الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

لقد أفل نجم الديمقراطية وآن أوان شمس الخلافة

الديمقراطية هي السبب في إهمال شؤون النّاس

 

حيثما وجدت الديمقراطية وجد الإهمال والاستغلال للنّاس من قبل نخبةٍ صغيرةٍ منهم، وكما هو ظاهرٌ في جميع أنحاء العالم فإنّ أكثر النّاس ثراء هم الّذين يمسكون السلطة السياسية في ظل الديمقراطية، إمّا مباشرةً أو بضمان الديمقراطية ذلك لهم من خلال السياسيين، فالديمقراطية لا تُعنى أبداً بتحقيق العدالة بين النّاس، بل تُركز السلطة والثروة في أيدي قلة قليلة من النّاس، وهذا واضحٌ في كلام ماديسون (واضع الدستور الأمريكي)، حيث قال: "يجب أن يكون لملاك الأراضي حصةٌ في الحكومة، من أجل دعم مصالحهم الّتي لا تقدر بثمن، ومن أجل تحقيق التوازن في المجتمع. يجب حماية الأقلية من الأغلبية"، وواضحٌ في وصف الديمقراطي (روبرت بيرد) لبلاده الديمقراطية بأنّها: "إدارة الأثرياء من قبل الأثرياء وللأثرياء،... واليوم أبكي على بلدي". في الديمقراطية الحديثة، فإنّه بدلا من أصحاب الأراضي يكون رجال الأعمال وأصحاب الأملاك والشركات والصناعيون والأسر السياسة هم المهيمنين على البلاد.

 

تركيز الثروة بسبب الديمقراطية

 

إنّ تركيز الثروة في أيدي هؤلاء يتمّ من خلال التشريعات الّتي يضعها البشر في ظل الديمقراطية، والعائلات السياسية تجني ثروتها من خلال اغتصابها لمصادر المجتمع من العائدات الضخمة فيه، وخصوصاً من أملاك الدولة والممتلكات العامة، من مثل تصنيع الأسلحة والقطاع المصرفي وقطاع الطاقة، وبسبب وجود سلالات حاكمة كبيرة من الرأسماليين في أمريكا وبريطانيا وفرنسا، فإنّ هنالك تركيزاً هائلاً للثروة، بحيث تتركز90٪ من الثروة في أيدي أقل من 5٪ من النّاس. وفي الهند مثلاً، فإنّ الديمقراطية الّتي استمرت أكثر من سبعين عاماً، أفرزت نخبةً من الأثرياء "براهمة" على حساب الغالبية المسحوقة، الّتي يلجأ الكثير منها إلى الانتحار بسبب الفقر.

 

الديمقراطية في باكستان

 

في باكستان أيضاً، فإنّ السياسيين ينفقون عشرات الملايين من الروبيات كاستثمارٍ لزيادة ثرواتهم بعد انتخابهم، ولذلك يصحّ أن نقول عن الديمقراطية، إنّ "السلطة والسلطة المطلقة فيها فاسدتان"، فباستخدام الديمقراطية تمّ وضع القوانين لخدمة مصالحهم التجارية الشخصية، وتأمين نصيبهم من عائدات الضرائب، وهؤلاء الخونة يقومون من خلال الديمقراطية باغتصاب حقوق النّاس من أجل تأمين مصالح الكافر المستعمر؛ فعلى سبيل المثال، تجبر الحكومة المزارعين المحليين على استخدام البذور والأسمدة باهظة الثمن، بينما تقدم التسهيلات للشركات الزراعية الأجنبية الكبيرة، أمّا فيما يتعلق بالطاقة، فإنّ المؤسسات المالية الاستعمارية ترفض تمويل محطات توليد الطاقة ما لم تكن تعمل على الفحم المستورد... وهكذا، فإنّه وبفضل الديمقراطية، جمع الخونة في القيادة العسكرية والسياسية ثروةً ضخمةً أثناء وجودهم في مناصبهم، في الوقت الّذي تغرق فيه باكستان في البؤس الاقتصادي والإذلال السياسي من أجل الأمريكان.

 

من الهراء القول بأنّه ينبغي إمهال الديمقراطية الوقت للقيام بما يلزم

 

ومن الهراء القول بأنّه ينبغي إمهال الديمقراطية الوقت للقيام بما يلزم، لأنها لن تقوم إلا بخدمة مصالح نخبةٍ صغيرةٍ، وحرمان بقية الجماهير من أبسط حقوقهم، ومن السذاجة تمني الخير من هذا النظام، حتى بعد ست انتخابات أخرى، وعندما تظهر وجوه هذه النخبة الديمقراطية لبضعة أسابيع خلال الانتخابات، بعد أن سلبوا الشعب ثروته الكبيرة خلال عدة سنوات، فإنّهم سيعدونكم بإنشاء بعض الطرق أو بناء بعض المدارس من أجل تأمين أصوات انتخابية للاستمرار في السلب والنهب في البلاد. بالطبع فإنّ الدول الغربية ستؤيد بحماس وتموّل بسخاء الديمقراطية في باكستان، فالديمقراطية هي الّتي توفر للغرب الإمدادات من الخونة الفاسدين الّذين يسنّون التشريعات لمصالح استعمارية، في حين تضطهد الديمقراطية المسلمين وتبقيهم في العوز حتى يظلوا عاجزين عن الانتفاض على النظام. إنّ من يصوّت من المسلمين يقول بأنّه يصوت لصالح "الأقل سوءاً" أو لاختيار اللص الكبير على اللص الأكبر!

 

الدولة الإسلامية لا تقمع الشعوب ولا تحرمهم من حقوقهم

 

إنّ الأمة الإسلامية تؤيد نظام الإسلام، وكما كان واضحاً في السنوات الأخيرة، فإنّ الأمة تسعى إلى عودة الخلافة والإسلام. على النقيض من الدول النصرانية، فإنّ الدولة الإسلامية لا تقمع الشعوب ولا تحرمهم من حقوقهم، فلقد كانت الخلافة على مدار قرون عدة من الزمن منارةً للبشرية في الصناعة والزراعة والطب والعلوم، ونموذجاً عادلاً في توفير حقوق النّاس ورعايتهم بغض النّظر عن الدين والمذهب والجنس، حتى إنها كانت ملاذاً للاجئين في العالم، مثل اليهود الّذين فروا من اضطهاد النصارى في إسبانيا في القرن الخامس عشر ميلادي... وهكذا، فإنّه على عكس الشعوب النصرانية، ليس للمسلمين حاجة للديمقراطية كبديلٍ فاسدٍ عن حكمٍ ديني ثيوقراطي عفن.

 

الخلافة تحفظ مصالح جميع النّاس، بغضّ النظر عن العرق أو الدين أو الجنس

 

 الإسلام لا يقرّ أبداً بالديمقراطية، والمسلمون يعتقدون بعقيدة "لا إله إلا الله" الّتي تعني أنّ الله سبحانه وتعالى وحده صاحب الحكم على الأفعال بالصواب والخطأ، في حين إنّ الديمقراطية والدكتاتورية قامتا على أساس أنّ لا إله إلا الإنسان، ولا شيء يستحق العبادة إلا الإنسان، والعقل البشري مصدر الحكم على الأفعال بالصواب والخطأ، على الرغم من قصوره في المعرفة، وتناقضه في الحكم على الأمور، كما وتضفي الديمقراطية والديكتاتورية - التي تهمل شئون الناس - الشرعية على قمع الآخرين من خلال سنّ القوانين.

 

لقد أعطت الديمقراطية الناس خيار طاعة الله سبحانه وتعالى أو معصيته، ولكن في ظل دولة الخلافة، يعيش المسلمون وفقاً للأوامر والنواهي المنصوص عليها في الإسلام، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً﴾، والديمقراطية جعلت السيادة لمجموعةٍ من الرجال والنساء وأعطتهم صلاحية سنّ القوانين وفقاً لأهوائهم ورغباتهم، ولكن في ظل دولة الخلافة، يسعى المسلمون إلى إرضاء الله سبحانه وتعالى فقط، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾.

 

بإلغاء الديمقراطية، وبإقامة دولة الخلافة، تصبح للعدالة في المجتمع قيمةٌ حقيقية

 

من خلال إلغاء الديمقراطية، فإنّ الخلافة تضمن العدالة والإنصاف لجميع الرعايا، كما جاء في مقدمة الدستور لدولة الخلافة لحزب التحرير في المادة رقم 1: "العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له، وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية". وفي حديث عبادة بن الصامت في البيعة: «وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» (البخاري).

