل أن تقنع الناس بأن النظام العميل الحالي قادر على حل مشاكلهم كي تعيد ثقتهم بهذا النظام. كما أنها تطمع أن تزيل شعور الناس بأنهم غير فاعلين في النظام الحالي الموالي تماماً للمصالح الأمريكية.

 

وفوق كل ذلك فان أمريكا تريد إبعاد الناس عن الدعوة إلى الإطاحة بالنظام وإقامة دولة الخلافة. فهي تأمل أن يتمكن السياسيون الفاسدون من الإيقاع بالناس في شرك النظام الحالي من خلال ألاعيب عدة ومسرحيات هزلية، لذلك فإن إطلاق تعبير "الانقلاب الأبيض" على الذي حصل هو لإيجاد انطباع لدى الناس بأن التغيير قد حصل، مع أن الذي حصل هو محاولة لتقوية وزيادة استقرار النظام العلماني المتهالك.

 

بعد سقوط الاتحاد السوفيتي اعتبرت الدول الغربية الاستعمارية ومنها أمريكا الإسلام ممثلا بفكرة الخلافة الإسلامية عدوّاً استراتيجيا للغرب بعد تنامي مشاعر الإسلام عند المسلمين نحو الإسلام. ولكي تحول أمريكا دون تحقيق ذلك كثفت وجودها العسكري في العالم الإسلامي، وفي الوقت نفسه تعمل على تغيير الشكل الاجتماعي في العالم الإسلامي وتغيير الخارطة السياسية فيه. فهي تدفع بشدة نحو الترويج للأفكار العلمانية في البلدان الإسلامية، وذلك عن طريق دعمها للمؤسسات العلمانية كي تنشط سياسيا أكثر في العالم الإسلامي. وأمريكا تطمع الآن في حربها ضد الإسلام أن تقود تلك المؤسسات العلمانية الوسطَ السياسي، وهذا الذي تعمل أمريكا له في باكستان، لذلك فهي تحرص على أن تقود تلك المؤسسات والأفراد العلمانيون ذوو الولاء الأمريكي الأحداثَ والنشاطاتِ السياسيةَ في البلاد.

 

وبعد أن رتبت أمريكا الوسط والمشهد السياسي في باكستان على المقاس الذي يروق لها، تأمل أمريكا الآن أن تركز باكستان جهودها في الحرب على ما يسمى "بالإرهاب" في أفغانستان. كما أن أمريكا تريد استخدام باكستان للمساعدة في إنجاح حلفائها في الهند في الانتخابات التي ستعقد في الهند بعد بضعة أشهر كما فعلت ذلك في السابق.

 

وبالنسبة للسياسيين الذين حصلوا على مصالحهم السياسية الخاصة من المسيرة الطويلة التي قضوها، فإنه من نافلة القول بأنه لم تكن غايتهم رفعة الإسلام أو حل مشاكل المسلمين في باكستان، وهذا واضح، فبينما كانوا يحتفلون بإعادة تنصيب كبير القضاة، كانت أمريكا تسدد الضربات للمناطق الباكستانية لتوقع 22 قتيلا في منطقة القبائل في الهجوم الأخير، ومع ذلك فلم يحرك الحكام ساكنا تجاه ذلك، ولم ينطقوا ببنت شفه، في حين أن الشارع الباكستاني كان يغلي، ومختلف وسائل الإعلام تغطي الأحداث، ما يعني أن هؤلاء السياسيين الحكام هم في واد ومصالح أهل باكستان في واد آخر، حتى إنهم لم يجرؤوا على أن إرسال رسالة احتجاجية عبر الإعلام العالمي  تعكس رفض الشارع الباكستاني لحرب أمريكا على الإسلام!

 

لقد جاء الإعلان عن إعادة تنصيب كبير القضاة بعد الإعلان عن المسيرة الطويلة للمحامين بينما كان قرار إعادة تنصيب القاضي قبل الإعلان عن المسيرة، وقد كان نواز شريف وإخوته على علم بذلك، لذلك لم يكن مستغربا من نواز شريف الجبان الذي كان يرجف من الخوف إبان سجنه من قبل برويز مشرف في حقبة رئاسة بل كلينتون، لم يكن مستغربا أن يعلن عن إلغاء المسيرة والانسحاب أمام أعين الشرطة وكأنهم حرسه الخاص. وزيادة على ذلك فإن الجيش والشرطة لم يتحركوا لفرض الأمن مع أن العادة أن تتحرك أجهزة الدرك لقمع مثل تلك النشاطات، فلم يكن صدفة حديث نواز مشرف الايجابي عن أخبار سارة قبل الإعلان عن إعادة التنصيب بليلتين، وبعد إعلان الحكومة إعادة التنصيب أعلنت المعارضة إلغاء المسيرة مباشرة دون التشاور مع القادة السياسيين للأحزاب الأخرى والذين كانوا جزءا من المسيرة!

 

هذه هي حقيقة الوضع السياسي وصانعيه في باكستان، فهو مغاير تماما لما تروج له وسائل الإعلام. أما عن رعاية مصالح الناس فالمصيبة أن الناس لن تلمس التغيير من النظام العلماني الحالي، فلن يحدث تغيير في مسألة الفقر أو التضخم أو الفساد أو تمركز الثروة في أيدي قليلين، أو رفع الضرائب عن الناس من مثل ضريبة الدخل، أو النهب والسلب الذي تقوم به الشركات العالمية، أو إقلاع أمريكا عن تسديد الضربات لباكستان، أو توقف تنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي، أو غيرها من المصائب، فجميعها لن يحدث عليها أي تغيير ما دام النظام الرأسمالي الباكستاني هو المتحكم بصرف النظر عمن يكون في منصب كبير القضاة.

 

لقد فشل النظام الرأسمالي في حل مشاكله في بلاده نفسها، فأنى لهذا النظام المتهاوي أن يخلق باكستان جديدة؟ إن النظام الوحيد القادر على حل مشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والمشاكل الداخلية والخارجية الباكستانية هو النظام الذي أرسله الله سبحانه وتعالى وهو خالق البشر جميعا، وهو النظام الذي يطبق في دولة الخلافة.

 

أيها المحامون المحترمون!

 

من الذي يعلم أكثر منكم بأن النظام القضائي الباكستاني المعمول به اليوم هو موروث عن الاستعمار الانجليزي؟!، إلى درجة أن قانون الجنايات المعمول به في الهند هو نفسه المعمول به في باكستان! إن الغاية من فرض النظام القضائي ونظام العقوبات ليس تحقيق العدالة بل كان من أجل إخضاع الناس للانجليز وحكمهم بالحديد والنار. فكيف يمكن لهذا القانون الكافر أن يرسي العدل في باكستان؟ إن كنتم ساعين لتحقيق العدل في باكستان فعليكم العمل بجد لتغيير النظام القضائي الكافر الحالي وتطبيق نظام القضاء الإسلامي والقوانين الإسلامية. ولتحقيق هذه الغاية لا بد من حركة تعمل للخلافة تكون حريصة على عدم استغلالها من قبل سياسيين لمصالحهم الوضيعة.

 

أيها المسلمون في باكستان!

 

إن القائد الحقيقي لا يغش رعيته فالرائد لا يكذب أهله، وعندما أطاح مشرف بحكومة نواز شريف فرح كثير من الأحزاب السياسية والإسلامية بذلك، إلا أننا حذرناكم حينها بأن ذلك التغيير لم يكن لصالحكم بل كان لمصلحة أمريكا، وقد كان ذلك بالفعل. وعندما شكل اتحاد مجلس العمال الحكومة حذرناكم كذلك من أن النظام العلماني الحالي لن يعمل لرفعة الإسلام، وقد كان ذلك بالفعل. وعندما تشكلت الحكومة الحالية بعد رحيل مشرف حذرناكم كذلك من أن تغيير الوجوه لن يحل مشاكلكم، فلم تحل مشاكلكم بالفعل. ونحذركم اليوم أيضا بالقول بأن أية حركة لا تعمل لتغيير الوضع تغييرا انقلابيا وشاملا عن طريق تطبيق الإسلام من خلال دولة الخلافة فإن تلك الحركة ستطيل عمر الفساد وستطيل عمر النظام العميل للغرب، وستحرف المسلمين بعيدا عن غايتهم التي وجدوا من أجلها. وستستنزف طاقات المسلمين ومشاعرهم وستزيد من يأس الناس. فاحذروا أيها الناس من الخطط الاستعمارية ولا تقبلوا بأقل من إقامة دولة الخلافة.

 

إنها الخلافة وحدها التي ستزيل الهيمنة الاستعمارية الأمريكية عن باكستان، وهي التي سترفع تحكم القوى الغربية في شئون المسلمين الداخلية. وإنها الخلافة التي ستضع حدا لاعتداءات الكفار، وهي التي ستحقق العدل للمسلمين كما حققتها من قبل  قروناً عدة، وهي التي ستضمن للناس حاجاتهم الأساسية بصرف النظر عن أعراقهم أو أجناسهم أو دياناتهم، وستضمن هيمنة الإسلام على الدين كله في جميع المعمورة. حينها سيكون اليوم الذي يحتفل فيه المسلمون في باكستان وفي العالم أجمع الاحتفال الحقيقي، عندها تشرق شمس الإسلام، حينها ينصر الله الإسلام ويذل الكفر وعملاءه.

 

أيها المخلصون من أهل القوة والمنعة!

 

لقد بات واضحا للعيان بأن الناس في باكستان يأملون أن يتخلصوا من هذا النظام الذي فشل في حل مشاكلهم. وإنها مسئوليتكم الآن أن تعطوا النصرة لحزب التحرير ليقود الناس نحو الطريق الصحيح عن طريق إقامة دولة الخلافة. فلا تتركوا أهليكم تحت رحمة أمريكا وبريطانيا وعملائهما الذين خذلوا الناس لمصلحة الاستعمار. فإن نجح أولئك العملاء في إبقاء الناس في هذا الوضع المأساوي فإنكم حينها تكونون شركاء في مسئولية مأساة الناس وبؤسهم، فبأيديكم وحدها القوة القادرة على رفع أيدي هؤلاء الحكام وخلع هذا النظام من جذوره. وتذكروا أنكم إن لم تقوموا بواجبكم في نصرة دين الله فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يأتيَّ بأناس ينصرون دينه لا تأخذهم في الله لومة لائم. وليس ذلك على الله بعزيز، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54

التاريخ الهجري :21 من ربيع الاول 1430هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 18 آذار/مارس 2009م

حزب التحرير
ولاية باكستان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع