بسم الله الرحمن الرحيم
لطالما وُجد أصدقاء أمثالكم فلا حاجة إذاً للأعداء!
عُقد في اسطنبول يوم الأحد بتاريخ 1 نيسان 2012 الاجتماع الثاني لـ"أصدقاء سوريا" بمشاركة 83 دولة من بينهم وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وفرنسا، وكان قد سبقه الاجتماع الأول الذي عُقد في تونس. هذا الاجتماع الذي كانت جهات عديدة تعلق عليه آمالا كثيرة انطبقت عليه المقولة المشهورة "تمخض الجبل فولد فأراً". وأهم قرار صدر عن هذا الاجتماع هو اعتبار المجلس الوطني السوري الممثِّل الشرعي للشعب السوري. إن هذا الاجتماع يُعد إحدى خطوات خارطة الطريق التي رسمتها أمريكا بخصوص الحل المتعلق بالقضية السورية، وكذلك يُعتبر إحدى المراحل التي ستهيئ أرضية لهذا الحل. إن هذا الاجتماع بحد ذاته وباسمه هذا "أصدقاء سوريا" ليُعتبر أوضح دليل على أنه لم يتم تحضيره من قبل المسلمين؛ لأن الشعب السوري هو أخٌ للمسلمين قبل أن يكون لهم صديقا أو صاحبا.
والهدف من ذلك كله هو محاولة تغيير نظام بشار الأسد بشكل سلمي دون استخدام الحل العسكري. لهذا السبب فإنه سيتم توحيد المعارضة السورية تحت لواء واحد وتعزيز موقف المعارضة وإضفاء الشرعية عليها، وكذلك (بعد مؤتمر اسطنبول) سيتم استئناف المحادثات بين المعارضة والسلطة -المزعومة- من خلال الوسطاء الدوليين (خطة عنان). وبعد هذا كله سيتم إجراء انتخابات عندما تنتهي المحادثات المتوقعة حيث سيتم اقتسام السلطة كما يُعبر عنها في أيامنا هذه تحت مسمى إعطاء المعارضة شيئا من السلطة في النظام القائم، وبهذا ستكون كل الدماء الزكية التي سفكت قد ذهبت هباءً منثورا. هذه هي خطة أمريكا المتعلقة بسوريا.
إن إردوغان الذي طار إلى إيران بعد لقائه بـ"أوباما" في سيئول لتنفيذ خطة أمريكا المتعلقة بسوريا بالاتفاق مع إيران هو أول من أشار إلى إمكانية الحل عبر صناديق الاقتراع؛ حيث عبر عن ذلك بعد عودته من زيارته إلى إيران قائلا: "إذا استطاعت إيران أن تجعل عملية الانتخابات جارية في غضون ستة أشهر فإن الاضطرابات ستقل، كما أن مشكلة الدستور والبرلمان والرئاسة ستُحل. ونحن بدورنا سنتحدث مع المعارضة." وما اجتماع اسطنبول إلا جزء من الدور الذي أوكل إلى تركيا ضمن هذه الخطة. منذ ما يزيد على السنة وآلاف المسلمين هناك يُقتلون دون رحمة ويُسجنون ويُعذبون وتُهدم البيوت على رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال والشيوخ، ومع هذا كله يطلع علينا رئيس الوزراء إردوغان ليقول: "سنتريث إذا ما قام الأسد بخطوة إيجابية" ويقول أيضا: "لابد أن تكون الانتخابات شفافة وعادلة ومنفتحة على الرقابة الدولية." فبالرغم من أعمال القتل الوحشية التي تجري هناك فإنه ما زال يدعو إلى "سوريا الديمقراطية" وإلى اعتبار الميثاق القومي المزعوم مرجعا أساسيا.
إردوغان الذي عبَّر اليوم عن نظرته بأنه يتريث، كان يقول في بداية الأحداث بحماس واندفاع: "إذا مرت مأساة حماة من دون حساب فإن حمص لن تمر بدون حساب...لن نسمح أن تحدث مأساة حماة جديدة." فبالرغم من أقواله هذه هل استطاع أن يوقف حمام الدم منذ ذلك اليوم وإلى الآن؟ وما هي الأشياء التي حاسب عليها؟ إذ إنه لم يكتف فقط بعدم مساعدة الشعب السوري بل اعترف بنفسه في الأيام القليلة الماضية عن عجزه معرفة مصير اثنين من الصحفيين الأتراك. فكل هذه التصريحات المتناقضة تدل على التخبط الرهيب الذي يعانيه رئيس الوزراء إردوغان.
هل تركيا عاجزة عن التدخل في سوريا التي تربطنا بها روابط قرابة وأخوّة؟! حيث تحولت المجازر فيها هذه الأيام إلى حد مروّع تقشعر منها الأبدان، بينما تتدخل في العراق مرارا وتكرارا بحجة عمليات ما وراء الحدود، وهي التي ترسل قواتها العسكرية إرضاءً للكفار إلى كل مكان من أفغانستان إلى الصومال؟ وهل هي عاجزة أيضا عن التدخل ضد السفاح بشار وأزلامه؟ وهل هي عاجزة كذلك عن إيقاف حمام الدم خلال 24 ساعة؟ وكم من الناس يجب أن يقتلوا بأساليب وحشية كي تتحرك تركيا؟ تُرى ماذا يجب على تركيا اليوم أن تفعله؛ هل تكتفي باحتضان المجلس الوطني السوري تحت سقف المعارضة الوهمية بموجب مخططات أمريكا التي هي ألدّ أعداء الإسلام والمسلمين وإعطاء الـمُهل تلو الـمُهل ليستمر المجرم بشار الأسد في جرائمه مقابل إطلاق وعود فارغة؟ هل تكتفي بهذا أم إقامة الخلافة الراشدة مع مسلمي سوريا الذين هتفوا بشعارت وصدحوا بها قائلين لا نريد معونة أحدٍ إلا الله و"الشعب يريد خلافة إسلامية"؟ فهذا هو طريق الخلاص الحقيقي والحل النهائي.
قال تعالى: "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا" النساء 75
التاريخ الهجري :10 من جمادى الأولى 1433هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 02 نيسان/ابريل 2012م
حزب التحرير
ولاية تركيا