 

محكمة المظالم

 

قال الله تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِر﴾. بإلغاء الديمقراطية، وبإقامة دولة الخلافة، تصبح للعدالة في المجتمع قيمةٌ حقيقية، وإلا فإنّ الديمقراطية ستستمر في تأمين مصالح نخبةٍ صغيرةٍ تقمع الشعب أكثر فأكثر، أمّا نظام دولة الخلافة، فإنّه يضمن أن تكون السيادة لله سبحانه وتعالى وحده، فلقد فرض الإسلام على الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاسبة الحاكم، فالأمة تساند الخليفة وتحميه، كما تحاسبه إن خالف الإسلام، وتطيح به إن هو نبذ الإسلام، كما ذُكر في مقدمة الدستور لدولة الخلافة، في المادة رقم 24: "الخليفة هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان وفي تنفيذ الشرع"، كذلك يتمّ وضع محكمة المظالم في دولة الخلافة للتحقق من أيِّ تجاوز في الحكم من الخليفة أو ولاته، كما يمكنها التحقيق في أيِّ ضررٍ يمكن أن يحصل، وليس من الضروري أن تُنتظر شكوى للشروع في التحقيق، كما ورد في مقدمة الدستور، في المادة رقم 41: "محكمة المظالم وحدها هي التي تقرر ما إذا كانت قد تغيرت حال الخليفة تغيراً يخرجه عن الخلافة أم لا، وهي وحدها التي لها صلاحية عزله أو إنذاره"، وفي المادة رقم 87، "قاضي المظالم هو قاض ينصب لرفع كل مَظْلِمَة تحصل من الدولة على أي شخص يعيش تحت سلطان الدولة، سواء أكان من رعاياها أم من غيرهم، وسواء حصلت هذه المظلمة من الخليفة أم ممن هو دونه من الحكام والموظفين"، وأيضاً فإنّه ليست من صلاحيات الخليفة التدخل في المظلمة، إن كان هو نفسه قيد المساءلة، ولا يُسمح له بعزل قاضي المظالم الذي ينظر في المظلمة التي عليه، كما ورد في المادة رقم 88: "يُعيَّن قاضي المظالم من قِبَل الخليفة، أو من قبل قاضي القضاة، أما محاسبته وتأديبه وعزله فيكون من قبل الخليفة أو من قبل قاضي القضاة إذا أعطاه الخليفة صلاحية ذلك. إلاّ أنه لا يصح عزله أثناء قيامه بالنظر في مظلِمة على الخليفة، أو معاون التفويض، أو قاضي القضاة المذكور، وتكون صلاحية العزل في هذه الحالات لمحكمة المظالم".

 

مجلس الأمة

 

قال رسول الله ﷺ: «أَخْرِجُوا إلَيّ مِنْكُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً، لِيَكُونُوا عَلَى قَوْمِهِمْ بِمَا فِيهِمْ»، الأعضاء المنتخبون في مجلس الأمة يوفرون ضماناً آخر لأن السيادة تكون لله سبحانه وتعالى وحده، فهم يشيرون على الخليفة حول مختلف القضايا، بما في ذلك تعيين الولاة ومساعديهم، كما ذُكر في مقدمة الدستور لدولة الخلافة، في المادة رقم 105: "الأشـخـاص الذين يمثلون المسلمين في الرأي ليرجع إليهم الخليفة هم مجلس الأمة، والأشخاص الذين يمثلون أهل الولايات هم مجالس الولايات. ويجوز لغير المسلمين أن يكونوا في مجلس الأمة من أجل الشكوى من ظلم الحكام، أو من إساءة تطبيق أحكام الإسلام"، وهذه هي إحدى واجبات مجلس الأمة، الّتي ذُكرت في المادة رقم 111: "للمجلس الحق في محاسبة الخليفة على جميع الأعمال التي تحصل بالفعل في الدولة سواء أكانت من الأمور الداخلية أم الخارجية أم المالية أم الجيش أم غيرها، ورأي المجلس ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه ملزماً، وغير ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه غير ملزم"، وأيضاً: "للمجلس الحق في إظهار عدم الرضا من المعاونين والولاة والعمال ويكون رأيه في ذلك ملزماً، وعلى الخليفة عزلهم في الحال".

 

الأحزاب السياسية القائمة على أساس العقيدة الإسلامية

 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُنْ منكُمْ أمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ويَأمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولئكَ هُمُ المُفْلِحُون﴾، إضافةً إلى أنّ وسائل الإعلام المستقلة، والأحزاب السياسية القائمة على أساس العقيدة الإسلامية مصادر أخرى لتوجيه ومساءلة للخليفة، فقد ورد في مقدمة الدستور لدولة الخلافة، في المادة رقم 21، "للمسلمين الحق في إقامة أحزاب سياسية لمحاسبة الحكام، أو الوصـول للحـكم عن طريق الأمة على شرط أن يكون أساسها العقيدة الإسلامية، وأن تكون الأحكام التي تتبناها أحكاماً شرعية، ولا يحتاج إنشاء الحزب لأي ترخيص ويمنع أي تكتل يقوم على غير أساس الإسلام".

 

 

 

التاريخ الهجري :29 من شـعبان 1443هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 01 نيسان/ابريل 2022م

حزب التحرير
ولاية باكستان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع