بسم الله الرحمن الرحيم
على كل راغبٍ في الاستقلال عن أمريكا العملُ لإقامة الخلافة على منهاج النبوة
يتّسع نطاق النقاش وتضطرب الآراء بين مختلف الشرائح في جميع أنحاء البلاد، حول انهيار قيمة الروبية أمام الدولار الأمريكي، واستخدام الطائرات الأمريكية بدون طيار المجال الجوي الباكستاني، وحول إمكانية باكستان في أن تصبح مستقلة حقاً، في الوقت الذي تتكبد فيه خسائر كبيرة في اقتصادها وتعليمها وصحتها وأمنها، وقد أصبحت الأعذار والمزاعم طويلة الأمد للقيادة السياسية والعسكرية الحالية لباكستان - والتي تحكم بغير الإسلام - مكشوفةً لدى الجميع، فقد زعمت القيادة على مدى عقود أنه يجب علينا طاعة الأمريكيين، لأننا لن نستطيع الصمود بدون دولاراتهم، ومن ثم فقد دعمت الاحتلالَ الأمريكي منذ عام 2001م، ثم تخلّت عن كشمير المحتلة منذ عام 2003م، وبلغت ذروة شرّها بالتنازل عن كشمير المحتلة لمودي في آب/أغسطس 2019م، وعلى مدار سنوات عديدة، ولغاية الآن، مُنحت الطائرات الأمريكية بدون طيار حرية استخدام المجال الجوي الذي يمتد فوق منشآتنا العسكرية الحساسة، بينما هم يحرضون على عدم الاستقرار على خط دوراند. لقد انحازت القيادة إلى الجانب الأمريكي لعقودٍ من الزمان، وفرّطت في أمننا واقتصادنا، وظلّ وضعنا يزداد تردّياً بينما تصر القيادة على أنه ليس لدينا خيارٌ آخر!
إن القيادة الباكستانية هي المسؤولة عن اعتماد الاقتصاد على الدولار في المقام الأول، وربط عملتنا وتجارتنا به بدلاً من الذهب والفضة، وهي التي لم تؤسس لصناعة ثقيلة في البلاد تمكّننا من صناعة الآلات والمحركات الخاصة بنا وبالتالي ننهي الحاجة للواردات باهظة الثمن، وهي التي لم تقِم نظام الخلافة لتوحيد بلاد المسلمين الغنية بالطاقة، لنستغني بذلك عن واردات نفطية باهظة الثمن... وهكذا تسقط القيادة المطرقة على أقدامنا ثم تقول إننا مكرهون على العرج! ألم يحن الوقت لكي نتحرك؟ أو للتفكير بجدية في تنصيب قيادة جديدة تحكم بالقرآن الكريم والسنة النبوية؟ من المعروف لنا جميعاً أن باكستان - وكذلك بقية بلاد العالم الإسلامي - قد أنعم الله عليها بمختلف أنواع الكنوز، بما في ذلك الطاقة والمعادن والأراضي الزراعية والشباب... لذلك كان كل ما يتطلبه الأمر لتحسين وضعنا هو قيادة مخلصة لنا ولديننا العظيم، وبدون هذا لا يمكننا توقّع سوى الخراب.
بعد عقود من القروض الربوية والاتفاقيات مع المؤسسات الاستعمارية وصندوق النقد والبنك الدوليين، ما الذي قدمته لنا القيادة الباكستانية؟ لقد حوّلت اقتصادنا إلى بقرة حلوب لأولئك الذين يتعاملون بالربا، فيتم إنفاق معظم عائدات الضرائب الباكستانية الآن على الربا، بينما ترتفع ديون باكستان بسبب لعنة الربا، ففي عام 1971م كانت ديون باكستان 30 مليار روبية، ولكن منذ 2021م تجاوزت الـ40 ألف مليار روبية! وهكذا، فإن الذين يقرضون بالربا، ولا سيما المؤسسات الاستعمارية الدولية، يستنزفون مقدرات البلاد. إنّ القيادة الحالية ليست سوى وكيلة لأمريكا، ولا تهتم إلا بنصرة أمريكا وبعروشها، ولا تخشى حرباً من الله عز وجل ورسوله ﷺ من خلال الإصرار على كبيرة الربا.
علاوة على ذلك، تكون الديون المتزايدة مصحوبة بمطالب استعمارية مهلكة ومعطِّلة، تقوم القيادة الباكستانية بتنفيذها بغضّ النظر عن معاناتنا، وموظِّفة في سبيل ذلك طاقاتنا ومواردنا المعدنية وعائدات كبيرة من خزينة الدولة تُدرّ في جيوب الشركات الخاصة، كما تزيد القيادة الضرائبَ وتحدد الإعانات وتشلّ صناعتنا وزراعتنا، وهي المسؤولة عن الضعف المستمر للروبية، الذي يجرّنا إلى عاصفة تضخم لا رحمة فيها. من الناحية الاقتصادية، من الواضح أن هناك أزمة في القيادة، لن يتم حلّها إلا من خلال النظام الاقتصادي في الإسلام، أي دولة الخلافة الراشدة.
أما التحالف العسكري مع أمريكا فهو كارثيٌّ على باكستان، حيث تعتمد الأسلحة الباكستانية بشكل مخيف على الإمدادات الأمريكية، ويتم التحكم بعملاء أمريكا وتجنيدهم من خلال التدريب العسكريّ الأجنبي، ويتم الكشف عن الأسرار العسكرية من خلال التواصل العسكريّ الوثيق، وينحرف التحالف بأكمله نحو القوة الاستعمارية الكبرى (الولايات المتحدة) ما أدّى إلى استغلال المجال العسكري والاستخباراتي والجوي الباكستاني لتحقيق أهدافٍ إقليمية للولايات المتحدة، ولا يجدي استبدال قوة استعمارية كبرى أخرى (مثل روسيا أو الصين) بالقوة الاستعمارية الكبرى حالياً (الولايات المتحدة)، لأن المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ واحدٍ مرتين! كما أنه لا يكفي الندم على الخيانة والخذلان المتكرر للولايات المتحدة، كما حصل في حرب عام 1965م، وحرب عام 1971م، وها هي الآن تعمل على تعزيز مكانة الهند كقوة مهيمنة إقليمية.
بينما يتبنّى الإسلام رؤيةً عسكريةً واسعةً لتحرير بلادنا المحتلة وفتح بلاد جديدة أمام رحمة الإسلام وعدله، فإنّ القيادة الحالية ضمنت انقسامنا وإضعافنا أمام أعدائنا، من خلال التمسك بالدولة القومية والنظام الدولي الغربي. لقد حُرم جيشنا ومخابراتنا من دورهم البطولي الحقيقي، وتحوّلوا إلى أداة لحماية عرش القيادة الفاسدة في مواجهة غضبنا المتزايد. الواقع أن دولة الخلافة هي وحدها التي ستكون لها سياسة خارجية وداخلية مستقلة قائمة على الإسلام، تنهي سيطرة الأمريكيين علينا، والخلافة هي التي ستقوّي العالم الإسلامي بتوحيده في ظل دولة واحدة، وستنهي التحالف مع الدول المعادية (مثل الولايات المتحدة) وتتعامل معها على أساس الحرب، وسوف تُنشئ الخلافة صناعةً ثقيلة كبيرة لإنهاء الاعتماد على الأسلحة الأجنبية، كما ستنهي الخلافة جميع أشكال التعاون والتواصل الحسّاس مع الأعداء اللدودين للإسلام والمسلمين.
أيّها المسلمون في باكستان! لنعمل مع حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة حتى يكون علينا حكام يحكموننا بما أنزل الله ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، إن إقامة الخلافة على منهاج النبوة لن تكون إلا من خلال نصر الله سبحانه وتعالى للذين آمنوا وعملوا من أجل دينه، لذلك اعملوا مع حزب التحرير من أجل إقامة دين الله كدستور حياة وفي الدولة، ولن يكون هناك تغييرٌ حقيقي حتى تُقام الخلافة على منهاج النبوة، من خلال حركة يقودها حزب التحرير.
أيّها المسلمون في القوات المسلحة الباكستانية! لقد طلب رسول الله ﷺ بنفسه النصرة للدين من أهل الحرب، وقد كان يسألهم «فَهَلْ عِنْدَ قَوْمِكَ مِنْ مَنَعَةٍ؟»، وبعد بيعة العقبة الثانية على النصرة، أصبحت يثرب المضطربة هي المدينة المنورة المُهابة، وأصبحت نواة دولة امتدت بعد ذلك بالجهاد والدعوة إلى الإسلام إلى القوة العالمية الكبرى في ذلك الوقت، ودخلت الشعوب في دين الله أفواجا عن طيب خاطر. أعطوا نصرتكم الآن لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فالنصرة هي واجبكم الشرعي يا جنود الله، فأعطوها الآن لحزب التحرير.
التاريخ الهجري :14 من محرم 1444هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 12 آب/أغسطس 2022م
حزب التحرير
ولاية باكستان