بسم الله الرحمن الرحيم
نداء من حزب التحرير / ولاية السودان
إلى رواد المساجد؛ بيوت الله في الأرض
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾، ويقول الحبيب المصطفى r: «إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ» رواه أحمد.
أيها الجمع الكريم، رواد المساجد، بيوت الله في الأرض:
يا من شهد لكم الله سبحانه وتعالى بالإيمان، ألا فلتعلموا أن الله سبحانه وتعالى كما أمركم بالصلاة فلبيتم النداء، كذلك أمركم بالحكم بشرعه القويم، الذي أرسى قواعده نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وسار على نهجه من بعده خلفاؤه الراشدون، والذين جاءوا من بعدهم، حتى هدم الكافر المستعمر دولة الإسلام، ومزّق بلاد المسلمين، وأبعد الإسلام عن الحكم والسياسة، فصارت أنظمة الحكم في بلاد المسلمين مسخاً مشوهاً، لما عند الكفار الغربيين، فعم الظلم، واستشرى الفساد، وضاق الحال بالناس، فخرجوا يطالبون بالعدل والعيش الكريم.
أيها المؤمنون: بين يدي هذا الحراك الذي ينتظم أهلنا في هذا البلد، لا بد لنا، ونحن رواد المساجد، الذين شهد لنا المولى سبحانه وتعالى بالإيمان، أن تكون لنا كلمة، وأن يكون لنا موقف واضح على أساس الإسلام، لا على أي أساس آخر، وهذا يستدعي أن نُؤمِّن على حيوية هذه الأمة الكريمة، التي لا ترضى الظلم، فالذين خرجوا ضد الظلم والفساد بالطريق السلمي، نبارك لهم هذا المسعى، ولا بد من توجيه الشباب الثائرين، الرافضين للظلم، الوجهة الصحيحة؛ وهي المطالبة بتطبيق الإسلام، فهو وحده الذي يخلص الأمة مما هي فيه من جور وعسف، ولا بد أن يكون واضحاً لنا جميعاً، أن الدولة التي تطبق الإسلام هي الخلافة ليس غير، هكذا قال الحبيب r: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» مسلم.
إن الأصوات التي ارتفعت، وتدعمها آلة إعلامية موجهة تطالب بالتغيير على غير أساس الإسلام؛ العلمانية؛ أي فصل الدين عن الحياة، رداً لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾... وبالديمقراطية؛ أي تشريع البشر، رداً لقوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾... وبمساواة المرأة بالرجل، وغيرها من مفاهيم الحياة الغربية، هذه الأصوات النشاز قولها مردود، لقوله r: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» وفعلها إنما هو تكريس للأوضاع الباطلة نفسها.
إن التغيير يجب أن يكون على أساس عقيدة الإسلام، تغييراً حقيقياً يرفع الظلم، ويعيد ضبط بوصلة الحياة، إرضاء لرب العالمين، وتحقيقاً للحياة الآمنة المطمئنة للناس أجمعين بتطبيق الشريعة الإسلامية في ظل دولة الخلافة، والذي هو كائن، بمبايعة أهل الحل والعقد لرجلٍ، خليفة للمسلمين، نيابة عن الأمة صاحبة السلطان، فيتحقق الآتي:
أولاً: تحقيق معنى العبودية لله وحده، وإرضاء رب العالمين، بتطبيق شرعه، وإقامة حكمه في الأرض، استجابة لأمره القائل سبحانه: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾. وعندها يُستبدل تشريع رب البشر الذي يؤسس لحياة طيبة، بتشريع البشر الذي جلب لنا ضنك العيش.
ثانياً: تأسيس دولة الرعاية التي تعظم حرمات الرعية؛ حرمة النفس وحرمة الدماء، وحرمة الأعراض، وحرمة البيوت، وحرمة الأموال، وغيرها، فدولة الرعاية تعمل في هذه الحرمات، وفي جميع أنظمة الحياة بأحكام الإسلام وتشريعاته التي توجد العدل والطمأنينة.
ثالثاً: رفع أغلال الجبايات التي وضعها الكافر المستعمر على أموال الناس، وسار عليها عملاؤه من حكام المسلمين الذين ورثوا الحكم عنه، فلا جمارك تُفرض على بضائع التجار من رعايا الدولة، ولا ضرائب غير مباشرة على السلع والخدمات، ولا رسوم محاكم ولا جبايات على رعاية الشئون مطلقاً لأن كل ذلك ظلم وحرام أخذه، فكل ذلك من أسباب الغلاء، والفقر، والبطالة.
رابعاً: ستقطع الخلافة يد الغرب الكافر، وسلطان جميع مؤسساته خاصة الربوية منها، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما، قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.
خامساً: محاسبة كل من ظلم، وأفسد في الأرض، وفق أحكام الإسلام، وإرجاع كل مال أُخذ بغير وجه حق لبيت مال المسلمين.
سادساً: إدارة ثروات البلاد لصالح أهلها، وتمكين الناس من الزراعة، والصناعة، والتجارة، دون أخذ أموال منهم، إلا ما فرضه الشرع بأحكام ثابتة، بل تقوم الدولة بإعانتهم، فتتفجر طاقات الأمة، وتحقق أمنها الغذائي، ويفيض خيرها على العالمين.
سابعاً: إشباع الحاجات الأساسية من مأكل، وملبس، ومسكن، لكل فرد من أفراد الرعية، وتوفير الأمن، والتطبيب، والتعليم، بالمجان لمجموع الرعية.
وبالجملة تقوم الخلافة برعاية شئون الناس وفق أحكام الإسلام، فيتحقق العدل، وتعم الطمأنينة، ونعود خير أمة أُخرجت للناس.
إن حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، ظل معكم وبينكم، يدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لم يرفع ذلك مجرد شعارات، بل فهماً عميقاً لأحكام الإسلام وأنظمته، في شتى مجالات الحياة، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها، وقد وضع الحزب مشروع دستور لدولة الخلافة، مستنبطاً من الوحي باجتهاد صحيح.
أيها المؤمنون: ارفعوا أصواتكم عالية، للمطالبة بتطبيق أنظمة الإسلام، وشريعته، وكونوا في مقدمة صفوف العاملين للتغيير الحقيقي، إبراءً للذمة، وأملاً في حياة طيبة، ملؤها الطاعة، والعزة، وحمل الخير إلى العالمين، وذلك إنما يتحقق بالخروج من ربقة الحكم الجبري، والدخول في حكم الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
يا أهل القوة والمنعة؛ من رواد المساجد، بيوت الله في الأرض: إن الواجب في حقكم، والذي يرفع الإثم عن أعناقكم، ليس مجرد رفع الصوت، والمطالبة بتطبيق الإسلام، ولا تعلّم الإسلام وتعليمه، بل الواجب في حقكم هو نصرة دين الله وشريعته، بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وتمكين المخلصين من تطبيق أنظمة الإسلام، فتفوزوا بلقب الأنصار، وعظيم أجرهم، الذين مدحهم الله بقوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، فتُخلّدوا في صحائف التاريخ، بمداد من نور، فأنعِم به من شرف، وكرامة، وقربة إلى الله.
﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
التاريخ الهجري :19 من جمادى الأولى 1440هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 25 كانون الثاني/يناير 2019م
حزب التحرير
ولاية السودان