بسم الله الرحمن الرحيم
في شهر الطاعات والانتصارات
انشغلوا أيها المسلمون بفرض استئناف الحياة الإسلامية
إن الله سبحانه وتعالى قد جعل لهذا الشهر المبارك؛ شهر رمضان المعظم، فضلاً وأي فضل، ففيه أنزل القرآن يقول الله سبحانه وتعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185)، وجعل الله فيه تكفير ذنوب العام المنصرم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (صحيح البخاري)، وفي رواية مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «... وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ»، ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: «أتاكم رمضان شهر بركة ، فيه خير يغشيكم الله فيه، فتنزل الرحمة، وتحط الخطايا، ويستجاب فيه الدعاء، فينظر الله إلى تنافسكم، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل». وهو شهر تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب جهنم، وتصفّد فيه الشياطين، روى البخاري ومسلم عن ابن أَنَسٍ مَوْلَى التَّيْمِيِّينَ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ»، وجعل الله سبحانه وتعالى العمرة فيه تعدل حجة، عَنْ وَهْبِ بْنِ خَنْبَشٍ قَالَ: قَالَ: رَسُول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» رواه بن ماجه. ولله عتقاء من النار في كل ليلة فأيُّ فضلٍ فوق هذا الفضل.
إننا في حزب التحرير - ولاية السودان، إذ نذكّر أمتنا بهذا الشهر إنما نصل حاضر هذه الأمة بماضيها المشرق، ونذكرها كيف أن المسلمين الأوائل جعلوا من هذا الشهر موسماً للطاعات والانتصارات وعظائم الأعمال، وكما كانت فيه معركة بدر الكبرى في بدء الدعوة في 17 رمضان من السنة الثانية للهجرة؛ التي فرّقت بيت الحق والباطل وجعلت المسلمين يستشرفون عهداً جديداً تدين فيه كل جزيرة العرب بالإسلام، كانت فيه معركة وادي برباط في أرض الأندلس المغتصبة وكانت يوم 28 رمضان سنة 92 هـ، واستمرت مدة ثمانية أيام قبل أن ينزِّل الله سبحانه وتعالى نصره على قلةٍ من المسلمين، لينتصر 12 ألف مسلم على جيش أوروبا، كل أوروبا، الذي كان تعداده 100 ألف مقاتل، إذ استنفره بابا الفاتيكان وزعم أنه قد غفر لهم ذنوبهم، فجاؤا يحملون الحبال على البغال ليأخذوا المسلمين عبيداً، فكان النصر في شهر الانتصارات للمسلمين وقائدهم طارق بن زياد، نصراً مؤزاً، جعل المسلمين يتقدمون ليصبحوا على بعد 30 كيلومتراً من باريس الكفر؛ ماخور البغاء؛ التي هي في أقصى شمال فرنسا.
ومن انتصارات المسلمين في هذا الشهر، فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، وفتح عمورية (أنقرة) في 7 رمضان سنة 223هـ، نصرةً لامرأة واحدة من نساء المسلمين، وكان فتح أنطاكية على يد الظاهر بيبرس في 12 رمضان 666هـ، ومعركة عين جالوت التي هزم فيها المسلمون بقيادة قطز التتار في 25 رمضان 658هـ وغيرها، هذا غيض من فيض بطولات المسلمين وعظائم أعمالهم في شهر رمضان، فكانت الطاعات والانتصارات، فهلا جعلنا من إطلالة هذا الشهر الفضيل موسماً للطاعة نرجع فيه إلى الله سبحانه وتعالى فينزل علينا نصره، يقول تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، ولا يكون الرجوع بالتقرب إليه سبحانه وتعالى فقط بالعبادات والإكثار من المندوبات وإن كان في ذلك خير، بل يكون الرجوع على بصيرة من الأمر، بترك الحرام والقيام بالفروض التي من أجلّها وأعظمها فرض العمل لاستئناف الحياة بمبدأ الإسلام العظيم؛ الذي لا يمكن أن يتحقق إلا بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي بشّر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبهذا الفرض يُوجَد الإسلام كاملاً في عقيدته وشريعته وسائر أنظمته في كل حياتنا، ونحقق العبودية لله سبحانه وتعالى وحده، ويطابق عملنا قولنا " لا إله إلا الله محمد رسول الله". أما الأدلة على فرضية الخلافة فقد تضافرت من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة يقول الله سبحانه وتعالى: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} (المائدة: 48)، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، وقد أجمع صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على لزوم إقامة خليفة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد إنتقاله للرفيق الأعلى فكان سيدنا أبوبكر الصديق ومن بعده سيدنا عمر بن الخطاب ثم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين.
أيها المسلمون:
إننا في حزب التحرير - ولاية السودان، نذكركم بأنه لا بد لكم من خلع المعاصي على أبواب هذا الشهر الفضيل، وعلى رأس هذه المعاصي التي يجب أن نخلعها عن رقابنا لنكون خالصين لله العلي القدير؛ معصية القعود عن العمل لإقامة الخلافة الراشدة؛ التي يكون إسقاط إثمها :
من أهل القوة والمنعة بأن يجعلوا من هذه القوة التي حباهم الله، نصرةً لله ورسوله والمؤمنين، فيكونوا كأصحاب بيعة العقبة من الأنصار الذين أنزل الله سبحانه وتعالى فيهم قرآناً يُتلى إلى يوم الدين، يقول جل شأنه: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، وذلك يكون فقط بأن يستخدموا هذه القوة في رد سلطان الأمة المغتصب، لتعقد البيعة لرجل منها خليفة للمسلمين، فإن وفّوا ذلك فلهم الجنة، وإلا باءوا بغضب من الله عظيم.
- من شرائح المجتمع الحية الفاعلة من طلاب وشباب وغيرهم، الذين يجب عليهم أن يقبلوا على حلقات حزب التحرير هذا، يتعلمون مبدأ الإسلام؛ عقيدته وأحكامه؛ بوصفه سلاح التغيير الوحيد مقتدين بصحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، الذين أسلموا وانضموا لكتلته في ريعان شبابهم؛ ففهموا الإسلام حق الفهم، وأصبحوا من حملة دعوته بلسان المقال ولسان الحال، حيث أصبحوا إسلاماً يمشي بين الناس، فهذا سيدنا علي بن أبي طالب عمره ثماني سنوات، والزبير بن العوام عمره ثماني سنوات، وسعد بن أبي وقاص عمره سبع عشرة سنة، وجعفر بن أبي طالب عمره ثماني عشرة سنة، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.
- من المسلمين الذين لا يتمكنون من الدخول في الحزب والانتظام في حلقاته، فإن الواجب عليهم أن يكونوا عوناً ونصرةً للعاملين، فيقبلوا على ثقافة حزب التحرير؛ كتبه ومنشوراته، وندواته ومحاضراته ومسيراته، فيكّثروا السواد، ويغيظوا الكفار والمنافقين، ويُروا الله من أنفسهم خيراً.
{هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الألْبَابِ}
التاريخ الهجري :1 من رمــضان المبارك 1429هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 01 أيلول/سبتمبر 2008م
حزب التحرير
ولاية السودان